هل هو فعلاً مأزق؟ أم اختبار جديد؟ أم هو وقت تسديد ثمن وفاتورة الربيع العربي الذي ابتكرته واشنطن منذ أعوام لتغيير منطقة الشرق الأوسط حماية لمصالحها الاستراتيجية خلال العقود المقبلة؟
الغضب العارم الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وتحديداً البلدان العربية ـ سواءً صنفت من ضمن بلدان الربيع العربي أم لم تصنف ـ فإنها ليست قائمة على أساس الغضب الشعبي تجاه الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام، ومخطئ تماماً من يعتقد ذلك.. لماذا؟
على مدى أكثر من عقد، وتحديداً منذ سبتمبر 2001 بدأ الرأي العام الغربي بتخزين صور نمطية جديدة عن الولايات المتحدة، بعد أن كان خلال الفترة من 1949 ـ 2000 يركز على أن صورة واشنطن تلك الدولة التي تدعم إسرائيل في مواجهة فلسطين والدول العربية. هذه النظرة التقليدية التي ساعدت طوال نصف قرن انتهت منذ العام 2001، وصارت النظرة تجاه الولايات المتحدة قائمة على أنها بلد “عدو يسعى إلى تغيير المنطقة وإحكام سيطرته عليها لأطول فترة ممكنة بهدف حماية مصالحه القائمة على نهب الثروات الغنية التي تتوافر بهذه المنطقة تحديداً”.
ولذلك عندما جاء الفيلم الأمريكي كانت الجماهير العربية جاهزة لتنفيس غضبها تجاه الولايات المتحدة، ووجدتها فرصة للتعبير عن احتجاجها وغضبها تجاه واشنطن، فتنوع السلوك بين بيانات استنكارية، ومظاهرات احتجاجية، أو فعالية لحرق الأعلام، وتزداد تطرفاً باقتحام وحرق السفارة الأمريكية وتخريب مبناها، ويمكن أن تصل لاغتيال دبلوماسيي واشنطن كما حدث في الحالة الليبية. فضلاً عن إمكانية أن يشمل السلوك اعتداءً على بعض “الأيقونات” التي ترمز للثقافة الأمريكية مثلما حدث في تكسير مطاعم الوجبات السريعة في العاصمة اللبنانية بيروت.
أنواع السلوك السياسي احتجاجاً على واشنطن متنوع، ويمكن الخروج منه بخلاصة ونتيجة هامة، وهي أن البلدان التي شهدت ما يسمى بـ (الربيع العربي) هي التي شهدت مظاهر سلوك متطرفة ضد المصالح الأمريكية، وليست البلدان الأخرى التي لم تشهد ربيعاً عربياً، فالاحتجاج في هذا النوع من الدول كان محدوداً، وقد يكون مقبولاً في لغة الاحتجاج السياسي لأنهم لم يكن متطرفاً.
الأمر الذي يعني أن هناك إشكالية علاقة بين الدول التي شهدت تغييراً في نخبها الحاكمة خلال الربيع العربي من جهة، وواشنطن من جهة أخرى. ولذلك يمكن ملاحظة تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما قال بعد حادثة الاعتداء على سفارة بلاده في القاهرة: “مصر ليست بلداً حليفاً وليست بلداً عدواً”، وهي إشارة سياسية واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية لم تنته بعد من تقييم حكم الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما ينطبق على البلدان العربية الأخرى التي شهدت تغييراً سياسياً خلال 18 شهراً الماضية.
ردود الفعل الأمريكية والغربية تقوم على أن موجة الغضب في الشرق الأوسط تحديداً تعد “اختباراً حقيقياً لحكومات الربيع العربي”، وظهرت خلال الأيام القليلة الماضية تحليلات عديدة تؤكد المخاوف من تطور الغضب ضد الولايات المتحدة إلى الإضرار بمصالحها الاستراتيجية.
البعض أكد أهمية مراجعة قرار واشنطن الاستراتيجي بالتغيير السياسي في المنطقة، وإعادة تشكيلها لأنها قد تكون مكلفة للغاية وبشكل لن يخدم مصالح واشنطن مرحلياً أو حتى مستقبلياً.
فرص الاختلاف بعد التغيير السياسي في المنطقة مازالت غائبة لدى واشنطن، إذ يبدو أنها غير مهتمة بالنخب السياسية التي يمكن أن تظهر في المنطقة بعد التغيير الذي تحاول إحداثه. وهي فعلاً معضلة لأن النخب التي دعمتها واشنطن، أو مازالت تدعمها اليوم لتكون هي النخب الجديدة الحاكمة في المنطقة لن تكون على وئام تام مع واشنطن في حالة تعارض المصالح، أو في حالة عدم قدرتها السيطرة على الجماهير كما يحدث اليوم في بعض البلدان.
{{ article.visit_count }}
الغضب العارم الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وتحديداً البلدان العربية ـ سواءً صنفت من ضمن بلدان الربيع العربي أم لم تصنف ـ فإنها ليست قائمة على أساس الغضب الشعبي تجاه الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام، ومخطئ تماماً من يعتقد ذلك.. لماذا؟
على مدى أكثر من عقد، وتحديداً منذ سبتمبر 2001 بدأ الرأي العام الغربي بتخزين صور نمطية جديدة عن الولايات المتحدة، بعد أن كان خلال الفترة من 1949 ـ 2000 يركز على أن صورة واشنطن تلك الدولة التي تدعم إسرائيل في مواجهة فلسطين والدول العربية. هذه النظرة التقليدية التي ساعدت طوال نصف قرن انتهت منذ العام 2001، وصارت النظرة تجاه الولايات المتحدة قائمة على أنها بلد “عدو يسعى إلى تغيير المنطقة وإحكام سيطرته عليها لأطول فترة ممكنة بهدف حماية مصالحه القائمة على نهب الثروات الغنية التي تتوافر بهذه المنطقة تحديداً”.
ولذلك عندما جاء الفيلم الأمريكي كانت الجماهير العربية جاهزة لتنفيس غضبها تجاه الولايات المتحدة، ووجدتها فرصة للتعبير عن احتجاجها وغضبها تجاه واشنطن، فتنوع السلوك بين بيانات استنكارية، ومظاهرات احتجاجية، أو فعالية لحرق الأعلام، وتزداد تطرفاً باقتحام وحرق السفارة الأمريكية وتخريب مبناها، ويمكن أن تصل لاغتيال دبلوماسيي واشنطن كما حدث في الحالة الليبية. فضلاً عن إمكانية أن يشمل السلوك اعتداءً على بعض “الأيقونات” التي ترمز للثقافة الأمريكية مثلما حدث في تكسير مطاعم الوجبات السريعة في العاصمة اللبنانية بيروت.
أنواع السلوك السياسي احتجاجاً على واشنطن متنوع، ويمكن الخروج منه بخلاصة ونتيجة هامة، وهي أن البلدان التي شهدت ما يسمى بـ (الربيع العربي) هي التي شهدت مظاهر سلوك متطرفة ضد المصالح الأمريكية، وليست البلدان الأخرى التي لم تشهد ربيعاً عربياً، فالاحتجاج في هذا النوع من الدول كان محدوداً، وقد يكون مقبولاً في لغة الاحتجاج السياسي لأنهم لم يكن متطرفاً.
الأمر الذي يعني أن هناك إشكالية علاقة بين الدول التي شهدت تغييراً في نخبها الحاكمة خلال الربيع العربي من جهة، وواشنطن من جهة أخرى. ولذلك يمكن ملاحظة تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما قال بعد حادثة الاعتداء على سفارة بلاده في القاهرة: “مصر ليست بلداً حليفاً وليست بلداً عدواً”، وهي إشارة سياسية واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية لم تنته بعد من تقييم حكم الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما ينطبق على البلدان العربية الأخرى التي شهدت تغييراً سياسياً خلال 18 شهراً الماضية.
ردود الفعل الأمريكية والغربية تقوم على أن موجة الغضب في الشرق الأوسط تحديداً تعد “اختباراً حقيقياً لحكومات الربيع العربي”، وظهرت خلال الأيام القليلة الماضية تحليلات عديدة تؤكد المخاوف من تطور الغضب ضد الولايات المتحدة إلى الإضرار بمصالحها الاستراتيجية.
البعض أكد أهمية مراجعة قرار واشنطن الاستراتيجي بالتغيير السياسي في المنطقة، وإعادة تشكيلها لأنها قد تكون مكلفة للغاية وبشكل لن يخدم مصالح واشنطن مرحلياً أو حتى مستقبلياً.
فرص الاختلاف بعد التغيير السياسي في المنطقة مازالت غائبة لدى واشنطن، إذ يبدو أنها غير مهتمة بالنخب السياسية التي يمكن أن تظهر في المنطقة بعد التغيير الذي تحاول إحداثه. وهي فعلاً معضلة لأن النخب التي دعمتها واشنطن، أو مازالت تدعمها اليوم لتكون هي النخب الجديدة الحاكمة في المنطقة لن تكون على وئام تام مع واشنطن في حالة تعارض المصالح، أو في حالة عدم قدرتها السيطرة على الجماهير كما يحدث اليوم في بعض البلدان.