«ملّ البحرينيون مما يعانونه يومياً، كل الأطراف مسؤولة عن استمرار هذا النزيف اليومي في نفسياتنا وأدمغتنا وعواطفنا ونسيج مجتمعنا”، هذه تغريدة لوزير سابق أرسلها من خلال التويتر معبراً عن معاناة الإنسان البحريني بسبب ما حدث ويحدث لهذا الشعب الطيب منذ نحو عام ونصف العام من أمور لم يعتدها أهل البحرين ولا تليق بهم. وبعيداً عن اتفاق أو اختلاف البعض مع بعض تغريدات الوزير السابق فإن هذه التغريدة جاءت معبرة عن حالة أهل البحرين وتضمنت حقائق لا يختلف أحد معه فيها، فالبحرينيون بالفعل ملّوا من هذه المعاناة اليومية والأطراف ذات العلاقة كلها مسؤولة عن استمرار ما يحدث، وما يحدث هو نزيف يومي في نفسيات أهل البحرين جميعاً وفي أدمغتهم وفي عواطفهم، وأن كل هذا أدى ويؤدي إلى تمزق نسيج هذا المجتمع الذي ظل طويلاً يضرب به المثل في التماسك والتآلف والتعاضد والتفاهم وقبول الواحد منه للآخر في كل الأحوال. بالفعل مل أهل البحرين من هذا الذي يدور حتى ليبدو في بعض الأحيان أنه لا نهاية له، تماماً مثل المسلسلات المكسيكية التي تجاوزت الحلقات الثلاثين المتعارف عليها لتصل إلى المائة حلقة أو يزيد. نحو 20 شهراً من عمر البحرين لم يتوقف فيها العنف بل تزايد، هذا يقول إنه لا يخرج عن السلمية (حيث إشعال النار في الإطارات وحجز الشوارع وتعطيل حياة الناس وغيرها من ممارسات تتسبب في أذى الناس من مواطنين ومقيمين تعتبر في نظر هذا الطرف ممارسات سلمية متعارف عليها دولياً)، وذاك يقول إنه يعالج الوضع بما يتيحه له القانون من فسحة للتصرف وللتعامل مع ما يجري في الساحة (حيث التعامل مع المتظاهرين بمثل ما يتم التعامل به من وسائل وطرق في نظر هذا البعض متعارف عليه دولياً ويستند إلى القانون وأنه أهون من وسائل أخرى يتم ممارستها في بلدان أخرى). لكن أفعال هذا الطرف ومعالجات ذاك الطرف تؤثر سلباً على حياة الجميع وتتسبب في نزيف يومي في النفسيات والأدمغة والعواطف وتؤدي بسبب التراكم إلى تمزيق نسيج المجتمع البحريني (بسبب ما جرى ويجري وتأثرت العلاقات الاجتماعية حتى وصلت مع البعض إلى مرحلة لم يعد يتقبل فيها الآخر بل صار يدعو إلى إلغائه). بالفعل ملّ البحرينيون من هذا الذي صاروا فيه والحال الذي آلوا إليه حتى بات يمكن الجزم بأنه لم يعد أحد بيننا إلا وصار يعاني من مشكلات نفسية (وهو ما يمكن تبينه في سلوك الناس في الشارع وفي الأماكن العامة وفي علاقاتهم بعضهم ببعض حيث التوتر يبدو واضحاً وحيث “روح كل واحد في خشمه”)، وتأثرت الأدمغة حتى سيطر الإحساس بأن العقول غادرت أهل العقول وأهل الحكمة.. وتأثرت العواطف وتأثر كل شيء. هذه الحال التي صار فيها البحرينيون ينبغي الخروج منها، وينبغي من أهل الحكمة والعقل أن يوجدوا السبل إلى ذلك كي لا تتفاقم الأمور أكثر وأكثر فلا يجدون سبيلاً ولا يجدون فرصة، وكي لا يفوت الفوت حيث “إن فات الفوت ما ينفع الصوت”، حسب المثل الشعبي المعروف. جميل ما كتبه الوزير السابق لكنه لم يعد مجدياً الاكتفاء بالقول فالواجب يقتضي من الجميع أن يفكروا في المخارج والحلول. لم تعد لنا حاجة إلى تشخيص الحالة البحرينية فالعلة باتت معروفة وتاريخها معروف وواضح. الحاجة اليوم هي لإيجاد طريق الخروج وتجاوز هذا الذي مللنا منه. أما المسؤولية فلا تقع على طرف دون آخر ولكنها على كل الأطراف بل هي مسؤولية كل فرد في هذا الوطن.