لماذا ينساق آلاف البحرينيين وراء بعض الشخصيات الأجنبية عندما يرفعون شعارات تتعلق بالإصلاح السياسي أو المطالبة بالحقوق أو حتى شعارات راديكالية مثل إسقاط النظام كما حدث مطلع العام الماضي؟
السؤال بطريقة أخرى هل لدى البحرينيين أو شرائح منهم القابلية للانخداع من أطراف محلية أو خارجية سواءً كانت شخصيات أو مؤسسات؟
هذه التساؤلات مهمة لأنها تفسر السبب الذي يدفع المواطن للاندفاع وراء رجل دين أو ناشط سياسي أو ناشط حقوقي، وأيضاً تفسر السبب الذي يدفع الشباب إلى اتباع توجيهات قد تأتيهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي للقيام بأعمال إرهابية أو أخرى مناهضة للدولة.
يمكن تفسير السبب من عدة زوايا، ولكننا سنكتفي بالحديث عن زاويتين فقط، وهما تشابه المصالح وتداخلها، وإشباع الحاجة العاطفية.
فيما يتعلق بالأولى وهي تشابه المصالح فإنها تقوم على قيام أطراف الصراع السياسي في البحرين بالتلاعب في المصالح التي تحتاجها الجماهير، وبالتالي تركز عليها في خطابها السياسي ـ الإعلامي وهو ما يدفع الجماهير للانسياق ورائها لقناعتها المتنامية تدريجياً أن مثل هذا الخطاب هو الذي يلبي الاحتياجات. فعلى سبيل المثال لو كان المواطنون يطالبون بمشاريع إسكانية أو مشاريع أخرى خدمية بإمكان إحدى الشخصيات الدينية أو السياسية استغلال هذه القضية في خطابها، والتركيز عليها وسرعان ما سينجذب الجماهير لهذا الخطاب وتحظى هذه الشخصية بالتأييد وتبدأ عملية الثقة بالبناء.
أما المبرر الآخر لظاهرة انخداع الجماهير فهي إشباع الحاجة العاطفية، وتفسّر أنها من منظوم علم النفس تحديداً، حيث تكون هناك حاجة عاطفية مستمرة لدى الجماهير لمن يقدم لهم الرؤية التي تسد وتشبع احتياجاتهم العاطفية، وبالتالي هم بحاجة مستمرة لمن يقدم لهم حالة الإشباع.
ولنوضح ذلك أكثر في الجماهير التي آمنت بالأجندة التي طرحت في دوار مجلس التعاون السابق خلال فبراير 2011، هذه الجماهير قد لا تتفق تماماً مع الأجندة المطروحة هناك، ولكنها ترى في النشاط السياسي نفسه والخطاب الإعلامي المتصاعد آنذاك إشباعاً كبيراً لاحتياجاتها العاطفية. فمثلاً قد لا تتفق الجماهير مع مطلب إسقاط النظام، ولكنها ترى ضرورة أن يكون هناك مشروعاً أكثر طموحاً لتحديث الدولة، وفي ظل غياب الأطراف التي لا تقدم لها المشاريع البديلة، فإنها ترى فيمن يقدم مشروعاً راديكالياً لإسقاط النظام إشباعاً عاطفياً كبيراً لها كجمهور.
وعليه فإن الجماهير تبحث دائماً عن مصالحها وتبحث أيضاً عمن يحاول إشباع احتياجاتها العاطفية باستمرار.
وهذه الحقيقة المهمة تدفعنا للتساؤل عن موقف الدولة والدور الذي ينبغي أن تقوم به، فمتى ما ظهرت البدائل غابت أهمية الدولة والحاجة لها.