يتوقف من يتابع التغطيات الإعلامية لحادث الهجوم على نقطة عسكرية مصرية على الحدود مع قطاع غزة وإسرائيل، عند إثنتين منها، الأولى كانت استطلاعاً إلكترونياً للرأي نشره موقع راديو موسكو (RT) حول الجهة التي نفذت ذلك الحادث، شارك فيه 4969 زائراً، وجاءت النتائج بالإجابات التالية:
• 64.8 %(3220) الموساد الإسرائيلي
• 2.29 %(114) مجموعة من بدو سيناء
• %10.08 (501) حركة حماس
• 3.56 %(177) مجموعة فلسطينية أخرى
• 10.53 %(523) مجموعة إسلامية مسلحة في مصر
• 8.73 %(434) لا أعلم
أما الثاني، فكان تسلسلاً زمنياً نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية يسرد الاختراقات الأمنية في سيناء منذ اندلاع ثورة 25 فبراير 2011 المصرية، وشمل قائمة طويلة من الأحداث التي عكرت صفو الأمن، كان من الأهم بينها نصاً:
• 5 أغسطس 2012: مقتل 16 من الجنود المصريين إثر هجوم مسلحين مجهولين على مركز أمني مصري على الحدود مع إسرائيل.
• 22 يوليو 2012: تفجير خط الغاز المصري إلى إسرائيل للمرة الخامسة عشر.
• 18 يونيو 2012: قيام مسلحين بالهجوم على عمال يشاركون في بناء حاجز أمني على الحدود.
• 17 يونيو 2012: سقوط صاروخين على إسرائيل أطلقا من صحراء سيناء المصرية.
• 4 ابريل 2012: إطلاق صاروخ على منتجع “إيلات” الإسرائيلي على ساحل البحر الأحمر من دون وقوع خسائر.
• 18 أغسطس 2011: مقتل ثمانية إسرائيليين في هجوم جاء منفذوه من شبه جزيرة سيناء.
• 25 يونيو 2011: مقتل 4 مهاجرين أفارقة برصاص قوات الأمن المصرية أثناء محاولتهم التسلل إلى إسرائيل.
ما هو مشترك ويلفت النظر ومن ثم يستحق التوقف عنده في التغطيتين هو تعدد الجهات التي يمكن أن تتحمل مسؤولية تلك الأعمال، وهو أمر يتنافى مع الموجة الإعلامية التي هبت على المنطقة العربية إثر “الهجوم الذي تعرضت له وحدة عسكرية مصرية على الحدود مع قطاع غزة وإسرائيل على يد مسلحين، وأوقع 16 قتيلاً من قوات الشرطة والجيش المصريين”، وسارعت إلى كيل اتهاماتها إلى “جهة إسلامية سلفية جهادية” حملتها مسؤولية القيام بتلك العملية. الضحية الثالثة بعد الـ “16 قتيلاً” وتلك “الجهة الإسلامية” كانت “الذهنية العربية” التي بلعت طعم الإعلام الغربي، الذي فقد اليوم الكثير من استقلاليته التي كان يتمتع بها في السابق وانجرف هو الآخر وراء توزيع التهم جزافاً دون أن يحمل نفسه عناء التدقيق والتمحيص، وهو أضعف أشكال إيمان أخلاق المهنة فسارع إلى الإشارة بأصابع الاتهام إلى جهات إسلامية تنتمي إلى “الفئة السلفية الجهادية”.
ليس القصد هنا نفي التهمة عن تلك الفئة الإسلامية أو حتى مجرد الدفاع عنها، فهذا أمر مناط بها، بل من الخطأ اسقاطه من جدول الاتهامات. لكن الخطأ كل الخطأ هو اسقاط كل الجهات الأخرى المحتمل ضلوعها تخطيطاً أو تنفيذاً في تلك العملية من قائمة الجهات المحتمل، وحصر التهمة في تلك “الفئة الجهادية”. ومن ثم فالغرض من ذلك هو محاربة الذهنية الأحادية التفكير الخاملة التي تتلقف ما تبثه مثل تلك الموجات الإعلامية المنحازة وتقبل به ثم تمارس هي، بوعي أو دون وعي، إعادة نقله والترويج له والدفاع عنه. مثل هذا السلوك وعلى وجه الخصوص في هذه المرحلة التي تمر فيها المنطقة العربية بمنعطف حاد سيترك بصماته على مسارها التاريخي خلال العقود القليلة القادمة يحمل في أحشائه الكثير من المخاطر التي من بين الأهم فيها:
• وأد الذهنية الديناميكة القادرة على وضع السيناريوهات، وتشخيص القوى ذات العلاقة بأي حدث، قبل القفز إلى تحديد واحدة أو مجموعة منها، وزرع ورعاية الذهنية التحليلية الخاملة المستعدة لتلقي الخبر والقبول به، دون بذل أي جهد للتدقيق في الجهة التي بثته، أوالتمحيص في مكوناته. ولا يقف دورها عند تلك الحدود، بل يتجاوزها من خلال إعادة بثه والحرص، في بعض الحالات على الترويج له. تصبح هذه العقلية الجامدة المسطحة حاملة لجرثومة السيطرة الإعلامية العالمية، التي تحاول مؤسسات الإعلام الغربي الاحتفاظ بها، تعويضاً لما فقدته المؤسسة الإستعمارية الغربية من نفوذ مع تنامي حركات التحرر خلال العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي، وبروز دول آسيوية صغيرة مثل كوريا وسينغافورة، وكبيرة مثل الهند الصين، نجحت في إزاحة النفوذ الغربي، بل وتفوقت عليه اقتصادياً في مواقع كثيرة كان يستأثر بالسيطرة عليها، وينفرد بنهب خيراتها.
• إخفاء المتهم الحقيقي الذي يقف وراء التخطيط لمثل تلك العمليات، حتى وإن لم يكن هو المنفذ المباشر لها، حيث تقتضي مصلحته نجاحها، وتتطلب علاقاته المرتبطة بتلك المصالح، التستر وراء جهات أخرى، تحاشي لأية تداعيات تهدد تلك المصالح. فرغم أهمية الكشف عن هوية الجهة المنفذة، لكن ما هو أهم من ذلك وضع اليد على القوى التي خططت لمثل تلك العمليات، لأنها الأكثر خطراً، والقادرة على تأمين احتياجات استمرارها في المستقبل، ومن ثم فهي الجهة التي ينبغي محاسبتها، دون إهمال القوى المنفذة التي هي الأخرى تتحمل جزءاً من المسؤولية.
تجاوز تلك الذهنية الخاملة، والوصول إلى تلك الحيوية التي نتطلع لها، عند البحث عن الجهة الحقيقية التي تقف وراء ذلك العمل الإجرامي، يدفعنا إلى جانب التمحيص في القائمة التي أوردها استطلاع الرأي الذي نشره موقع “راديو موسكو”، إضافة إلى جهة أخرى، ليس من المستبعد أن تكون لها أصابع في ذلك الهجوم، وهي مجاميع تنتمي إلى فلول نظام “حسني مبارك”، وهي قوة من الخطأ الاستهانة بها، ولها علاقات، بفضل المعاهدات المبرمة بين مصر وإسرائيل، مع مؤسسات صهيونية، يجمعهما هدف مشترك، هو عدم استقرار الأوضاع في مصر، في المرحلة الحالية والقادمة.
مثل هذه الفلول، هي أكثر الجهات إطلاعا على الأوضاع في صحراء سيناء، سواء على المستوى الرسمي المؤسساتي، أو الشعبي، ومن ثم فهي أقدر الجهات على التخطيط لمثل هذه العملية، وتحديد الجهة الأنسب، ليس بالضرورة على المستوى العملياتي، فحسب، وإنما على الصعيد السياسي، لتنفيذ هذه المهمة. وبالتالي فلا ينبغي استبعاد شكل من أشكال التنسيق بين تلك الجماعات ومؤسسات إسرائيلية تلتقي مصلحتها مع مصالحهم.
مثل هذا السيناريو، الذي ليس بالضرورة أخذه كمسلمة لا يأتيها الباطل من خلفها ولا أمامها، لكنه يأتي كاحتمال يستحق التوقف عنده والتأكد من صحته، وهو ما أشار له الخبير الاستراتيجي والعسكري حمدي بخيت حين قال في تصريح نقل التلفزيون المصري، بأن “الدروس المستفادة من حادث رفح أهم من أن نتعمق في تفاصيل الحدث نفسه، فما حدث أكد على تنامي قوة الجماعات الإجرامية المسلحة في سيناء والتي أقامت علاقات مع جماعات مشابهه في فلسطين وإسرائيل، وأن هذا الحادث عمل إجرامي مسيس يهدف إلى إحداث الفوضى في سيناء من أجل إعلانها منطقة صراع بين جماعات وحكومات مختلفة ليتطور الأمر ويصل للمجتمع الدولي كما حدث في دارفور، (محذراً) من أن إسرائيل تشترك مع العديد من الجماعات الإجرامية لتخريب مصر، ولكنها في الوقت نفسه تعمل جاهدة على تأمين حدودها ضد هذه الجماعات مدللاً على ذلك بتدميرها للمدرعة التي اخترقت الحدود بعد عبورها 25 متراً فقط وقيامها بقتل من كانوا بداخلها”.
• 64.8 %(3220) الموساد الإسرائيلي
• 2.29 %(114) مجموعة من بدو سيناء
• %10.08 (501) حركة حماس
• 3.56 %(177) مجموعة فلسطينية أخرى
• 10.53 %(523) مجموعة إسلامية مسلحة في مصر
• 8.73 %(434) لا أعلم
أما الثاني، فكان تسلسلاً زمنياً نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية يسرد الاختراقات الأمنية في سيناء منذ اندلاع ثورة 25 فبراير 2011 المصرية، وشمل قائمة طويلة من الأحداث التي عكرت صفو الأمن، كان من الأهم بينها نصاً:
• 5 أغسطس 2012: مقتل 16 من الجنود المصريين إثر هجوم مسلحين مجهولين على مركز أمني مصري على الحدود مع إسرائيل.
• 22 يوليو 2012: تفجير خط الغاز المصري إلى إسرائيل للمرة الخامسة عشر.
• 18 يونيو 2012: قيام مسلحين بالهجوم على عمال يشاركون في بناء حاجز أمني على الحدود.
• 17 يونيو 2012: سقوط صاروخين على إسرائيل أطلقا من صحراء سيناء المصرية.
• 4 ابريل 2012: إطلاق صاروخ على منتجع “إيلات” الإسرائيلي على ساحل البحر الأحمر من دون وقوع خسائر.
• 18 أغسطس 2011: مقتل ثمانية إسرائيليين في هجوم جاء منفذوه من شبه جزيرة سيناء.
• 25 يونيو 2011: مقتل 4 مهاجرين أفارقة برصاص قوات الأمن المصرية أثناء محاولتهم التسلل إلى إسرائيل.
ما هو مشترك ويلفت النظر ومن ثم يستحق التوقف عنده في التغطيتين هو تعدد الجهات التي يمكن أن تتحمل مسؤولية تلك الأعمال، وهو أمر يتنافى مع الموجة الإعلامية التي هبت على المنطقة العربية إثر “الهجوم الذي تعرضت له وحدة عسكرية مصرية على الحدود مع قطاع غزة وإسرائيل على يد مسلحين، وأوقع 16 قتيلاً من قوات الشرطة والجيش المصريين”، وسارعت إلى كيل اتهاماتها إلى “جهة إسلامية سلفية جهادية” حملتها مسؤولية القيام بتلك العملية. الضحية الثالثة بعد الـ “16 قتيلاً” وتلك “الجهة الإسلامية” كانت “الذهنية العربية” التي بلعت طعم الإعلام الغربي، الذي فقد اليوم الكثير من استقلاليته التي كان يتمتع بها في السابق وانجرف هو الآخر وراء توزيع التهم جزافاً دون أن يحمل نفسه عناء التدقيق والتمحيص، وهو أضعف أشكال إيمان أخلاق المهنة فسارع إلى الإشارة بأصابع الاتهام إلى جهات إسلامية تنتمي إلى “الفئة السلفية الجهادية”.
ليس القصد هنا نفي التهمة عن تلك الفئة الإسلامية أو حتى مجرد الدفاع عنها، فهذا أمر مناط بها، بل من الخطأ اسقاطه من جدول الاتهامات. لكن الخطأ كل الخطأ هو اسقاط كل الجهات الأخرى المحتمل ضلوعها تخطيطاً أو تنفيذاً في تلك العملية من قائمة الجهات المحتمل، وحصر التهمة في تلك “الفئة الجهادية”. ومن ثم فالغرض من ذلك هو محاربة الذهنية الأحادية التفكير الخاملة التي تتلقف ما تبثه مثل تلك الموجات الإعلامية المنحازة وتقبل به ثم تمارس هي، بوعي أو دون وعي، إعادة نقله والترويج له والدفاع عنه. مثل هذا السلوك وعلى وجه الخصوص في هذه المرحلة التي تمر فيها المنطقة العربية بمنعطف حاد سيترك بصماته على مسارها التاريخي خلال العقود القليلة القادمة يحمل في أحشائه الكثير من المخاطر التي من بين الأهم فيها:
• وأد الذهنية الديناميكة القادرة على وضع السيناريوهات، وتشخيص القوى ذات العلاقة بأي حدث، قبل القفز إلى تحديد واحدة أو مجموعة منها، وزرع ورعاية الذهنية التحليلية الخاملة المستعدة لتلقي الخبر والقبول به، دون بذل أي جهد للتدقيق في الجهة التي بثته، أوالتمحيص في مكوناته. ولا يقف دورها عند تلك الحدود، بل يتجاوزها من خلال إعادة بثه والحرص، في بعض الحالات على الترويج له. تصبح هذه العقلية الجامدة المسطحة حاملة لجرثومة السيطرة الإعلامية العالمية، التي تحاول مؤسسات الإعلام الغربي الاحتفاظ بها، تعويضاً لما فقدته المؤسسة الإستعمارية الغربية من نفوذ مع تنامي حركات التحرر خلال العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي، وبروز دول آسيوية صغيرة مثل كوريا وسينغافورة، وكبيرة مثل الهند الصين، نجحت في إزاحة النفوذ الغربي، بل وتفوقت عليه اقتصادياً في مواقع كثيرة كان يستأثر بالسيطرة عليها، وينفرد بنهب خيراتها.
• إخفاء المتهم الحقيقي الذي يقف وراء التخطيط لمثل تلك العمليات، حتى وإن لم يكن هو المنفذ المباشر لها، حيث تقتضي مصلحته نجاحها، وتتطلب علاقاته المرتبطة بتلك المصالح، التستر وراء جهات أخرى، تحاشي لأية تداعيات تهدد تلك المصالح. فرغم أهمية الكشف عن هوية الجهة المنفذة، لكن ما هو أهم من ذلك وضع اليد على القوى التي خططت لمثل تلك العمليات، لأنها الأكثر خطراً، والقادرة على تأمين احتياجات استمرارها في المستقبل، ومن ثم فهي الجهة التي ينبغي محاسبتها، دون إهمال القوى المنفذة التي هي الأخرى تتحمل جزءاً من المسؤولية.
تجاوز تلك الذهنية الخاملة، والوصول إلى تلك الحيوية التي نتطلع لها، عند البحث عن الجهة الحقيقية التي تقف وراء ذلك العمل الإجرامي، يدفعنا إلى جانب التمحيص في القائمة التي أوردها استطلاع الرأي الذي نشره موقع “راديو موسكو”، إضافة إلى جهة أخرى، ليس من المستبعد أن تكون لها أصابع في ذلك الهجوم، وهي مجاميع تنتمي إلى فلول نظام “حسني مبارك”، وهي قوة من الخطأ الاستهانة بها، ولها علاقات، بفضل المعاهدات المبرمة بين مصر وإسرائيل، مع مؤسسات صهيونية، يجمعهما هدف مشترك، هو عدم استقرار الأوضاع في مصر، في المرحلة الحالية والقادمة.
مثل هذه الفلول، هي أكثر الجهات إطلاعا على الأوضاع في صحراء سيناء، سواء على المستوى الرسمي المؤسساتي، أو الشعبي، ومن ثم فهي أقدر الجهات على التخطيط لمثل هذه العملية، وتحديد الجهة الأنسب، ليس بالضرورة على المستوى العملياتي، فحسب، وإنما على الصعيد السياسي، لتنفيذ هذه المهمة. وبالتالي فلا ينبغي استبعاد شكل من أشكال التنسيق بين تلك الجماعات ومؤسسات إسرائيلية تلتقي مصلحتها مع مصالحهم.
مثل هذا السيناريو، الذي ليس بالضرورة أخذه كمسلمة لا يأتيها الباطل من خلفها ولا أمامها، لكنه يأتي كاحتمال يستحق التوقف عنده والتأكد من صحته، وهو ما أشار له الخبير الاستراتيجي والعسكري حمدي بخيت حين قال في تصريح نقل التلفزيون المصري، بأن “الدروس المستفادة من حادث رفح أهم من أن نتعمق في تفاصيل الحدث نفسه، فما حدث أكد على تنامي قوة الجماعات الإجرامية المسلحة في سيناء والتي أقامت علاقات مع جماعات مشابهه في فلسطين وإسرائيل، وأن هذا الحادث عمل إجرامي مسيس يهدف إلى إحداث الفوضى في سيناء من أجل إعلانها منطقة صراع بين جماعات وحكومات مختلفة ليتطور الأمر ويصل للمجتمع الدولي كما حدث في دارفور، (محذراً) من أن إسرائيل تشترك مع العديد من الجماعات الإجرامية لتخريب مصر، ولكنها في الوقت نفسه تعمل جاهدة على تأمين حدودها ضد هذه الجماعات مدللاً على ذلك بتدميرها للمدرعة التي اخترقت الحدود بعد عبورها 25 متراً فقط وقيامها بقتل من كانوا بداخلها”.