في الوقت الذي تقول فيه الدولة من خلال مسؤولين فيها: “لا مساومة على تطبيق القانون”، يخرج من جعل الناس أتباعاً له حراماً أن يعصونه باسم الدين ليحدد للدولة تاريخاً عليها بحلوله تنفيذ ما يريده وإلا.مرجع الوفاق والآمر باسم المرشد الأعلى الإيراني المسبغ عليه بتوصيف “آية الله” قال إن 14 أغسطس هو الذي سيحدد جدية الدولة في مسألة الحوار. قبل الخوض في مقاصد إيراد توصيف “جدية الدولة”، على مدعي “الصمود” وضع ألف خط تحت كلمة “الحوار” التي بدأ يكررها مرجع الوفاق اليوم، خاصة بعد حديثه عنها في خطبته الأخيرة التي امتلأت بـ«تأتأة” غريبة ووقفات توحي بأنها مكتوبة له ليقرأها على الملأ، بدأ يتحدث بنفس حديث أتباعه بعد أن كانت تصدر منه في السابق تصريحات وتوجيهات تخالف حراك “خادمه” أمين عام الوفاق، وتضع الجمعية مدعية السلمية في موقف حرج، خاصة بعد توجيهات القتل الصريحة بحق رجال الأمن وقوله “اسحقوهم”.بشأن كلمة “اسحقوهم”، فقط نذكر المصرحين من مسؤولين بالدولة بتصريحهم “لامساومة على تطبيق القانون”، إذ في حالة المرجع المعمد إيرانياً يبدو أن القانون يتجمد ولا يطاله حتى لو حث بصراحة على قتل رجال الأمن. اسألوا حضرة السفير الأمريكي ماذا تفعل بلاده بمن يهدد صراحة بسحق رجال الأمن هناك؟!التهديد والتلويح الصريح في الخطاب الأخير وتحديد التاريخ دفع “خادمه” لتفسير الكلام بأنه لا يعني بأن شيئاً سيحصل في هذا التاريخ. ربما خوفاً على سيده لو فكرت الدولة ولو لمرة واحدة بأن يطبق القانون عليه وهو رأس التحريض في البلد.عموماً، جل حديثهم اليوم منصب على الحوار، وعنصر وفاقي هو شقيق من قال يوماً لمسؤول إيراني “خادمكم فلان” يقول في تصريحات أخيرة بأنه لاحل إلا بالحوار، واليوم مرجعهم يحدد يوم غد للحكم على جدية الدولة بشأن هذا الحوار.طيب، ما هي جدية الدولة المطلوبة من قبلكم غداً للحكم على أن الحوار الذي سيعقد سيفضي إلى نتيجة وسيحل الأزمة؟!الجدية المطلوبة -حسب رأيهم- تتمثل في تعطيل القانون، وذلك عبر تعطيل سير القضاء في القضايا المنظورة يوم غد، تلك المتعلقة بالاعتداءات على الشرطة والأبرياء، وتلك المتعلقة بالتحريض والتطاول على القانون، والأهم المتعلقة بمخطط الانقلاب والخلية الإرهابية. الجدية المطلوبة لإثبات أن الدولة تريد للحوار أن يتم ويحقق نتائج تتمثل بتعطيل القانون من خلال الإفراج عن كل هؤلاء دون محاكمتهم ودون حتى إدانتهم بشيء. فقط افتحوا أبواب التوقيف وأغلقوا محاضر التحقيق وأطلقوهم في الشوارع ليمارسوا التحريض ويخططوا للانقلاب من جديد!هذا من جانب، في حين أن المسألة الأخرى معنية باستقلال البحرين عن الانتداب البريطاني، بعد أن درجت البحرين بشعبها الذي لم يتعرض للتقسيم الطائفي منذ الاستقلال على الاحتفال بذكرى الاستقلال الكامل في ديسمبر، وهم كانوا أيضاً من المحتفلين بذلك، لكنهم لا يلامون على ما يفعلونه اليوم بعد سقوط الأقنعة، فمناسبات الوطن الوطنية وأحداثه التاريخية لا تعنيهم في شيء أبداً، لأن البحرين لا تهمهم ولا تمثل لهم شيئاً على الإطلاق سوى مغنم ومكسب. هم من أدخل “عن عمد” في يوم العيد الوطني ما أسمي بعيد الشهداء فقط لإحياء عقد المظلومية، وهم من اختاروا بدء مخططهم الانقلابي في ذكرى الميثاق، بالتالي لا يفترض الاستغراب من فعل أناس قبلوا بأن يبيعوا أوطانهم بثمن بخس لسمسار إيراني هنا أو متمصلح غربي هناك.الدولة التي تقول إنه لا مساومة على تطبيق القانون أمام محك اليوم، سواء اعترفت بذلك أم لا، إذ حتى لو تم تجاهل ما يقوله المعمد إيرانياً باعتبار أن الدولة لا يفترض أن يحركها فرد بصراخه، إلا أنها مطالبة أمام مواطنيها اليوم بإثبات جديتها في مسألة تطبيق القانون، وأن قوة الحق لا تتوقف عند شخص أو فئة لاعتبارات معينة.بالتالي 14 أغسطس بالفعل محك لإثبات جدية الدولة، لا من خلال تقديم تنازلات وتعطيل المحاكمات وفرش الأرض بسجاد أحمر لخونة البلد والمنقلبين عليها لتصفير العداد وقلب الصفحة ونسيان ما حصل، بل هي أمام محك لإثبات أنها دولة لديها قوانين تطبق بلا استثناء.دولة تقبل التهديد وتسكت ليست بدولة ذات سيادة، دولة لا تطبق القانون ليست بدولة، ودولة تقبل بالظهور أمام المخلصين لها من مواطنين ومقيمين في موقف الضعيف غير القادرة على حمايتهم وفرض الاستقرار والأمان ليست بدولة من حقها مطالبة أي كان بعد ذلك باحترامها أو الالتزام بقانونها.إن كان حديثنا هذا وهو حديث مئات الآلاف من المخلصين يزعج من يقول بأنه لا مساومة على تطبيق القانون، فليتنا نعرف إن كان حديث ممثل الولي الفقيه الإيراني يزعجكم أكثر، إن كانت تهديداته تنتقص من هيبة الدولة أكثر.حينما يتم تطبيق القانون على من يتجاوزه بغض النظر عمن يكون، ذا حسب ونسب، ذا نفوذ أو قوة، رجل دين أو رجل أعمال، مؤيداً بالعشرات أو مدعوماً من الخارج، حينها فقط سنصدق مقولة “لا مساومة على تطبيق القانون”.هو وأتباعه يطالبون بالباطل والمخلصون يطالبون بالعدالة والحق، بالتالي ليسوا هم وحدهم من سينتظرون “جدية الدولة” في 14 أغسطس.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90