يستهزئ بالدولة ويستهزئ بالحكم ويكذب مؤسساتها ويطالب بالحكم، أي نعم بالحكم، فعندما يطالب بكرسي رئيس الوزراء وأن تتحول البحرين إلى مملكة دستورية، ما يعني “أريد أن أجلس على كرسي الحكم”، إنه الكرسي الذي يجلس عليه مجد البحرين وتاريخها، إنه الكرسي الذي يثبت أصل العائلة الحاكمة لهذه البلدة شاء من شاء وأبى من أبى، وأن المساس به أو الإشارة إليه هو أمر لا يحمد عقباه، عندما ترفض أمة الفاتح بمجرد الخوض في هذه المسألة، فإنه على الدولة أن تقفل هذا الباب أمام المجموعة الصفوية التي جاءت للبحرين حديثاً وتريد أن تستل الحكم.
هذا المدعو علي سلمان يريد كرسي رئيس الوزراء، ويريد أن توظف مليشياته في المؤسسة الأمنية، إنه مقتدى صدر البحرين حين تكون مليشياته مكوناً رئيسياً في القوة الأمنية.. نعم إنها المليشيات التي تقدم عساكرها الصفوف الأمامية في مسيرات المطالبة “بإسقاط النظام”، إنه يريد أن يتأكد في الانقلاب القادم أن تكون مركبات الأمن تقودها مليشياته، فهذه هي المنظومة الأمنية التي يريد أن يتفاوض على تركيبتها في الحوار.
وها نحن نلاحظ اليوم عندما تغير خطابه من أسلوب الوداعة والهدوء إلى أسلوب التهديد والوعيد والاستهزاء والتعالي، إنه أسلوب مقتدى الصدر وحسن نصر الله، إنه الرجل الذي تسعى بعض الأوساط والشخصيات المقربة والصديقة من الدولة أن توصله إلى مكانة متقدمة في الدولة، حتى وإن لم يكون على كرسي رئيس الوزراء في الوقت الحاضر ولكن كتمهيد أولي، كما إن الخطر ليس من هذا الشخص المدعو علي سلمان ولا من المدعو عيسى قاسم، إنما هناك شخصية أو قد تكون أكثر من شخصية تعتبر خطيرة والرأس المدبر لتمكين أشخاص موالين للمرجعية في مراكز متقدمة، وذلك كي يكملوا مشوارهم، حين أناطت الدولة وزارات مهمة إلى بعض الشخصيات التي استطاعت أن تلعب دوراً مهماً في تمكين الانقلابيين من وزارات الدولة ومؤسساتها الحيوية، كما استطاعت من خلال مشاريعها الخبيثة تسخير ميزانية الدولة المخصصة لبعض المشاريع لدفع كلفة الدراسة لفئة معينة، كما استطاعت أن تستفيد من المعاهد الحكومية حين اقتصرت على الفئة نفسها عندما غاب الحسيب والرقيب عنها، وتمكنت من استغلال جميع الإمكانات تحت تسميات مختلفة منها البحرنة والبطالة وغيرها، حتى وصلت هذه الخطط إلى ضرب الاقتصاد حين هرب المستثمرون عندما ضاقت عليهم الإجراءات والموافقات والنفقات التي فرضها سوق العمل، ففتح الباب على مصراعيه للعمالة الأجنبية عندما وضع قوانين مطاطة تمكن المواطنين من استخراج تأشيرات غير محددة العدد وإلغاء الكفيل، في الوقت الذي كان يشترط دفع رسوم باهظة على العامل، فتضرر المستثمر الجاد، واستفاد البعض في بيع التأشيرات، فصارت البحرين سوقاً غير مرغوبة في ظل وجود دول خليجية ترحب بالشركات الاستثمارية وتقدم لها التسهيلات، نعم هذا الأخطبوط استطاع أن يضرب البحرين في اقتصادها، كما استطاع من يغلب فئة على فئة في قطاعات التوظيف والتعليم، وهي أهم الخطط التي ارتكزت عليها المؤامرة الانقلابية، وهو اقتصاد مدمر وسيطرة على مؤسسات الدولة، وإرهاب ممنهج تولى مهمته علي سلمان وعيسى قاسم، ثم يواصل هذا الأخطبوط بالدفع إلى الحوار لكي تقع الفريسة بهيكلها ورأسها في الشبكة التي لن تخرج منها بعد حوار التمكين.
من المحزن أن نرى هذا التاريخ المجيد؛ تاريخ الشيخ أحمد الفاتح الذي استطاع بعزمه ورجاله أن يحرر البحرين من الغزاة المعتدين على أرض العروبة والإسلام، نرى هذا التاريخ قد تلاشت أمجاده وضاعت انتصاراته حين يكون هذا التاريخ يصبح على طاولة تفاوض مع ندٍ قزمٍ جبانٍ دخيلٍ ليس له في تاريخ الأمة وجود، ند كذاب دجال، لكن مع الأسف صار له ألف حساب، حين يتردد عليه الوسطاء، ويتودد إليه بعض الوجهاء وذلك لكي يتفضل هذا الكذاب بقبول الحوار، وذلك عندما يكون الوسيط عبقرياً له أسلوب مقنع يستطيع أن يجر الدولة إلى مهلكها.
إن قلوب أمة الفاتح تستعر بولائها لهذه الأرض، وقدرتها على تحمل الشدة والصلابة، على أن تكون الدولة ثابتة على موقفها وهو عدم الرضوخ للابتزاز والتفريط في تاريخ البحرين، وأرضها وأمنها ومستقبلها، أي أن أي اتفاق يتمخض المساس بكرسي الحكومة أو المنظومة الأمنية هو تحقيق للهدف الإيراني، وهو ضم البحرين بالطريقة التي ضمت إليها العراق، وبالطبع ستكون النتيجة هو خسارة أمة الفاتح التي لن تقبل أن تتحول مملكة عربية إلى مملكة تخضع لنفوذ فئة فارسية الانتماء، فئة استحلت دماء أهل الفاتح واستباحت أرضهم