ردود الفعل داخل مجتمع المعارضة الانقلابية تشير لوجود مخاوف من تراجع الدعم الغربي الموجه لهم، بالأخص الدعم الأمريكي، خاصة وأن شارعكم بدأ ينقل أخباراً بغض النظر عن مصداقيتها الكاملة تفيد بأن الأمريكيين ملوا حالة “السجال” الحاصلة، وبدأت تتعبهم أساليب “المماطلة” التي تتبعها “الوفاق” وأتباعها في سبيل تهدئة الوضع وإعادة الأمور لما كانت عليه.لو أحصينا عدد اللقاءات التي جمعتهم بسفراء أجانب في البحرين على رأسهم السفير الأمريكي أو بموفدين من جانبه منذ بداية الأزمة لخرجنا برقم كبير وغريب من اللقاءات، لا يمكن تفسيرها على أنها لقاءات روتينية، تأتي في إطار الاجتماع بمؤسسات المجتمع المدني لتناول قضايا عامة.الولايات المتحدة ترتبط بعلاقات قوية مع البحرين كأنظمة سياسية، ومتحدثوها وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي أشاروا في كثير من المواقف إلى أن الأمن والاستقرار في البحرين يهمهم، بل هم دانوا في كثير من الخطابات العنف والتخريب والإرهاب واستخدام “المولوتوف”، وهي الحقيقة التي “تسلخونها” دائماً عند استخدام تصريحاتهم بشأن الوضع في البحرين.واشنطن أعلنت موقفها بوضوح بأنها لن تدعم عملية انقلاب طائفية في البحرين، تنتهج أسلوب العنف والإرهاب، بل تدعم عملية الإصلاح وتطوير التجربة الديمقراطية في ظل تعدد الأطياف، هذا ما نفهمه و«بكل حسن نية” من خطابات المسؤولين الأمريكيين، بغض النظر عما يحصل في الخفاء.اليوم المسؤولون الأمريكيون يريدون من قوى المعارضة أن تدين العنف الصادر من شارعها، وهذا لم يحصل حتى اللحظة بشكل مقنع وعبر خطابات مباشرة، بل لم تسجل أية مواقف إدانة لهذا العنف أو دعوات لوقفه.واشنطن دعت المعارضة مرات ومرات للدخول في حوار مع النظام ومع بقية الأطراف دون وضع شروط مسبقة، ورغم ذلك فإن المماطلة مستمرة لأن المعارضة تعرف تماماً بأنها لن تكون مستفردة بالنظام في هذا الحوار، وأن عليها القبول بتواجد بقية أطياف المجتمع ومكوناته، ما يعني أنها لن تمرر كل ما تريد دون أن يكون هناك نقاش وأخذ وجذب مع جميع الأطراف.مسؤولو البيت الأبيض وصفوا مراراً ما حدث في البحرين بأنه لا يصنف تحت توصيف “الربيع العربي”، وآخر من قال ذلك هو مايكل بوسنر في جلسة الاستماع في الكونغرس وبحضور أحد ممثلي المعارضة، إلا أن الأخير “سلخ” الموقف الأمريكي من تصريحاته، واكتفى بالاستناد على رأي الأمريكيين في ما يتعلق بالتعامل مع المسيرات والتي هي مسيرات غير مرخصة وتنتج أعمالاً إرهابية.الأمريكيون وغيرهم من عناصر المجتمع الدولي عرفوا الآن وضعية كافة أطراف القضية البحرينية، من يريد إعادة الاستقرار للبلد ومن يريد الاستمرار في حرقها، من يتعامل بالأسلوب الديمقراطي القائم على التعددية والاختلاف في الآراء والوصول لتوافقات تخدم الجميع، وبين من يريد التعامل بديكتاتورية واستفراد في الآراء وتحديد المصير حسب وجهة نظره.لست أدافع عن الأمريكيين، ولست أمنحهم المسوغ للتدخل في الشأن البحريني الداخلي، لكنني أقول لمن شد ظهره وقويت شكيمته بالبيت الأبيض ومسؤوليه، بأنه حتى هؤلاء وصلوا لمرحلة لا يقدرون تقديم الدعم حتى المعنوي لكم، لأنكم أظهرتم أنفسكم على حقيقتها كدعاة إرهاب ومدافعين عن الغوغاء والتخريب، وبالتالي لا تريد واشنطن أن يقال عنها بأنها تدعم الإرهاب في البحرين بينما هي التي دشنت الحملة العالمية لمحاربة الإرهاب.يبدو واضحاً مما يحصل بأن المعارضة بين نارين، بين تطبيق توصيات الأمريكيين الذين يستمعون لهم ويجتمعون بهم على الدوام، وبين نار التبعية العمياء لولاية الفقيه، وما تمليه عليهم من “جهاد مقدس” ضد النظام في البحرين.كل الفرص التي قدمتها البحرين وصلت لطريق مسدود، بسبب تعنت فئات التأزيم من خلال قياداتهم، وكل الخطوات والإجراءات المفصلية التي قامت بها البحرين وأمام مرأى ومسمع من العالم من خلال الحوار الوطني ولجنة تقصي الحقائق وتطبيق التوصيات كشفت حقيقة وجودكم في خانة الراغبين باستمرار التوتر والفوضى على الأرض، وبينت زيف الادعاء بأن الحوار هدفكم وأن التوافق هو مسعاكم.بعد هذا الصبر الطويل، والنفس الأطول من الدولة عليكم، وصلنا لمرحلة تحتم على الدولة أن تستمع لصوت الفئات المتضررة من هذا الإرهاب المستمر، وبات من حقهم على الدولة أن توقف هذا العبث بأمن البلاد وأهلها، وعليه فإنه يتضح جلياً بأن كل “الكروت” أحرقتموها بجدارة، ووصلتم لمرحلة حتى داعميكم احتاروا معكم، يمنحونكم مشورات للتهدئة والتصرف بعقلانية وحكمة، فتقابلونها بمزيد من التعنت وبمزيد من “مهرجانات الإرهاب والتخريب”.واضح تماماً بأن الأمريكيين بالفعل احتاروا معكم، تقولون نريد إصلاحات، وأنتم تخربون البلاد كل يوم! تقولون نريد حواراً وأنتم تنادون بإسقاط النظام وتحرّضون عليه كل يوم!فقط نقول للدولة بأن الصبر طال عليهم، علهم يعودون لرشدهم ويصححون المسار، وعليه فإن تصحيح الأمور بتطبيق القانون هو الحل اليوم ولا قبول بأي بديل عنه.