اليوم ستنطلق أول أيام دوري أبطال أوروبا، وكعادة كل سنة، فإن الاتحاد الأوروبي يقدم لنا وجبة دسمة من التنظيم المتكامل، ففي كل عام نشاهد هذه البطولة بجودة تنظيمية متطابقة لنفس العام الذي مضى، هي البطولة التي تتخذ من نفسها البطولة الأفضل تنظيمياً وفنياً بل جماهيرياً وإعلامياً!
هذا النجاح المنقطع النظير بدأه السويدي يوهانسن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السابق، عندما جدد النسخة في عام 1993، عندما جدد هيكلة البطولة ونظامها، ووسع نطاقها من كرة قدم إلى بطولة تجارية والآن بات يشارك فيها أفضل المؤسسات التجارية حول العالم طبقاً لأرباحهم، فنرى إعلانات «ماستر كارد» و»بلاي ستايشن 3»، و»فورد»، بحيث كل أولئك وجدوا من بطولة دوري الأبطال ملاذاً لهم، واستغلوا جانب كرة القدم لتوسيع نطاق انتشارهم، بحيث كانت الخطة هي معرفة مشروع السويدي الكروي، لأنه سيجمع أفضل الأندية الأوروبية أي أفضل الأندية العالمية، فإذاً سنشاهد بطولة فنية محتدمة الصراعات ومتعددة المفاجآت وقد كان ذلك الخيار في تمام محله، وهنا يكمن ذكاء هذا الراعي الرسمي، فجعل نفسه أداة ووسيلة ناجحة جداً في رفع المستوى الاقتصادي لذاته أولاً ومن ثم البطولة، وفي الاثنتين نجاح لهذا الراعي.
طرحتُ تلك المرة سؤالاً على والدي، قلت له «تخيل لو أن بطولة دوري أبطال أوروبا من دون إعلانات»، هل يا عزيزي القارئ ستصل لما وصلت إليه الآن، حتماً لا، فإن كان ميسي ورونالدو وإبراهيموفيتش وبيرلو سبباً في رفع القيمة الفنية للبطولة، فإن البطولة ستكون شبه خاوية من دون إعلاناتها، التي منها يعطي الاتحاد الأوروبي مكافآت الفرق المالية الضخمة ككل عام، فأنت بمجرد وصولك لدوري المجموعات تحصل على 5 ملايين يورو، ولكل فوز مبلغ معين، وكأن إرث يوهانسن الذي تركه لبلاتيني يتفجر بشكل مضاعف عاماً يتلوه عام آخر، وهذه قيمة الاستثمار المؤسساتي الحديث المتداول الآن والذي طرحه السويدي المحنك قبيل 19 عاماً من الآن.
لم ولن نتخيل البطولة من دون إعلان «بلاي ستايشن 3» والذي تطرحه القنوات الناقلة، لم نتخيلها من دون تلك السيدة العجوز التي تسجل هدفاً خرافياً على حارس المرمى وتذهب لتحتفل، أو ذلك المشاغب الذي يدخل غفلة ليسجل هدفاً في الزاوية التسعين على مرمى الحارس، كلها تلك إعلانات لبلاي ستايشن 3 لم يتعود المشاهد ألا يشاهدها قبل أن يشاهد مباراة فريقه في كل ليلة ثلاثاء وأربعاء.
همسة
نشاهد العديد من الدروس، مرئية ولا مرئية، بأعيننا أو بآذاننا، ولكن من دون غاية ووضوح، بل نجعلها فقط لنقول «واو».. و للأسف من دون «ذرة» تطبيق!