في فبراير 2006 كتب الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة، سفير مملكة البحرين إلى دولة الكويت، مقالاً بعنوان (عذراً رسول الله.. إننا في زمن التداعي)، نشره في إحدى الصحف الزميلة عبّر من خلاله عن غضبه وغضب المسلمين لقيام بعض الحاقدين برسم الرسول صلى الله عليه وسلم على صورة جرحت مشاعر الإنسانية.
اليوم تتكرر الإهانة والإساءة دون أن يعني هذا أن التطاول على شخص الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى الإسلام قد توقف بين التاريخين، فبين الفينة والفينة يبرز دونيّل يسيء إلى الإسلام وسيد المرسلين.
كان المقال الذي كتبه الشيخ خليفة بن حمد لايزال عالقاً في الذاكرة لأهميته وتأثيره، فعدت إليه ووجدت مقدار الألم الذي عاناه وعاناه المسلمون جميعاً من ذلك الفعل الشنيع ما دفعه إلى التعبير عن أحاسيسه من خلال الاعتذار لرسول الله بمخاطبته بالقول “عذراً يا رسول الله.. إننا في زمن التداعي.. كما أخبرتنا في قولك الكريم (تتداعي عليكم الأمم).. فالمطلّع على قضايا المسلمين وأحوالهم والصور المأساوية والإذلال والإهانة التي تتعرض لها أمة الإسلام.. وهي تعيش مرحلة من أحرج المراحل في تاريخها.. وتمر بأزمة لا يعلم متى تفيق من أزمتها إلا الواحد.. الأحد”.
هكذا لخص وكيل الشؤون الإسلامية السابق حال الأمة الإسلامية اليوم وأبان مقدار دقة قول الرسول ووصفه لحال المسلمين في زمان لاحق هو زماننا وتحذيره لهم بأنه “تتداعى عليكم الأمم”، أما أسباب تداعي الأمم علينا فكثيرة ذكر السفير أن منها ابتعادنا عن تعاليم الرسول وعدم التمسك بكتاب الله وسنة النبي “فهانت علينا أنفسنا وانشغلنا بدنيانا.. فهُنّا على الآخرين وأصبحنا لا نملك من هويتنا إلا أسماءنا”.
لم يدرك من حاول التطاول على شخص الرسول الكريم -كما يقول الشيخ خليفة بن حمد في مقاله- أن محمداً سيد ولد آدم وأنه أعلى إنسان تكويناً ونفساً وتربية وأعلى إنسان في الحياة الدنيا على الإطلاق وأعلى إنسان في الحياة الآخرة على الإطلاق وأعلى إنسان عند الله وأعلى إنسان درجة في الجنة وفي الأخلاق.
في المقال المذكور استشهد الكاتب بأقوال مجموعة من المؤرخين والمفكرين العالميين المشهورين في النبي العربي الكريم فأشار إلى ما قاله بردنارشو “إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد.. منقذ البشري”، وإلى قول تولستوي “يكفي محمداً فخراً أنه خلص أمة ذليلة من مخالب شيطان العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم”، وقول تولستوي أيضاً “إن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة”، وإلى قول ويل ديورانت صاحب تاريخ الحضارة “إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ”، وإلى أقوال آخرين ممن أدركوا عظمة محمد وتأثيره ودوره في مسيرة الإنسان وتطويرها.. وتطويره.
اليوم تتكرر الإساءة إلى رسول الأمة وإلى دين الإسلام لأننا صرنا في الحال التي ما كان ينبغي أن نصير إليه، الأسباب لا علاقة للآخر بها، فنحن سبب ما نحن فيه اليوم من مكانة لا تليق بنا ولا بديننا الحنيف ولا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
بقيت الإشارة إلى ردات الفعل التي لانزال نشهدها نتيجة لإنتاج ذلك الفيلم الذي جرح مشاعر كل ذي ضمير في هذا العالم والتي تحكمت فيها العاطفة فزادت الطين بلّة فأظهرت المسلمين على شكل يتيح لأولئك الدونيين التطاول من جديد على الإسلام وعلى الرسول، ذلك أنه كان بالإمكان الاستفادة مما حدث بطريقة لم يحتسب لها أولئك فيكون التطاول سبباً في توحيد الأمة وإحياء سُنة المحبين في اتباع الرسول ونصرته