لم يكن العميد وسام الحسن مجرد شخص يتولى منصباً أمنياً في دولة متعددة المشاكل كلبنان؛ بل كان ضابطاً ألمعياً ومميزاً يعزى إليه الكثير من النجاحات التي كانت آخرها العملية التي أسقطت الوزير السابق ميشيل سماحة بالصوت والصورة، وأظهرت أن القاعدة والسلفيين في لبنان يمكن أن يكونوا كافة الطوائف والديانات، خلافاً للقاعدة التي عرفناها وعايشنا تحركاتها.
اغتيال العميد وسام الحسن حمل رسائل متعددة التوجهات يمكن إيجازها فيما يلي:
- رسالة إلى الثوار السوريين وداعميهم في لبنان ممن كانوا في حماية الجهاز الأمني الذي يقوده وسام بأنهم لم يعودوا في مأمن، واختياره ليكون الاسم الأول على قائمة الاغتيالات أبلغ رسالة للمحتمين بدهائه الأمني، فكأنما من أرسل الرسالة يريد أن يقول لهم: “إذا كنتُ قد وصلتُ إلى رئيس شعبة المعلومات بكل قدراته ومقدراته فلا أحد منكم في مأمن”.
- رسالة إلى أنصار النظام السوري من لبنانيين وسوريين ممن تملكهم الخوف والارتباك بعد القبض على ميشيل سماحة؛ أن النظام مازال قوياً وقادراً على القيام بالكثير ولن يقبل أن يقفز أنصاره من سفينته في هذا الوقت.
- رسالة إلى السعودية وحلفائها الخليجيين والإقليميين؛ بأنني مازلت أستطيع أن أشعل الأرض تحت أقدامكم وأقدام حلفائكم في 14 آذار، وأن قلع النظام السوري له عواقب مؤلمة، فقبل ساعات من اغتيال وسام الحسن، أعلنت السعودية عن القبض على مجموعة إيرانية على شواطئ الخفجي، وشهدت الساحة البحرينية تطوراً ميدانياً أدى إلى استشهاد رجل أمن بعبوة ناسفة زرعت وانفجرت مخلفة قتيلاً وجريحاً، وأن النظام السوري وحليفته إيران سيضربون في كل اتجاه كما هددوا كثيراً؛ فعمان والرياض والمنامة وبيروت وإسطنبول لن تكون في منأى من الانفجارات في الشام.
هذه الرسائل تخلف كماً هائلاً من الأسئلة التي قد تدل على الكثير من التحركات في الكواليس؛ منها أسباب دخول ملف سماحة في حالة ركود، وتوقف الجهات المعنية في لبنان عن إصدار مذكرة توقيف لكل من اللواء رستم غزالة وبثينة شعبان، والكثير من الأسئلة المكتوبة بالدم والبارود والتي تعيد بيروت إلى ساحة الاغتيالات مرة أخرى تتشابك فيها الخطوط انطلاقاً من اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ومروراً بالكثير من الأسماء، لكن الوصول إلى قادة العمل الأمني وتصفيتهم في ظل هذه الظروف هي أبرز ما جمع عملية اغتيال الوسامين اللبنانيين؛ النقيب وسام عيد أبرزالمحققين في جريمة اغتيال الحريري والعميد وسام الحسن الصندوق الأسود لملفات لا حصر لها أطاحت بأكثر من 100 شبكة متعاونة مع إسرائيل والكثير من الفضائح التي أطاحت بخصوم لبنان في الضاحية الجنوبية وسوريا ومن يدري من التالي.
^ ورقة بيضاء..
الإدانة الصادرة من دمشق وطهران بخصوص عملية اغتيال العميد وسام الحسن تتشابه في مفرداتها وأسلوبها إدانة جمعية الوفاق البحرينية “لاغتيال” الشرطي عمران أحمد في قرية “العكر”، فهي لا تعدو ذراً للرماد في العيون، وكما قيل سابقاً “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.
لكن إدانة الوفاق، كعادتها، تنتهي بلازمة واحدة أساسها “ولكن”، وذلك لتبرير القتل التي يتعرض له أفراد الشرطة على أيدي مجموعة من الإرهابيين، تطبيقاً لدعوة “اسحقوهم”، والتي لاتزال إلى الآن الفتوى الأكثر تطبيقاً على ساحة الإرهاب في البحرين وسوريا ولبنان..