الدعوة التي أطلقها الأسبوع الماضي رجل الأعمال عبدالله عيسى الكبيسى إلى تقييم أداء المجلس النيابي من قبل المواطنين دعوة ينبغي أن تجد الاهتمام الذي تستحقه، فمن الجميل والمهم أن يتم ذلك قبل البدء في دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث كي يتمكن المواطنون من الوقوف على إيجابيات وسلبيات المجلس الحالي وتقييم ما تم وما قام به كل نائب وبالتالي استخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها في الانتخابات التالية وليعرف النواب أن وصولهم إلى المجلس ليس هو الحلقة الأخيرة في مشوار الترشح للانتخابات وأن وراء ذلك ما وراءه من مراقبة ومحاسبة دقيقة من قبل الناخبين، حيث على النائب العمل بجد واجتهاد أكبر منذ اللحظة التي يرتاح فيها على ذلك الكرسي المختلف تماماً عن غيره من الكراسي.. وإن كان مريحاً أيضاً!
لو سألت أغلب المواطنين عن مدى رضاهم عن أداء النواب في هذا الفصل لاتفقوا في الغالب على أنه كان دون المطلوب، وقد يجدها البعض فرصة لمهاجمة بعض النواب أو جميعهم والتقليل من شأنهم. صحيح أن الموقف في غالبه هنا سيكون مؤطرا بالعواطف والتي تظل سلبية لاعتقاد الكثيرين أن دور النواب الأساس هو العمل على تحسين المعيشة فقط؛ إلا أنه لا يمكن فصل هذا عن ذاك خاصة أن أكثر الوعود فترة الانتخابات التي تصدرت البرامج الانتخابية كانت تمني المواطنين بتحسين أحوالهم المادية والتي يفهمها الناس عادة على أنها زيادة رواتب وأجور وتخفيض رسوم وحل مشكلات.
بالتأكيد ليس صحيحاً القول إن المجلس لم يعمل شيئاً، فالتقييم إن كان موضوعياً سيبين أن النواب -بشكل عام- اجتهدوا وحاولوا وسعوا وأنهم وفقوا في مساحات معينة ولم يوفقوا في أخرى لسبب أو لآخر وهذا أمر طبيعي. ربما لم يصلوا بعد إلى ما يقنع أولئك الذين أوصلوهم إلى المجلس وخصوصاً إن كان المعيار تحسين المعيشة وليس ممارسة الرقابة على المال العام وعلى أداء الحكومة وتشريع القوانين.
ما دعا إليه رجل الأعمال عبدالله الكبيسي طيب؛ حيث من المهم البدء بتقييم أداء النواب ومقارنة أدائهم وما سعوا إليه وما حققوه ببرامجهم الانتخابية وبوعودهم، خصوصاً تلك المتعلقة بحياة المواطنين ومشكلاتهم، والكبيسي محق أيضاً في إشارته إلى الأموال التي صرفت على المجلس التشريعي والتي يفترض أن يكون عائدها كبيراً ومميزاً وإلا اعتبرت ضائعة ،وهو محق أيضاً في سؤاله الذي جاء على شكل صرخة عن الإيجابيات التي حققها المجلس النيابي وأنه لم يتمكن حتى الآن من حل المشكلات الحقيقية التي تواجه المجتمع البحريني.
ربما كان مناسباً الإشارة إلى نشاط كتلة البحرين النيابية خلال الفترة الأخيرة وسعيها إلى عمل شيء يصب في صالح الناس عبر تقريب وجهات النظر والإسهام في حل المشكل الأكبر الذي أثر في أهل البحرين وكاد يقسمهم إلى فريقين، فهذا نشاط جميل يحسب لهؤلاء النواب حتى وإن كان -كما رأى البعض- أنهم يريدون بذلك إقناع العامة أنهم في مكانهم الصحيح وإن دخلوا المجلس عبر انتخابات تكميلية لم تجد الإقبال المطلوب.
ما قامت به كتلة البحرين في هذا الصيف ولا تزال مستمرة فيه في إجازتها يعطي مثالاً جميلاً على أن مجلس النواب يحاول أن يتلمس مشكلات المواطنين ويسعى إلى حلها.
ليس صحيحاً أن مجلس النواب لم يقدم شيئاً، وليس صحيحاً بالمقابل أنه قدم المطلوب والمتوقع منه، من هنا فإن دعوة الكبيسي ينبغي أن تجد الاهتمام من الجميع، ولعل ما دعا إليه يتحول بعد قليل إلى خطوة أساسية ينظر إليها النواب ومن يعتزم الترشح لدخول المجلس باهتمام بالغ فيعرف أنه مراقب دائماً ومحاسب وأن الحساب صعب عسير.