في جلسة الاستماع في الكونجرس الأمريكي قدمت الوفاق عرضاً مغرياً لمساعد وزير الخارجية الأمريكي مايكل بوسنر ولأعضاء الكونجرس بغية إيصاله لصناع القرار في البيت الأبيض، عرضاً بالتدخل المباشر في شؤون البحرين وتفصيل الدولة بحسب ما تريده الوفاق شريطة ضمان عدم تضرر المصالح الأمريكية.
رغم محاولة عضو الوفاق مطر مطر -وهو صناعة أمريكية بحتة من خلال البرامج التي شارك فيها- لبيان أنه ليس متواجداً ليطلب مساعدة الحكومة الأمريكية (طبعاً حتى لا يتهم بطلب تدخل خارجي)، لكنه موجود ليطالب بالالتزام الأخلاقي على الحكومة الأمريكية للدفاع عما تؤمن به من مفاهيم وقيم، إلا أنه كشف عن مسعاه الحقيقي عندما طلب صراحة التدخل الأمريكي المباشر بدعوته الكونجرس الأمريكي للسعي لاستحداث حكومة وحدة وطنية في البحرين من جميع الأطراف بتمثيل متناصف من المعارضة والموالاة بقيادة رئيس وزراء متفق عليه.
طلب صريح وواضح مثل هذا لابد وأن يقترن بعروض مغرية تقنع الطرف الآخر، وإلا لماذا يكلف الأمريكان أنفسهم عناء قلب الأمور لأجل خاطر الوفاق؟!
مطر طرح صيغة يتضح من تحليلها المضمون الدالة عليه، حينما ربط التزام الولايات المتحدة أخلاقياً بقيمها بعملية دعم ما وصفه بالنظام القمعي باعتبارات الحفاظ على وجود القاعدة الأمريكية، طارحاً سؤالاً بهدف دفع الأمريكان لمناقشته كخيارات بديلة، حينما قال: «هل هناك حاجة لدراسات معمقة للاستنتاج بأن نظاماً من هذا النوع غير قابل للاستمرار؟!».
زبدة الكلام هنا بأن ممثل الوفاق يعرض وبشكل ضمني على الولايات المتحدة استمرار مصالحها في البحرين وتأمين وجود الأسطول الخامس حتى لو قامت بتغيير شكل البحرين السياسي، ومنح الدعم للوفاق الموالية دينياً ومذهبياً لإيران، والأخيرة التي تصف واشنطن بأنها «الشيطان الأكبر».
الأمريكان ليسوا سذجاً وليسوا أغبياء على الإطلاق، وما تعرفه الوفاق ويعرفه الكثيرون بأن الحديث عن مسألة الالتزام الأخلاقي ليست مربط الفرس هنا، فمن يبحثون لديهم عن الدعم والتأييد عبر استعراض شعارات حقوق الإنسان، هم أنفسهم من اتهمتهم منظمة العفو الدولية بارتكاب أشنع جرائم حقوق الإنسان في معتقلاتهم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. لكن العملية كلها تكمن في كيفية تقديم الضمانات على استمرار المصالح، بل وتعزيزها.
الوفاق تقدم اليوم عرضاً للأمريكان بأن مكاسبهم ستكون أكبر لو ساعدتهم على الاستحواذ على البحرين تدريجياً، وعبر صيغ تستخدم شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.
إلا أن التغطية على الهدف الحقيقي لابد وأن تكون موجودة دائماً لدى أي متحدث من الوفاق، إذ كشف المطامع الحقيقية هكذا دون أي خط رجعة يؤكد السعي الانقلابي للجمعية ولا يعكس الادعاء الإصلاحي الذي تتخذه شعاراً لها اليوم، بدل الإسقاط إصلاح، وعليه فإن ممثل الوفاق يقول إنه ينتظر وجمعيته دعوة من سمو ولي العهد للدخول في الحوار.
كلام بوسنر بشأن الوضع في البحرين لم يمنح الوفاق نقاط تفوق بقدر ما بين الخطوات المؤثرة التي اتخذتها مملكة البحرين بشأن إعادة الاستقرار للبلد بعد الأحداث التي شهدتها، مؤكداً على أهمية الحوار، مرسلاً رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة في الوقت الحالي تدعم فكرة الحوار، ولن تدعم أية فكرة تتعلق بالتغيير القسري للنظام عبر استنهاض المعارضين من الداخل، وعليه فإن الوفاق الآن متجهة لخفض سقف مطالبها المتشددة أمام أي إمكانية لعقد حوار، بموازاة ذلك باتت تهتف باسم سمو ولي العهد وتعتبره المنقذ بعد أن كانت هي أكثر الأطراف في الأزمة المسيئة لسموه وأكثرها تعنتاً لقبول مبادراته بشأن الحوار.
الوفاق بقدر ما تأتمر بأمر الولي الفقيه، وبقدر ما تحرص على عدم إغضاب مرجعيتها الإيرانية، بقدر ما تعجز عن مخالفة الأمريكان كمرجعية سياسية، بالتالي الأمريكان يأمرونكم اليوم بدخول الحوار، ولأن النوايا ليست صادقة، ولأن الهدف هو الاستحواذ على الدولة في النهاية، فإن المجنون وحده هو من سيلعب بالورقة والحجر مع واشنطن، ومن سيمنحها كلاماً ووعوداً ثم يخالفها. ضمان العلاقة مع القوي أمر مهم، فالمستقبل قد يكون مرتبطاً بهم بشكل أساسي.
عرض الوفاق لم يلق قبولاً في جلسة الكونجرس، بالتالي العرض الأمريكي هو المتاح أمامكم حالياً، وأبشع حالات الارتباك التي يمكن أن تواجهوها اليوم هي صدور تعليمات من الولي الفقيه بمخالفة الاتفاق مع الأمريكان.
حوار الوفاق مع الدولة لن يبدأ إلا بعد نهاية حوارها مع الأمريكان، وهو الأمر الذي يثير السخرية هنا، إذ وفق ما نراه يحصل، يفترض أن يكون الحوار القادم مشتملاً على كافة الأطراف المعنية بالشأن البحريني، بالتالي يفترض أن يتصدر الطاولة ممثلو الولايات المتحدة قبل الدولة والمعارضة وبقية الأطراف، فمن بات يقرر ويوصي ويقرر لنا ما نفعل غير الصديقة والحليفة الاستراتيجية؟!
رغم محاولة عضو الوفاق مطر مطر -وهو صناعة أمريكية بحتة من خلال البرامج التي شارك فيها- لبيان أنه ليس متواجداً ليطلب مساعدة الحكومة الأمريكية (طبعاً حتى لا يتهم بطلب تدخل خارجي)، لكنه موجود ليطالب بالالتزام الأخلاقي على الحكومة الأمريكية للدفاع عما تؤمن به من مفاهيم وقيم، إلا أنه كشف عن مسعاه الحقيقي عندما طلب صراحة التدخل الأمريكي المباشر بدعوته الكونجرس الأمريكي للسعي لاستحداث حكومة وحدة وطنية في البحرين من جميع الأطراف بتمثيل متناصف من المعارضة والموالاة بقيادة رئيس وزراء متفق عليه.
طلب صريح وواضح مثل هذا لابد وأن يقترن بعروض مغرية تقنع الطرف الآخر، وإلا لماذا يكلف الأمريكان أنفسهم عناء قلب الأمور لأجل خاطر الوفاق؟!
مطر طرح صيغة يتضح من تحليلها المضمون الدالة عليه، حينما ربط التزام الولايات المتحدة أخلاقياً بقيمها بعملية دعم ما وصفه بالنظام القمعي باعتبارات الحفاظ على وجود القاعدة الأمريكية، طارحاً سؤالاً بهدف دفع الأمريكان لمناقشته كخيارات بديلة، حينما قال: «هل هناك حاجة لدراسات معمقة للاستنتاج بأن نظاماً من هذا النوع غير قابل للاستمرار؟!».
زبدة الكلام هنا بأن ممثل الوفاق يعرض وبشكل ضمني على الولايات المتحدة استمرار مصالحها في البحرين وتأمين وجود الأسطول الخامس حتى لو قامت بتغيير شكل البحرين السياسي، ومنح الدعم للوفاق الموالية دينياً ومذهبياً لإيران، والأخيرة التي تصف واشنطن بأنها «الشيطان الأكبر».
الأمريكان ليسوا سذجاً وليسوا أغبياء على الإطلاق، وما تعرفه الوفاق ويعرفه الكثيرون بأن الحديث عن مسألة الالتزام الأخلاقي ليست مربط الفرس هنا، فمن يبحثون لديهم عن الدعم والتأييد عبر استعراض شعارات حقوق الإنسان، هم أنفسهم من اتهمتهم منظمة العفو الدولية بارتكاب أشنع جرائم حقوق الإنسان في معتقلاتهم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. لكن العملية كلها تكمن في كيفية تقديم الضمانات على استمرار المصالح، بل وتعزيزها.
الوفاق تقدم اليوم عرضاً للأمريكان بأن مكاسبهم ستكون أكبر لو ساعدتهم على الاستحواذ على البحرين تدريجياً، وعبر صيغ تستخدم شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.
إلا أن التغطية على الهدف الحقيقي لابد وأن تكون موجودة دائماً لدى أي متحدث من الوفاق، إذ كشف المطامع الحقيقية هكذا دون أي خط رجعة يؤكد السعي الانقلابي للجمعية ولا يعكس الادعاء الإصلاحي الذي تتخذه شعاراً لها اليوم، بدل الإسقاط إصلاح، وعليه فإن ممثل الوفاق يقول إنه ينتظر وجمعيته دعوة من سمو ولي العهد للدخول في الحوار.
كلام بوسنر بشأن الوضع في البحرين لم يمنح الوفاق نقاط تفوق بقدر ما بين الخطوات المؤثرة التي اتخذتها مملكة البحرين بشأن إعادة الاستقرار للبلد بعد الأحداث التي شهدتها، مؤكداً على أهمية الحوار، مرسلاً رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة في الوقت الحالي تدعم فكرة الحوار، ولن تدعم أية فكرة تتعلق بالتغيير القسري للنظام عبر استنهاض المعارضين من الداخل، وعليه فإن الوفاق الآن متجهة لخفض سقف مطالبها المتشددة أمام أي إمكانية لعقد حوار، بموازاة ذلك باتت تهتف باسم سمو ولي العهد وتعتبره المنقذ بعد أن كانت هي أكثر الأطراف في الأزمة المسيئة لسموه وأكثرها تعنتاً لقبول مبادراته بشأن الحوار.
الوفاق بقدر ما تأتمر بأمر الولي الفقيه، وبقدر ما تحرص على عدم إغضاب مرجعيتها الإيرانية، بقدر ما تعجز عن مخالفة الأمريكان كمرجعية سياسية، بالتالي الأمريكان يأمرونكم اليوم بدخول الحوار، ولأن النوايا ليست صادقة، ولأن الهدف هو الاستحواذ على الدولة في النهاية، فإن المجنون وحده هو من سيلعب بالورقة والحجر مع واشنطن، ومن سيمنحها كلاماً ووعوداً ثم يخالفها. ضمان العلاقة مع القوي أمر مهم، فالمستقبل قد يكون مرتبطاً بهم بشكل أساسي.
عرض الوفاق لم يلق قبولاً في جلسة الكونجرس، بالتالي العرض الأمريكي هو المتاح أمامكم حالياً، وأبشع حالات الارتباك التي يمكن أن تواجهوها اليوم هي صدور تعليمات من الولي الفقيه بمخالفة الاتفاق مع الأمريكان.
حوار الوفاق مع الدولة لن يبدأ إلا بعد نهاية حوارها مع الأمريكان، وهو الأمر الذي يثير السخرية هنا، إذ وفق ما نراه يحصل، يفترض أن يكون الحوار القادم مشتملاً على كافة الأطراف المعنية بالشأن البحريني، بالتالي يفترض أن يتصدر الطاولة ممثلو الولايات المتحدة قبل الدولة والمعارضة وبقية الأطراف، فمن بات يقرر ويوصي ويقرر لنا ما نفعل غير الصديقة والحليفة الاستراتيجية؟!