جلالة الملك أكد في خطابه بالأمس على كون البحرين دولة مؤسسات وقانون، وأنه لا أحد يفترض به التطاول على المؤسسات ويتجاوز القانون، ومضى في هذا الإطار ليقول “من يحاول ذلك سنضرب على يده بكل قوة”، في تأكيد على أن الدولة لن تتهاون في عملية تطبيق القانون على من يستحق.
خيراً فعل حمد بن عيسى، إذ بالأمس تحديداً كان اللغط سائداً بشأن المحاكمات السائرة بحق مجموعة قامت بتجاوزات وجرائم وجنح خلال الأزمة، ومجموعة سعت إلى تنفيذ مخطط للانقلاب على النظام، إذ بقوله يفترض حسم هذا اللغط والوثوق بأن هذا البلد حريص أشد الحرص على تطبيق القانون.
كلام جلالة الملك في خطاباته نأخذه دائماً على محمل الجد، إذ هو رأس السلطات، وهو من نعتبره ضمانة الاستقرار في البلد، وهو كولي أمر للبحرين وأهلها ملزم بتطبيق شرع الله فيها والحكم بالعدل والإنصاف والانتصار للحق وأخذ مظلمة المظلوم والضرب بقوة على يد الظالم.
من غير المنطقي أبداً أن ننظر للمحاكمات السائرة بحق من أجرموا وارتكبوا الفظائع على أنها وسيلة للتخفيف عليهم أو طريقة للوصول للعفو المطلق، وهي الفكرة التي يسعى الانقلابيون اليوم إلى ترسيخها في ذهن المخلصين سعياً لدفعهم للانقلاب على نظامهم والسير معهم في نفس خندق التخوين والإسقاط عبر زرع الإحباط فيهم.
الإحباط الحقيقي اليوم هو الذي يسود قلوب من ظنوا أن البحرين سقطت وأن مساعي احتلالها نجحت، لكن في المقابل لا ننكر أن هناك فترات ساد فيها الإحباط في صفوف المخلصين، خاصة حينما منح المتجاوزون فرصاً جديدة للتكفير عما قاموا به، خاصة أن كثيراً منهم أثبتوا لنا كيف أنهم حينما يواجهون بالجزاء ينكرون ما فعلوه، بل ويعمدون للكذب والتزوير، فأكبر قياداتهم اليوم تنفي بشدة أنها حرضت على إسقاط النظام، خوفاً من أن يطالها العقاب، وهو ما كان يفترض أن يطالها لا بدوافع انتقامية ولا عبر ردود فعل، بل بناء على ما ينص عليه القانون.
نثق بحمد بن عيسى ونواليه في الخير، ونستند لكلامه وتصريحاته التي نراها خريطة طريق متجددة تسعى للسير بالبحرين وأهلها إلى دروب الخير والسلام، لكن أيضاً من واجبنا إن أحسسنا بأن الأمور تمضي بوتيرة متباطئة أو أن بعض الأمور لا تسير في اتجاهها الصحيح، عبر بيان ما يعتمل في قلوب المخلصين لهذه الأرض.
قلق المخلصين محصور في قناعتهم بأنه سيأتي يوم يتم فيه العفو عمن ارتكب أبشع الجرائم بحق هذا الوطن، وعمن خانه وطعنه، وأخذ يجوب الأرض بمشرقها ومغربها يشوِّه في سمعته ويؤلب الغرب عليه، بل يدعو أي جهة أجنبية تستمتع له بأن تتدخل في شؤون بلده. قلق من أن راية الباطل ستعلو فوق الحق لاعتبارات وضغوط أو أسباب خفية.
كلمات جلالة الملك بالأمس تأكيد على أن هذه الدولة ملتزمة بإحقاق العدل والإنصاف، لن تقبل بالتجاوز على القانون أو السماح للمخطئين بأن ينجو بأفعالهم من العقوبة، خاصة أن ذلك سيدفع آخرين للقيام بنفس الأفعال دون إلقاء بال للعقوبة، وكفيل بأن يؤسس عرفاً خاطئاً أن القانون معطل وعليه فافعل ما تشاء، سقط، حرض، اشتم، احرق وانقلب على النظام دون أي رادع.
ملك البحرين أعلن بالأمس وبصراحة أن من واجبه حماية المواطنين الآمنين الصالحين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً، والانكباب على مصالحهم دون تمييز. واليوم ندرك أن حماية المخلصين لهذه البلد لن يكون إلا عبر ردع الكارهين لهذه الأرض، الخائنين لها ولحكمها بأفعالهم وأقوالهم وجرائمهم، وتحقيق مصالح المخلصين اليوم لا يتم إلا عبر استيفاء حقوقهم على رأسها ضمان استقرار البلد واستتباب أمنه الذي لن يكون إلا بالضرب بقوة على يد من يريد الشر به، ومن يتعامل مع حياة البشر وكأنها لعبة بين يده.
نعم، نحن دولة مؤسسات وقانون، ويفترض أن نرى تعزيزاً في هذا الجانب من خلال رؤية إثباتات تؤكد على أن القانون يطبق بلا مواربة، وأن المواطنين سواسية في الجزاء والعقاب، وأن من يخطئ يتحمل تبعات خطئه.
نريد للقانون أن يطبق بحذافيره، لا نقبل بظلم مظلوم، ولا نقبل بالتغاضي عن ظالم، ملكنا تعهد لنا بذلك سابقاً، فهو الحاكم بالقانون، الحريص عليه. وبالأمس جدد التأكيد، وعليه ننتظر تطبيق القانون، في مقابل امتلاك الحق في طرح التساؤلات المباحة بشأن حالات عديدة نراها تحصل أمامنا فيها من التحريض والتخريب الكثير ورغم ذلك مازال غياب تطبيق القانون عليها يمثل لغزاً محيراً.
ختاماً، ندعو في هذه الأيام المباركة أن يحفظ الله بلدنا وأهله المخلصين من شر الكائدين والخونة والمغرضين، وأن يلهم حكامه القوة والحكمة لصونه وحفظه والحكم بالعدل فيه.