عزيزتي أم عمر، حفظك الله ورعاك، في ذكرى زواجنا الخامسة عشرة، بحثت باجتهاد عن هدية تليق بمقامك الكريم، هدية أحاول من خلالها أن أعبر عن مشاعر وأحاسيس عديدة لا أجد لها الكلمات المناسبة، فلم أستطع أن أخمن هذه السنة بالتحديد ما الهدية المناسبة، لأرسم على وجهك ووجوه أطفالنا الابتسامة، أعلم جيداً أنك لا تفكرين بنوع الهدية ولا قيمتها، وأعلم جيداً أنك تقولين لي دوماً أنت هديتي، وأعلم جيداً أنك ترددين دوماً على مسامعي حكمة ورثتيها عن والدتك الحكيمة أن «الهدية هي نعمة لم شمل العائلة والصحة والعافية»، لكن هذه السنة قررت أن تكون هديتي مختلفة، قديماً لم يكن العرب يجيدون فن الاعتذار لصلافة حياتهم، وربما لتعصبهم واعتباره ضعفاً وإهانة ومنقصة، بحق مفهوم الرجولة، لذا فلتسمح لي مضارب القبيلة أن أخالف أعرافهم للمرة الأولى، وإن شاء الله الأخيرة، وذلك بإشهار الاعتذار، نعم الاعتذار، فالهدية هذه السنة يا أم عمر ستكون مجموعة اعتذارات عن حماقات سابقة، وهفوات سابقة، وإخفاقات سابقة، من أجل كل هذا قررت أن أعتذر على رؤوس الأشهاد وأمام مرأى ومسمع الناس، ليكونوا شهوداً علي يوم القيامة.
- أعتذر عن كل المخاطر التي اضطررتي أن تخوضيها معي مجبرة، بسبب حرصك على البقاء معي، في السراء والضراء، مخاطر في الحل والترحال، بسبب مهنة المتاعب التي أدمنتها، وفشلت في الإقلاع عنها.
- أعتذر لأني كنت أكثر إخلاصاً لزوجتي الأولى، ورغم أنها لا تضاهيك قرباً إلى قلبي، لكن المثل يقول «من فات قديمه تاه»، وأنا متزوج من مهنة الصحافة منذ 20 سنة.
- أعتذر لأني لم أكن زوجاً مثالياً، فكنت كثيراً ما أنسى ارتباطاتي الأسرية، بسبب العمل والسعي في دروب المخاطر التي أهوى مسالكها.
- أعتذر لأني أتعبتك كثيراً، عندما جعلت لحظات انتظارك لعودتي للبيت تتسم دوماً بطابع الحزن والألم والخوف، لأني كنت وأبداً، أبحث عن الحقيقة حتى لو كانت رحلة البحث على حسابك، وعلى حساب أطفالنا الرائعين، لأني بصراحة وببساطة، لا أجيد عملاً آخر غير البحث عن الحقيقة.
- أعتذر لأني لم أستطع أن أحقق أحلامك في بيت هادئ، بعيداً عن المخاطر، وعن الخوف، والترقب، وخفافيش الظلام، وكما تعلمين أن أعداء الحقيقة في كل زمان ومكان، أكثر عدوانية من جيوش المغول، وأكثر وحشية من جيوش الغزاة.
- أعتذر لأني لم أكن أباً ناجحاً، فقد كنت دوماً وربما أبداً، تقومين بواجباتي تجاه أطفالنا في حالة المرض والصحة، وكنت تشترين لهم هدايا النجاح، وتقولين لهم إن أباكم اشتراها قبل أن يذهب للعمل.. كم كانت هذه المحطات رائعة في حياتي.
عزيزتي الغالية أم عمر، من أجمل الأشياء التي تعلمتها من خلال تجربتي المريرة في هذه الحياة هو الفهم العميق لفلسفة الاعتذار، لأنه لا يحتاج إلى الكلام في كثير من الاحيان، بل يحتاج إلى تصرفات ووسائل صادقة، لا يمكن أن تكذب، اعتذار تفك طلاسمه العيون المخلصة، التي لا يجيد غيرها رؤية الاعتذار من الحبيب المسيء، وبالطبع فإن الرسائل الصادقة لا يتقن إرسالها سوى الذين يريدون فعلاً الاعتذار.
{{ article.visit_count }}
- أعتذر عن كل المخاطر التي اضطررتي أن تخوضيها معي مجبرة، بسبب حرصك على البقاء معي، في السراء والضراء، مخاطر في الحل والترحال، بسبب مهنة المتاعب التي أدمنتها، وفشلت في الإقلاع عنها.
- أعتذر لأني كنت أكثر إخلاصاً لزوجتي الأولى، ورغم أنها لا تضاهيك قرباً إلى قلبي، لكن المثل يقول «من فات قديمه تاه»، وأنا متزوج من مهنة الصحافة منذ 20 سنة.
- أعتذر لأني لم أكن زوجاً مثالياً، فكنت كثيراً ما أنسى ارتباطاتي الأسرية، بسبب العمل والسعي في دروب المخاطر التي أهوى مسالكها.
- أعتذر لأني أتعبتك كثيراً، عندما جعلت لحظات انتظارك لعودتي للبيت تتسم دوماً بطابع الحزن والألم والخوف، لأني كنت وأبداً، أبحث عن الحقيقة حتى لو كانت رحلة البحث على حسابك، وعلى حساب أطفالنا الرائعين، لأني بصراحة وببساطة، لا أجيد عملاً آخر غير البحث عن الحقيقة.
- أعتذر لأني لم أستطع أن أحقق أحلامك في بيت هادئ، بعيداً عن المخاطر، وعن الخوف، والترقب، وخفافيش الظلام، وكما تعلمين أن أعداء الحقيقة في كل زمان ومكان، أكثر عدوانية من جيوش المغول، وأكثر وحشية من جيوش الغزاة.
- أعتذر لأني لم أكن أباً ناجحاً، فقد كنت دوماً وربما أبداً، تقومين بواجباتي تجاه أطفالنا في حالة المرض والصحة، وكنت تشترين لهم هدايا النجاح، وتقولين لهم إن أباكم اشتراها قبل أن يذهب للعمل.. كم كانت هذه المحطات رائعة في حياتي.
عزيزتي الغالية أم عمر، من أجمل الأشياء التي تعلمتها من خلال تجربتي المريرة في هذه الحياة هو الفهم العميق لفلسفة الاعتذار، لأنه لا يحتاج إلى الكلام في كثير من الاحيان، بل يحتاج إلى تصرفات ووسائل صادقة، لا يمكن أن تكذب، اعتذار تفك طلاسمه العيون المخلصة، التي لا يجيد غيرها رؤية الاعتذار من الحبيب المسيء، وبالطبع فإن الرسائل الصادقة لا يتقن إرسالها سوى الذين يريدون فعلاً الاعتذار.