حينما قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي مايكل بوسنر إن “ما حصل في البحرين لا يمكن تصنيفه ضمن “ثورات الربيع العربي” نظراً للتباينات العديدة والاختلافات الواضحة”، ثارت ثائرة بعض قادة التحريض والتخريب، ودفع بممثل “حزب الله” البحريني المتواجد في جلسة الاستماع أمام الكونغرس للتعهد بأن الوفاق مستعدة للدخول فوراً في حوار بلا شروط بمجرد تلقيها دعوة مباشرة من سمو ولي العهد.
البحرينيون أنفسهم ومعهم من هو متتبع للأحداث الحاصلة في مملكتنا عن قرب، يعرف هؤلاء تماماً لماذا لم يصنف ما حصل في البحرين على أنه ضمن ثورات الربيع العربي.
عانى الغرب في بادئ الأمر من “متاهة معلوماتية” بسبب التضليل الذي مورس عليه، والذي استغل عملية دفع الناس لمواجهة قوات الأمن، ورغبة إسقاط ضحايا للمتاجرة بجثثهم لبيان أن في البحرين ثورة شعب بأكمله ضد الظلم والاستبداد المطلق الذي ساووه بما كان حاصلاً في تونس ومصر وليبيا.
بيد أن ما كشف الأمور وقدم الحقائق بوضوح للغرب، بالأخص من يريد أن يعرف الحقيقة، ومن يمتلك رغبة في الوقوف على الحياد، هي إجراءات “مفصلية” قامت بها الدولة بقيادة جلالة الملك من خلال الحوار الوطني ولجنة تقصي الحقائق وتنفيذ التوصيات. المنطق هنا يقول: لا يعقل بأن يقوم نظام متهم بارتكاب جرائم بتعيين لجنة دولية تتشكل من خبراء دوليين لتقدم تقريراً مفصلاً يتضمن في طياته ملاحظات ومآخذ على إجراءات الدولة، ثم يقبل به من فوره. إلا أن هذا التعاطي الرسمي هو ما أثبت للعالم أن البحرين تعرضت لظلم إعلامي واضح، وانحياز حتى من قبل بعض وسائل الإعلام التي غلبت جانباً “كاذباً” من القصة على جوانب أخرى تمثل الحقيقة والواقع.
كدلالة على ذلك خلت بيانات منظمات دولية حقوقية وتصريحات لمسؤولين رسميين من معلومات هامة ووقائع مؤثرة في سيناريو ما حصل، مثل عملية دهس الشرطي وقتله بشكل وحشي، اختطاف العمال وتعذيبهم في مستشفى السلمانية، استهداف الطلبة في الحرم الجامعي، بالإضافة لتعرض بقية مكونات المجتمع التي خالفت الانقلابيين في أهدافهم إلى استهداف في أمنهم المعيشي.
في بلدان الربيع العربي توحدت إرادة الشعوب باختلافاتهم العقدية والإثنية على هدف واحد، تمثل في الرغبة بتغيير الواقع وإنهاء حقبة زمنية اتسمت بالظلم والاستبداد والمعاناة المعيشية، وبناء على هذه الدوافع المنطقية والعادلة كان التغيير، بينما في البحرين سُرق صوت الشعب برمته من قبل أطياف معينة، قدمت نفسها طوال عقود متلاحقة على أنها روافد وتفريعات لتنظيمات خارجية لها أطماع في البحرين، بالتالي كانت مسوغات النهوض القائمة على تحقيق المطالب الشعبية تمثل أرضية كاذبة لهؤلاء، عليها تقوم أهدافهم الحقيقية المتمثلة بالرغبة في السيطرة على الدولة عبر إسقاط نظامها السياسي وإحلال نظام آخر مفصل بالقياس ليخدم أجندة المنقلبين.
هذه التساؤلات بدأت تبرز بكثرة اليوم، والأهم أنها بدأت تبرز في الخارج بشكل ملحوظ، إذ حينما يأتي الحديث على الربيع العربي توضع ألف علامة استفهام على وضعية البحرين، والسؤال: لماذا لم تنجح الثورة؟! وتأتي الإجابة عبر بيان التفاصيل وسرد الأحداث “الحقيقية” وتوثيق الوقائع لتبين بأنها لم تكن ثورة نظيفة بل كانت تحركاً انقلابياً طائفياً استغلت فيه أرواح الناس ودماءهم عبر مقومات التبعية المذهبية، ففرقت الشعب ولم تجمعه أصلاً تحت صوت واحد.
بل الحقيقة برزت أكثر اليوم بدون أن تقوم الدولة بأي جهد إضافي، إذ نفسهم الأشخاص الذين بدأوا كل شيء، هم من يقدمون الأدلة والدلائل على أنها “ثورة عنف” وحراك غير سلمي على الإطلاق، تكفي نظرة واحدة على موقع “اليوتيوب” لتجد عشرات الفيديوهات التي تبين عمليات استهداف المرافق العامة والشرطة بقنابل المولوتوف الحارقة، وتجد هذه الفيديوهات تحت عناوين صارخة تبرز من خلالها النزعة العنصرية الطائفية. هذه الفيديوهات وضعت هناك للمفاخرة بالتفوق على النظام ميدانياً، في حين أنها إثبات صريح على أن ادعاء “السلمية” ماهو إلا خيال وادعاء، مغفل من سيستمر في تصديقه إلى الآن بالأخص في المجتمع الغربي.
الآن بدأت الوفاق تنتبه للمسألة، بدأت تدرك بأن الانفلات الأمني في الشارع، والتحشيد الدائم في فعالياتهم هو من أضعف شوكتها، وهو من أوهن حجتها، فحين تدعي السلمية ترى سماء البحرين ليلاً تشتعل بفعل المولوتوفات في تناقض فاضح. وحينما يسألون عما يحصل يقعون في ورطة، إذ القول بأنه لا يد لهم على تصرفات هذه الفئات المخربة، فإن ذلك بحد ذاته إضعاف لادعائهم بأنهم يمثلون الناس، وبيان لكذب شعاراتهم بالقول إن كل “الشعب يريد”.
ما حصل في الحادثة الأخيرة التي توفي فيها شاب في المحرق يوضح الكثير، فأحد عناصر الوفاق خليل المرزوق ذهب ليقول بأن ما استدعى أجهزة الأمن للرد هو استخدام المولوتوف من قبل مجموعة الشباب التي قامت بالعملية، وعلى إثرها أصيب أحدهم وتوفي. هذه إدانة صريحة للمولوتوف، لكنها تأتي في توقيت نفهم من خلاله سبب صدورها، إذ في الوقت الذي تريد فيه الوفاق التمهيد لبدء حوار مع السلطة تأتي هذه الأحداث أو بالأصح العمليات التخريبية الليلية لتلخبط أجندة الوفاق التفاوضية وتضعها في موقف حرج.
الآن على أهل الشاب المتوفى أن يبحثوا عن السبب الذي جعلهم يفقدون ابناً عزيزاً عليهم. هل النظام قتله وهو جالس في بيته يمارس حياته العادية، أم الوفاق قتلته ومرجعها عيسى قاسم حينما حرض الشباب وقال لهم “اسحقوهم” عانياً أجهزة الأمن؟! عليهم أن يفندوا كلام عضو الوفاق، ويعرفوا السبب في تغيير الخطاب، إذ هم يحملون استخدام المولوتوف مسؤولية فقد هذا الشاب، وارجعوا للوراء وتحديداً لأيام الأزمة حينما كانوا يبحثون عن الدم ليتاجروا بالجثث في الخارج، هل كانوا سيقولون هذا الكلام؟!
الناس هم المتضررون، والوفاق منذ أن أنشئت حتى الآن تبحث عن مصلحتها، ولا ضير إن استغلت الناس، وحكمت عليهم بفقد أبنائهم، معاييرها تتغير بحسب الموقف والمصلحة، فلم تقل شيئاً عن المولوتوف في السابق، واليوم تدينه فقط لأنه لا يخدم أجندتها التفاوضية التي تسعى من خلالها للخروج بالمكاسب.
إن كان من أحد يستوجب أن يثور عليه الناس هم “حزب الله” البحريني، إذ هم السبب في كل ما حصل للبحرين، وهم السبب في سقوط هذا العدد من الأبرياء الذين سلموا نواصيهم لهم في السابق، وباتوا أدوات منسية اليوم مرفوض ما يقومون به لأنه لا يخدم المرحلة.
تذكروا الجملة وابحثوا عن قائليها من “حزب الله” البحريني “المولوتوف لا يخدمنا”! وأجيبوا: لماذا لا يخدمهم الآن؟! ولا يخدم ماذا بالتحديد؟!
البحرينيون أنفسهم ومعهم من هو متتبع للأحداث الحاصلة في مملكتنا عن قرب، يعرف هؤلاء تماماً لماذا لم يصنف ما حصل في البحرين على أنه ضمن ثورات الربيع العربي.
عانى الغرب في بادئ الأمر من “متاهة معلوماتية” بسبب التضليل الذي مورس عليه، والذي استغل عملية دفع الناس لمواجهة قوات الأمن، ورغبة إسقاط ضحايا للمتاجرة بجثثهم لبيان أن في البحرين ثورة شعب بأكمله ضد الظلم والاستبداد المطلق الذي ساووه بما كان حاصلاً في تونس ومصر وليبيا.
بيد أن ما كشف الأمور وقدم الحقائق بوضوح للغرب، بالأخص من يريد أن يعرف الحقيقة، ومن يمتلك رغبة في الوقوف على الحياد، هي إجراءات “مفصلية” قامت بها الدولة بقيادة جلالة الملك من خلال الحوار الوطني ولجنة تقصي الحقائق وتنفيذ التوصيات. المنطق هنا يقول: لا يعقل بأن يقوم نظام متهم بارتكاب جرائم بتعيين لجنة دولية تتشكل من خبراء دوليين لتقدم تقريراً مفصلاً يتضمن في طياته ملاحظات ومآخذ على إجراءات الدولة، ثم يقبل به من فوره. إلا أن هذا التعاطي الرسمي هو ما أثبت للعالم أن البحرين تعرضت لظلم إعلامي واضح، وانحياز حتى من قبل بعض وسائل الإعلام التي غلبت جانباً “كاذباً” من القصة على جوانب أخرى تمثل الحقيقة والواقع.
كدلالة على ذلك خلت بيانات منظمات دولية حقوقية وتصريحات لمسؤولين رسميين من معلومات هامة ووقائع مؤثرة في سيناريو ما حصل، مثل عملية دهس الشرطي وقتله بشكل وحشي، اختطاف العمال وتعذيبهم في مستشفى السلمانية، استهداف الطلبة في الحرم الجامعي، بالإضافة لتعرض بقية مكونات المجتمع التي خالفت الانقلابيين في أهدافهم إلى استهداف في أمنهم المعيشي.
في بلدان الربيع العربي توحدت إرادة الشعوب باختلافاتهم العقدية والإثنية على هدف واحد، تمثل في الرغبة بتغيير الواقع وإنهاء حقبة زمنية اتسمت بالظلم والاستبداد والمعاناة المعيشية، وبناء على هذه الدوافع المنطقية والعادلة كان التغيير، بينما في البحرين سُرق صوت الشعب برمته من قبل أطياف معينة، قدمت نفسها طوال عقود متلاحقة على أنها روافد وتفريعات لتنظيمات خارجية لها أطماع في البحرين، بالتالي كانت مسوغات النهوض القائمة على تحقيق المطالب الشعبية تمثل أرضية كاذبة لهؤلاء، عليها تقوم أهدافهم الحقيقية المتمثلة بالرغبة في السيطرة على الدولة عبر إسقاط نظامها السياسي وإحلال نظام آخر مفصل بالقياس ليخدم أجندة المنقلبين.
هذه التساؤلات بدأت تبرز بكثرة اليوم، والأهم أنها بدأت تبرز في الخارج بشكل ملحوظ، إذ حينما يأتي الحديث على الربيع العربي توضع ألف علامة استفهام على وضعية البحرين، والسؤال: لماذا لم تنجح الثورة؟! وتأتي الإجابة عبر بيان التفاصيل وسرد الأحداث “الحقيقية” وتوثيق الوقائع لتبين بأنها لم تكن ثورة نظيفة بل كانت تحركاً انقلابياً طائفياً استغلت فيه أرواح الناس ودماءهم عبر مقومات التبعية المذهبية، ففرقت الشعب ولم تجمعه أصلاً تحت صوت واحد.
بل الحقيقة برزت أكثر اليوم بدون أن تقوم الدولة بأي جهد إضافي، إذ نفسهم الأشخاص الذين بدأوا كل شيء، هم من يقدمون الأدلة والدلائل على أنها “ثورة عنف” وحراك غير سلمي على الإطلاق، تكفي نظرة واحدة على موقع “اليوتيوب” لتجد عشرات الفيديوهات التي تبين عمليات استهداف المرافق العامة والشرطة بقنابل المولوتوف الحارقة، وتجد هذه الفيديوهات تحت عناوين صارخة تبرز من خلالها النزعة العنصرية الطائفية. هذه الفيديوهات وضعت هناك للمفاخرة بالتفوق على النظام ميدانياً، في حين أنها إثبات صريح على أن ادعاء “السلمية” ماهو إلا خيال وادعاء، مغفل من سيستمر في تصديقه إلى الآن بالأخص في المجتمع الغربي.
الآن بدأت الوفاق تنتبه للمسألة، بدأت تدرك بأن الانفلات الأمني في الشارع، والتحشيد الدائم في فعالياتهم هو من أضعف شوكتها، وهو من أوهن حجتها، فحين تدعي السلمية ترى سماء البحرين ليلاً تشتعل بفعل المولوتوفات في تناقض فاضح. وحينما يسألون عما يحصل يقعون في ورطة، إذ القول بأنه لا يد لهم على تصرفات هذه الفئات المخربة، فإن ذلك بحد ذاته إضعاف لادعائهم بأنهم يمثلون الناس، وبيان لكذب شعاراتهم بالقول إن كل “الشعب يريد”.
ما حصل في الحادثة الأخيرة التي توفي فيها شاب في المحرق يوضح الكثير، فأحد عناصر الوفاق خليل المرزوق ذهب ليقول بأن ما استدعى أجهزة الأمن للرد هو استخدام المولوتوف من قبل مجموعة الشباب التي قامت بالعملية، وعلى إثرها أصيب أحدهم وتوفي. هذه إدانة صريحة للمولوتوف، لكنها تأتي في توقيت نفهم من خلاله سبب صدورها، إذ في الوقت الذي تريد فيه الوفاق التمهيد لبدء حوار مع السلطة تأتي هذه الأحداث أو بالأصح العمليات التخريبية الليلية لتلخبط أجندة الوفاق التفاوضية وتضعها في موقف حرج.
الآن على أهل الشاب المتوفى أن يبحثوا عن السبب الذي جعلهم يفقدون ابناً عزيزاً عليهم. هل النظام قتله وهو جالس في بيته يمارس حياته العادية، أم الوفاق قتلته ومرجعها عيسى قاسم حينما حرض الشباب وقال لهم “اسحقوهم” عانياً أجهزة الأمن؟! عليهم أن يفندوا كلام عضو الوفاق، ويعرفوا السبب في تغيير الخطاب، إذ هم يحملون استخدام المولوتوف مسؤولية فقد هذا الشاب، وارجعوا للوراء وتحديداً لأيام الأزمة حينما كانوا يبحثون عن الدم ليتاجروا بالجثث في الخارج، هل كانوا سيقولون هذا الكلام؟!
الناس هم المتضررون، والوفاق منذ أن أنشئت حتى الآن تبحث عن مصلحتها، ولا ضير إن استغلت الناس، وحكمت عليهم بفقد أبنائهم، معاييرها تتغير بحسب الموقف والمصلحة، فلم تقل شيئاً عن المولوتوف في السابق، واليوم تدينه فقط لأنه لا يخدم أجندتها التفاوضية التي تسعى من خلالها للخروج بالمكاسب.
إن كان من أحد يستوجب أن يثور عليه الناس هم “حزب الله” البحريني، إذ هم السبب في كل ما حصل للبحرين، وهم السبب في سقوط هذا العدد من الأبرياء الذين سلموا نواصيهم لهم في السابق، وباتوا أدوات منسية اليوم مرفوض ما يقومون به لأنه لا يخدم المرحلة.
تذكروا الجملة وابحثوا عن قائليها من “حزب الله” البحريني “المولوتوف لا يخدمنا”! وأجيبوا: لماذا لا يخدمهم الآن؟! ولا يخدم ماذا بالتحديد؟!