نظرة سريعة، بل ربما تكون خاطفة تكفي للخروج باستنتاج إيجابي حول الفرص السانحة أمام قيام صناعة محتوى إلكتروني عربية متكاملة، وكذلك الأمر بالنسبة لتشخيص التحديات التي يمكن أن تواجه هذه الصناعة. لكن قبل القفز إلى مثل ذلك الاستنتاج لابد من الاتفاق على تعريف لمصطلح “المحتوى الرقمي (الإلكتروني) العربي”، الذي سوف يشكل عصب تلك الصناعة والوتد الأساس في خيمة تطورها وقدرتها على الاستمرار. تتفاوت الاجتهادات الرامية إلى وضع تعريف شامل متكامل للمحتوى الإلكتروني العربي، فالبعض يحصرها فقط في تلك “المواد المعرفية المكتوبة باللغة العربية والتي تعد للنشر على شبكة الإنترنت والشبكات الرديفة لها سواء كان هذا المحتوى يأخذ شكل النص العربي أو المادة السمع بصرية أو الأشكال أو البرامج والقطع البرمجية. ويشترط في المادة أن تكون المادة موثقة ومفهرسة بشكل يسهل التعامل معها وليس الاكتفاء بتكديس مواد كما وردت من المصدر على الشبكة لكن هناك من يضيف لها الجانب الخدماتي، فيعرفها بأنها “كافة المعلومات والبيانات التي تصنع وتخزن وتعرض بشكل رقمي، بغض النظر عن نوع وماهية وسائط الصناعة والنقل والتخزين للمحتوى الرقمي. يمكن للمحتوى الرقمي أن يتواجد ضمن عدة أنواع كالمحتوى الإعلامي والخدمي”.
ولا تختلف صناعة المحتوى عن سواها من الصناعات الأخرى، تقليدية تلك الصناعة كانت أم رقمية/ إلكترونية، فهي في نهاية المطاف منتج أو خدمة تخاطب سوقاً معينة، ومن ثم فهي خاضعة لقوانين المنافسة وعوامل المواسم وآليات العرض والطلب. ونجاحها أو إخفاقها مرهون بقدرتها على المرور بمجموعة من مراحل الإنتاج التي يمكن حصرها في النقاط التالية:
1. تحديد المحتوى الذي يخضع بشكل تلقائي لمتطلبات السوق التي يخاطبها ذلك المحتوى، فالكثير مما يصلح للراشدين لا يلائم الزبائن الآخرين من الأطفال والناشئة، وما تحتاجه المرأة قد لا يثير اهتمام الرجل، وما يباع في مواسم الحج يصعب ترويجه في احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، والمواد الترفيهية لها مقاييس تختلف عن تلك التجارية.. إلخ. لهذا كله يكتسب تحديد المادة المطلوب معالجتها كي تتحول إلى منتج أو خدمة في هيئة إلكترونية، أهمية خاصة لكونها تحدد طبيعة المعالجة والهيئة النهائية التي ستلج بها السوق، وكل ذلك سيحدد رواجها من كسادها. وقبل ذلك كله قنوات الإمداد التي ستضمن تدفق عناصر المادة على نحو مستمر دون تعرضها لعوامل الانقطاع أو التشويه وستحدد أيضاً، وبذات الأهمية آليات الجمع وأدوات المعالجة.
2. البنى التحتية وشبكات الاتصال؛ فمن الطبيعي وبغض النظر عن الحالة التي تم جمع فيها تلك المواد الأولية سواء كانت حقائق صماء أو معلومات معالجة، تبقى في نهاية الأمر بحاجة إلى بنية تحتية قادرة على احتضانها ومعالجتها أو إعادة معالجتها من أجل توليد القيمة المضافة التي تبرر تلك الإعادة، ولا تستغني عن قنوات اتصال كفؤة تتولى إعادة بثها كي تصل في الهيئة المناسبة، وبالثمن المناسب وفي الوقت المناسب، لمجتمع المستفيدين الذين هم في حاجة لها. هنا أيضاً نجد أن درجة تعقيد تلك البنى التحتية ومستوى معالجتها، يخضع في كل الأحوال لمكونات تلك المواد المحتضنة والشروط التي تتطلبها عمليات المعالجة، والهيئة (Format) النهائية التي ستصل فيها إلى المستفيد الأخير.
فمن المسلم به أن البنى التحتية التي تحتاجها المواد النصية تختلف عن تلك السمعية – البصرية، ويرتبط ذلك أيضاً بطبيعة الخدمات التي توفرها منصات البنى التحتية، فمتطلبات المواد الساكنة (Static) مختلفة عن تلك التي تحتاجها المواد المتحركة (Dynamic)، وكلتاهما تختلفان عن تلك التي تحتضن مواد تفاعلية (Interactive). والأمر ذاته ينطبق على قنوات الاتصال التي ستربط بين تلك البنية التحتية ومجتمع المستفيدين من المنتجات التي بحوزتها أو الخدمات التي توفرها لهم. من الخطأ هنا رفع الكفاءة لأي من البنية التحتية أو قنوات الاتصال بدرجة تفوق الحاجة لها، والعكس صحيح أيضاً، فمن الخطأ القاتل تدني الكفاءة إلى درجة تقتل المنتج وتعتال الخدمات.
3. السلامة والأمان؛ وهما عاملان باتا من أهم العوامل المؤثرة في نجاح المواقع الإلكترونية أو البوابات المقامة على الشبكة العنكبوتية العالمية، لدرجة أننا نجد اليوم العديد من الشركات التي تتمحور أعمالها حول التأكد من الأمان الذي يبحث عنه المبحرون على الإنترنت، سواء لهم أو لأبنائهم على المستوى العائلي أو لموظفيهم وشركاتهم على الصعيد التجاري. وتتدرج مستويات السلامة والأمان من تلك البسيطة التي تتعلق بالقيم والأخلاق، ثم تتصاعد في تعقيداتها حتى تصل إلى حماية البيئة التي يلج من خلالها المستفيد بما في ذلك المنصة الإلكترونية التي يستخدمها، حاسباً شخصياً منفرداً كانت تلك البيئة أم مجموعة مشبكة من الحواسيب. وتسير مقاييس وصمامات السلامة والأمان التي نتحدث عنهما في اتجاهين متوازيين لكنهما متكاملان. فالأمر لا يقتصر على توفيرهما للزوار فحسب وإنما أيضاً وعلى المستوى ذاته، ضمانهما للبيئة المزودة بالخدمات ذاتها والتي لا تستغني عن حماية نفسها من اختراقات متعمدة يلجأ لها بعض الزوار، سواء تلك العفوية التي يقوم بها بعض الهواة، أو تلك المقصودة التي يمارسها حرفيون يتلقون مكافآت باهضة الثمن لقاء تلك الخدمات التي يقدمونها. وكثيرة هي حكايات الاختراقات ذات الخلفية السياسية التي سمعنا بها، حيث تحول الصراع السياسي بين البلدان من ساحاته التقليدية إلى فضاءاته الإلكترونية، وبتنا نسمع عن مفردات مثل “الحروب الإلكترونية” و«الهجمات الإلكترونية” و«التجسس الإلكتروني”، وجميعها تصب مياهها في طواحين تعزيز الأمان وتطوير مقاييس السلامة لضمان حركة المجتمع الإلكتروني المتنامي بوتيرة متسارعة، بعيداً عن جرائم مصدرها هشاشة مقاييس السلامة، أو ضعف درجات الأمان.
4. الترويج والتسويق، وهما من العوامل الأساسية التي تقف وراء نجاح المنتجات أو الخدمات الإلكترونية أو فشلها، فبغض النظر عن جودة تلك المنتجات أو كفاءة الخدمات المرافقة لها، يضيع كلاهما في زحمة الفضاء الإلكتروني، مالم يحضيان بخطط الترويج التي يحتاجان لها، وبرامج التسويق التي لا يستغنيان عنها. فإهمال تلك الخطط، وتقزيم تلك البرامج، يقودان في نهاية المطاف إلى تعثر سير المنتجات، وسوء حالة الخدمات. ومقاييس الحكم على الجودة والكفاءة لم تعد مطلقة كما كانت في الاقتصادات التقليدية، إذ باتت النسبية، وخاصة على المستوى الزمني، هي الفيصل في الحكم. وكم شاهدنا خلال السنوات الماضية تراجع منتج إلكتروني، أو الخدمات المرافقة له، لا لسبب سوى قدرة منافسيه على الوصول إلى المجتمع المقصود قبله، بفضل سياسة الترويج ومشاريع التسويق التي أخذ بها أولئك المنافسون.
بقيت كلمة ختامية عند تناول عمليات الإنتاج تلك، وهي أنها حلقات مترابطة في منظومة إنتاجية متكاملة، تتطلب التخطيط لكل منها، وتنفيذه على حدة، لكن في إطار متكامل، يبدأ في أول خطوة على طريق تصميم المنتج أو تحديد الخدمات، وليس، كما قد يتوهم البعض منا، عندما ننتهي من تصميم ذلك المنتج ومواصفاته، أو بعد تحديد معالم تلك الخدمات، ومقاييسها.
ولا تختلف صناعة المحتوى عن سواها من الصناعات الأخرى، تقليدية تلك الصناعة كانت أم رقمية/ إلكترونية، فهي في نهاية المطاف منتج أو خدمة تخاطب سوقاً معينة، ومن ثم فهي خاضعة لقوانين المنافسة وعوامل المواسم وآليات العرض والطلب. ونجاحها أو إخفاقها مرهون بقدرتها على المرور بمجموعة من مراحل الإنتاج التي يمكن حصرها في النقاط التالية:
1. تحديد المحتوى الذي يخضع بشكل تلقائي لمتطلبات السوق التي يخاطبها ذلك المحتوى، فالكثير مما يصلح للراشدين لا يلائم الزبائن الآخرين من الأطفال والناشئة، وما تحتاجه المرأة قد لا يثير اهتمام الرجل، وما يباع في مواسم الحج يصعب ترويجه في احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، والمواد الترفيهية لها مقاييس تختلف عن تلك التجارية.. إلخ. لهذا كله يكتسب تحديد المادة المطلوب معالجتها كي تتحول إلى منتج أو خدمة في هيئة إلكترونية، أهمية خاصة لكونها تحدد طبيعة المعالجة والهيئة النهائية التي ستلج بها السوق، وكل ذلك سيحدد رواجها من كسادها. وقبل ذلك كله قنوات الإمداد التي ستضمن تدفق عناصر المادة على نحو مستمر دون تعرضها لعوامل الانقطاع أو التشويه وستحدد أيضاً، وبذات الأهمية آليات الجمع وأدوات المعالجة.
2. البنى التحتية وشبكات الاتصال؛ فمن الطبيعي وبغض النظر عن الحالة التي تم جمع فيها تلك المواد الأولية سواء كانت حقائق صماء أو معلومات معالجة، تبقى في نهاية الأمر بحاجة إلى بنية تحتية قادرة على احتضانها ومعالجتها أو إعادة معالجتها من أجل توليد القيمة المضافة التي تبرر تلك الإعادة، ولا تستغني عن قنوات اتصال كفؤة تتولى إعادة بثها كي تصل في الهيئة المناسبة، وبالثمن المناسب وفي الوقت المناسب، لمجتمع المستفيدين الذين هم في حاجة لها. هنا أيضاً نجد أن درجة تعقيد تلك البنى التحتية ومستوى معالجتها، يخضع في كل الأحوال لمكونات تلك المواد المحتضنة والشروط التي تتطلبها عمليات المعالجة، والهيئة (Format) النهائية التي ستصل فيها إلى المستفيد الأخير.
فمن المسلم به أن البنى التحتية التي تحتاجها المواد النصية تختلف عن تلك السمعية – البصرية، ويرتبط ذلك أيضاً بطبيعة الخدمات التي توفرها منصات البنى التحتية، فمتطلبات المواد الساكنة (Static) مختلفة عن تلك التي تحتاجها المواد المتحركة (Dynamic)، وكلتاهما تختلفان عن تلك التي تحتضن مواد تفاعلية (Interactive). والأمر ذاته ينطبق على قنوات الاتصال التي ستربط بين تلك البنية التحتية ومجتمع المستفيدين من المنتجات التي بحوزتها أو الخدمات التي توفرها لهم. من الخطأ هنا رفع الكفاءة لأي من البنية التحتية أو قنوات الاتصال بدرجة تفوق الحاجة لها، والعكس صحيح أيضاً، فمن الخطأ القاتل تدني الكفاءة إلى درجة تقتل المنتج وتعتال الخدمات.
3. السلامة والأمان؛ وهما عاملان باتا من أهم العوامل المؤثرة في نجاح المواقع الإلكترونية أو البوابات المقامة على الشبكة العنكبوتية العالمية، لدرجة أننا نجد اليوم العديد من الشركات التي تتمحور أعمالها حول التأكد من الأمان الذي يبحث عنه المبحرون على الإنترنت، سواء لهم أو لأبنائهم على المستوى العائلي أو لموظفيهم وشركاتهم على الصعيد التجاري. وتتدرج مستويات السلامة والأمان من تلك البسيطة التي تتعلق بالقيم والأخلاق، ثم تتصاعد في تعقيداتها حتى تصل إلى حماية البيئة التي يلج من خلالها المستفيد بما في ذلك المنصة الإلكترونية التي يستخدمها، حاسباً شخصياً منفرداً كانت تلك البيئة أم مجموعة مشبكة من الحواسيب. وتسير مقاييس وصمامات السلامة والأمان التي نتحدث عنهما في اتجاهين متوازيين لكنهما متكاملان. فالأمر لا يقتصر على توفيرهما للزوار فحسب وإنما أيضاً وعلى المستوى ذاته، ضمانهما للبيئة المزودة بالخدمات ذاتها والتي لا تستغني عن حماية نفسها من اختراقات متعمدة يلجأ لها بعض الزوار، سواء تلك العفوية التي يقوم بها بعض الهواة، أو تلك المقصودة التي يمارسها حرفيون يتلقون مكافآت باهضة الثمن لقاء تلك الخدمات التي يقدمونها. وكثيرة هي حكايات الاختراقات ذات الخلفية السياسية التي سمعنا بها، حيث تحول الصراع السياسي بين البلدان من ساحاته التقليدية إلى فضاءاته الإلكترونية، وبتنا نسمع عن مفردات مثل “الحروب الإلكترونية” و«الهجمات الإلكترونية” و«التجسس الإلكتروني”، وجميعها تصب مياهها في طواحين تعزيز الأمان وتطوير مقاييس السلامة لضمان حركة المجتمع الإلكتروني المتنامي بوتيرة متسارعة، بعيداً عن جرائم مصدرها هشاشة مقاييس السلامة، أو ضعف درجات الأمان.
4. الترويج والتسويق، وهما من العوامل الأساسية التي تقف وراء نجاح المنتجات أو الخدمات الإلكترونية أو فشلها، فبغض النظر عن جودة تلك المنتجات أو كفاءة الخدمات المرافقة لها، يضيع كلاهما في زحمة الفضاء الإلكتروني، مالم يحضيان بخطط الترويج التي يحتاجان لها، وبرامج التسويق التي لا يستغنيان عنها. فإهمال تلك الخطط، وتقزيم تلك البرامج، يقودان في نهاية المطاف إلى تعثر سير المنتجات، وسوء حالة الخدمات. ومقاييس الحكم على الجودة والكفاءة لم تعد مطلقة كما كانت في الاقتصادات التقليدية، إذ باتت النسبية، وخاصة على المستوى الزمني، هي الفيصل في الحكم. وكم شاهدنا خلال السنوات الماضية تراجع منتج إلكتروني، أو الخدمات المرافقة له، لا لسبب سوى قدرة منافسيه على الوصول إلى المجتمع المقصود قبله، بفضل سياسة الترويج ومشاريع التسويق التي أخذ بها أولئك المنافسون.
بقيت كلمة ختامية عند تناول عمليات الإنتاج تلك، وهي أنها حلقات مترابطة في منظومة إنتاجية متكاملة، تتطلب التخطيط لكل منها، وتنفيذه على حدة، لكن في إطار متكامل، يبدأ في أول خطوة على طريق تصميم المنتج أو تحديد الخدمات، وليس، كما قد يتوهم البعض منا، عندما ننتهي من تصميم ذلك المنتج ومواصفاته، أو بعد تحديد معالم تلك الخدمات، ومقاييسها.