أحياناً (أفكر) بيني وبين نفسي؛ هل فعلاً يصدقون ما يكتبون؟ هل يضللون جماعتهم عن قصد أم هم المضلَّلون (بفتح اللام)؟
حين يصرون على أن السبب وراء اتهامنا لهم بالخيانة هو (اختلافهم مع الحكومة أو مع الدولة)؟ هل يصدقون فعلاً أن هذا هو سبب توجيه التهمة لهم بالخيانة؟
حين يصرون بأن اتهامنا لهم بالخيانة لأنهم (فضحوا) ممارسات الدولة اللإنسانية في جنيف؟ هل فعلاً هم يصدقون أن هذين السببين هما ما يقف وراء اتهامهم بالخيانة؟
أهو غباء؟ أم ذكاء متدنٍ؟ أم تجاهل؟ أم خبث؟ فعلاً يحتار العقل في الوصول إلى تلافيف عقولهم.
الاختلاف مع الحكومة بل وحتى الاختلاف مع جلالة الملك ليس خيانة، ولن يكون خيانة، فذلك حق طبيعي ومارسه البحرينيون بكل أريحية طوال زمن المشروع الإصلاحي منذ بداية ما يسمى بالمؤتمر الدستوري الذي رأسه الأخ عبدالعزيز أبل وإلى يومنا هذا، اختلفوا حتى النخاع، اختلفوا على الدستور واختلفوا على التشكيلات الوزارية واختلفوا على برنامج الحكومة، ومارسوا هذا الحق بكل الأدوات التعبيرية المشروعة وغير المشروعة من التجمعات والمسيرات والندوات والمؤتمرات والنشرات والصحف وتأسيس الأحزاب السياسية، ومع ذلك خلت سجوننا من أي سجين رأي، واليوم ليس هناك جديد في مواضيع الاختلاف قبل وأثناء وبعد 2011 عدا أن نقص أدب الحوار، كان استثناءات فتعمم الآن بفضل إجازته من بعض رجال الدين!!
هل سمعتم أحداً وصف موقف المختلفين مع جلالة الملك أو مع الحكومة طوال العشر سنوات الماضية بالخيانة؟ لا جديد في كل خطابكم وكل كتاباتكم وكل تصريحاتكم، فالاختلاف إذاً ليس خيانة.
الأهم أننا نحن أيضاً لنا مواقف اختلفنا فيها مع الحكومة، ولنا حتى مواقف اختلاف فيها مع جلالة الملك، وأعلنا هذا الرأي سابقاً وسنعلن عنه لاحقاً حين يوجد، وأحياناً جمعتنا مواقف متعددة مع من نتهمهم اليوم بالخيانة، مواقف كنا فيها ضد الحكومة وضد مراسيم ملكية، فهل نوسم أنفسنا إذاً بالخيانة؟
فهل تصدقون أنفسكم أم تخادعونها حين تكذبون على جماعتكم وتقولون إن توصيف الخيانة بسبب أنكم مختلفون مع الدولة؟
أما عن السبب الثاني الذي أوردتموه وهو (فضحكم) لممارسات اللإنسانية للدولة كان وراء نعتكم بالخيانة؛ هو كذبة أخرى تخدرون بها ضمائركم الميتة، أبرة (بنج) جديدة تبقيكم على غيكم وضلالكم.
فهل هي المرة الأولى التي تذهبون فيها لمجلس حقوق الإنسان؟ لِمَ لم ينعتكم أحد بالخونة في المرات السابقة؟ ثم تعالوا هنا.. لنناقش قصة (فضحكم) لممارسات الدولة، من الذي جاء بلجنة بسيوني هل فرضمتوها على الدولة؟ عن أي (فضيحة) تتحدثون؟ الدولة هي التي ارتقت بأدائها حين مارست النقد الذاتي وأقرت بأخطائها في المواقع التي أخطات بها، والدولة هي من شكل اللجنة والدولة هي من قبل وتعهد بإصلاح أخطائه، فلا بطولة لكم ولا فضل منكم.
الخيانة فعل آخر لا علاقة له بالاختلاف مع الدولة ولا علاقة له (بفضحكم) للدولة، الخيانة هو حين تعجز عن الحصول على توافق وطني مع شركائك في الوطن عبر الطرق المشروعة لإحداث تغيير في واقع محلي، فتستعين بقوة أجنبية لتغيير هذا الواقع.
أنتم خنتم شركاءكم في الوطن لأنكم تسعون لإحداث تغيير في الدستور من خلال ضغط دول أجنبية ومنظمات أجنبية رغماً عن أنف شركائكم في الوطن، لأنكم لم تعترفوا أن هناك آخرين في الوطن غيركم.
أنتم تعرفون أنكم لا تستطيعون خلق توافق وطني ولا خلق تحالفات وهي الطرق المشروعة التي من المفروض أن تكون وسيلتكم لتحقيق رؤيتكم في التغيير، فإنما آثرتم خيانة البحرينيين بالاتفاق مع دول أجنبية على فرض رؤيتكم عليهم.
هذه هي الخيانة.. فالولايات المتحدة الأمريكية شجعتكم على إحداث الفوضى وخرق القانون وإرهاب البحرينيين والصدام مع رجال الأمن و.. وعدتكم بالتدخل لحمايتكم من سلطة القانون وعدم تطبيقه عليكم، صدقتموها أنها ستجبر البحرينيين كلهم ليكونوا نعاجاً تحت أقدامها وأقدامكم تجرونهم إلى حيث تشاؤون.. هذه هي الخيانة.
انسقتم و راء وعودها وصدقتم أنكم قاب قوسين أو أدنى من (تحطيم) أهل البحرين وسوقهم كالقطيع خلفكم، فمن يكون حليفته أمريكا لا يمكن أن يهزم، هذا اعتقادكم وهذه خيانتكم، وعلى رأي أحد المحكومين بالأمس (أتحداهم أن يعتقلوني فعليهم ضغوط من الخارج)!! هذه “الضغوط” هي الخيانة يا سادة يا كرام، وليس الاختلاف مع الدولة خيانة، هذه “الضغوط” الأجنبية هي الخيانة و ليست مناقشة تقرير حقوق الإنسان.
لقد مارستم كل أنواع الإرهاب وكذبتم على المنظمات وأخفيتم نصف الحقيقة ولم تروا ضحاياكم من أبناء الشعب البحريني، هذه هي الخيانة للبحرينيين وليست (فضح) الدولة.
لديكم الآن طابور من ضحاياكم من المشوهين والمحروقين وأصحاب العاهات من البحرينيين من أخوتكم وأشقائكم لم تقروا باسم واحد منهم؛ هذه هي الخيانة.
أخطاء الدولة أو حتى جرائمها لا نقرها ونشجبها ونصر على معاقبة مرتكبيها، والاختلاف مع الدولة بكل رموزها حق نمارسه نحن وإياكم، كل ذلك لا يندرج تحت باب الخيانة، والخيانة هي أن تفرض ما تريده علي بواسطة ضغط أجنبي، وأن تنكر خطأك بحقي كوطن وكمواطنين تلك هي الخيانة.
^ ملاحظة..
أرجو ألا يستفزني (الغباء) مرة أخرى للخوض في هذا الحديث مرة أخرى، فهناك أمور أهم وأنفع للبحرين وأهلها.