لم يحصل في العالم الحاضر ولا الغابر أن تعاملت دولة مع عصابات إرهابية مثلما تتعامل البحرين مع العصابات الإرهابية التي تقودها الوفاق.. فهي عصابات إرهابية يصعب على أي لغة وصف جرائمها التي تجردت من كل القيم الإنسانية، حيث بلغت حصيلة هذه العمليات الإرهابية خلال 4 أيام؛ إصابة 8 من رجال الأمن وحرق 6 سيارات وضبط 4 آلاف “مولوتوف” تم صنعه خصيصاً لحرق رجال الأمن.
ما نسمعه من أخبار وتلميحات بأن الدولة قد تبدأ الحوار، ولا يستبعد أن يحل المجلس النيابي لأجل تمهيد الطريق للحوار؛ أمر غريب يدعو للعجب، وذلك عندما لا تزال الدولة بعد هذه الوحشية وهذا الإجرام الذي شهدته البحرين تتعشم وتتأمل خير من قادة هذه العصابات. وإن التعامل مع هذه العصابات كمعارضة هو خطأ ستدفع ثمنه الدولة، وقد تكون نتائجه أكبر من المؤامرة الانقلابية، أي أن قبول الدولة للوفاق كمعارضة وحل المجلس النيابي لمشاركتها فيه هو نفس العمل الذي قامت به الدولة اللبنانية مع حزب الله، فاليوم يحل المجلس وغداً يعقد المجلس وبعدها تنسحب الوفاق، وهكذا تكون اللعبة حتى تخضع الدولة بالكامل لسلطة الوفاق السياسية وبعدها الدينية، وذلك بعد أن تتجمد الدماء في عروق المسؤولين خوفاً من سلطة الوفاق وسطوتها بعد أن تصبح في مؤسسات الدولة أكثر تغلغلاً وأشد تأثيراً، فها هي ويكليكس تقول “النائب البرلماني جاسم حسين قدم تقريراً يقول فيه إن الوزراء يخافون مني”، وهو أمر صحيح قد عشناه وعايشناه ورأينا كيف يرتعد الوزراء وينتفضون من جواد وجلال وحسين.
أن إقدام الدولة على الحوار مع الوفاق هو البداية لتحوّل الوفاق إلى دويلة تتقاسم الحكم مع الدولة، وهذه البداية، لكن مع مرور الزمن سيكون الحكم للدويلة كما صار الحكم لحزب لله في لبنان، الذي يتحكم في منشآت الدولة ومؤسساتها من المطار حتى الهضاب والجبال، والبحرين اليوم تسير على خطى الدولة اللبنانية إذا قبلت بمثل هذه العصابات الإرهابية الصفوية أن تشارك في إدارة الدولة، عصابات إرهابية قتلت مواطنين وأجانب ورجال أمن، وأحرقت ممتلكات وعطلت اقتصاداً وهددت بالقوة التي أعلنت على لسان أمينها العام “بأنها لم تستخدم حتى اليوم نصف قوتها”، أي أن إصابة 8 رجال أمن وحرق 6 مركبات وضبط 4 آلاف مولوتوف لا يعني شيئاً بالنسبة للقوة التي تتملكها. فما تم ضبطه مخزن في مكان سهل الوصول إليه، لكن ما يخبأ من أسلحة ثقيلة وذخائر وأسلحة كيميائية لا يمكن الوصول إليها لأن قراهم محصنة ومآتمهم مقدسة، وأن قبول الدولة لمثل هذه العصابات الدموية أن تشارك في الحكم سيجعل الذخائر والأسلحة تتضاعف، بعد تعود الثقة ويتباطأ التفتيش وتفتح المنافذ وتطلق يد المليشيات في مؤسسات الدولة، وقد تدخل هذه المليشيات بقوة أكبر في المؤسسة الأمنية والعسكرية، وهي نتيجة حتمية للحوار والتي لا نستبعد أن يفتح لهم المجال، وذلك حين نرى أن الدولة لم تتعظ من المؤامرة الانقلابية وتواصل في سخائها وعطائها، وهي تقوم بإعداد وصنع قيادات تؤهلها لإدارة الدولة عن طريق المنح والبعثات في أكبر الجامعات العالمية، والذين سيعودون وتسلم إليهم المناصب لأنهم درسوا ضمن برنامج وحصلوا على بعثة، بالطبع ستكون لهم الأولوية، وقد كشفت المؤامرة حقيقة الدارسين والمبتعثين في هذه البرامج إلا أنه مع الأسف لم يكن الدرس وافياً وكافياً.
إن تعامل الدولة مع هذه العصابات بأريحة وطيبة ولين لن يجدي معها، فهذه العصابات ليس في عيونها مكان للجميل لأن الجحود هو طبعها، وليس للمعروف مكاناً في قلبها عندما يكون قلبها معلق بستار المرجعية التي تنام على خيوطه وتصبح على رسومه، إنه الستار الذي لن تستبدله أبداً بل ستعمل على مده، وأن دخولها في الحوار وقبولها له ما هو إلا رواسي تثبت ستار المرجعية كي تنسف به الدولة بعد أن تحكم حلقاته وتسد ثغراته التي كانت من أسباب فشل مؤامراتها الانقلابية. ومن القلب نقول للدولة؛ هذه العصابات لن تشبع أبداً مهما قدم لها من عروض، وأن دخول هذه العصابات في إدارة الحكم هو تأهيل لها وبدايتها كدويلة، هذه العصابات يجب أن يتم التعامل معها كعصابات إجرامية تنفي رؤوسها وتكسر أجنحتها، فإن أرادت أن تعيش حالها كحال أي مواطن فأهلاً وسهلاً، أما إذا أرادت أن ذلك في الحكم فما لها إلا أن تذهب إلى مسقط رأسها فهناك يحق لها أن تسألهم المشاركة في الحكم مع خامنئي وتتقاسم السلطة مع نجاد.
^ نقطة تحتاج إلى إيضاح..
عصابات تقتل رجال الأمن وتهاجم المواطنين والعمال الأجانب وتحرق البلد؛ هل يمكن أن تحمل أمانة وترعى عهد، وهل تستحق مثل هذه العصابات المجرمة أن يحل مجلس النواب لأجل دخولها الحوار، ومن ثم مشاركتها في إدارة الدولة.
أليس هذا انتحاراً عندما تلف الدولة رقبتها بقنابل موقوته نقطة إطلاقها في يد خامنئي.