يؤدي التيار الوطني الديمقراطي دوراً محورياً في إنقاذ أبناء الجيل الصاعد من الوقوع في براثن التخندق المذهبي، ويعود ذلك إلى عدة أسباب أبرزها أن ممثلي هذا التيار وأعضاءه ومريديه، يمثلون النخبة الواعية والمثقفة في المجتمع البحريني بفضل عدم انجرارهم وراء النداءات التعبوية الطائفية، وتمترسهم خلف الخط الوطني الجامع الذي يكافح من أجل توحيد الصفوف بعيداً عن الانتماءات الفكرية، والمشارب الأيديولوجية، ومن أجل بناء وطنٍ حرٍ وشعبٍ سعيد.
إن تاريخ الحركة الوطنية البحرينية يزخر بالنماذج النضالية المشرفة التي كافحت من أجل استقلال الوطن، وبذلت الغالي والنفيس في سبيل إسعاد أبنائه، وتأمين مستقبل كريم لهم يخلو من كافة أشكال الاستبداد والتسلّط، وقدمّت قوافل الشهداء والمنفيين في عقود الستينيات والسبعينيات على وجه الخصوص، وكانت وجه البحرين المشرق في المحافل العربية والدولية.
إن مبادئ التربية الحزبية التي مارستها التنظيمات اليسارية في صفوف أعضائها وأنصارها كانت تستند إلى الانفتاح التام على التنوّع الثقافي والمذهبي للمجتمع البحريني، فلم يكن اليساري يدرك إلى أي طائفةٍ ينتمي، ولم يكن يهمّه ذلك أصلاً، فهو ابن الوطن، ويكافح من أجل إعلاء شأنه، ويقدِّم نفسه فداءً له، كي تظّل رايته خفاقةً، واسمه عالياً بين الأمم والشعوب. ومع أن الأحداث المريرة التي عصفت بالوطن قبل أكثر من سنة ونصف قد تركت آثاراً سلبيةً في منظومة الوعي الاجتماعي لدى بعض الأفراد المحسوبين على الجمعيّات الوطنيّة اليساريّة، وجرفتهم باتجاه التفكير المذهبي الضيِّق، إلا أن اليسار البحريني عامةً لايزال يختزن تاريخاً حافلاً بالمواقف الكفاحية الوطنية المؤثِّرة تمكِّنه من المشاركة الفعالة في تنمية الوعي الوطني لدى الشباب والمراهقين، وإبعادهم عن التجاذبات والمماحكات الطائفية التي لن تنتج خيراً لهذا الوطن وأبنائه، وذلك عن طريق توحيد صفوفه أولاً، والابتعاد عن المهاترات الأيديولوجية العقيمة، ورسم الحدود الفكرية الواضحة التي تفصله عن القوى المذهبية والفئوية كي يظل خطابه السياسي اليومي صدىً حقيقياً لمطالب الجماهير، ومواقفه مستقلة تماماً عن الممارسات الفئويّة والطفوليّة!