شهدت سوريا أحداثاً دامية تتزايد حدتها في الآونة الأخيرة، وارتبطت تلك الأحداث بثلاثة عناصر:
الأول: استمرار الحكم المستبد لأكثر من أربعة عقود منذ عام 1970، حيث استمر الحاكم في دولة ذات نظام جمهوري في السلطة حتى وفاته، ثم أعقبه ابنه فتحولت سوريا من دولة جمهورية إلى دولة شبه ملكية، ووضعت بذلك أول سابقة في التاريخ الحديث بأسره وللعالم العربي ودوله الجمهورية بوجه خاص، فتطلع لذلك حسني مبارك في مصر، وبن علي في تونس، وعبد الله صالح في اليمن.
الثاني: إنه مع استمرار حكم الأسد تدهورت أحوال سوريا اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وأصبحت الأولوية للحفاظ على النظام السياسي ومقوماته من قوات أمن أو قوات عسكرية أو استخبارات أو تحالفات دولية وإقليمية منظورة وغير منظورة، فالمنظورة هي التحالف السوري الإيراني وتوابعهم من حزب الله اللبناني المرتبط بالحرس الثوري الإيراني وحركة حماس الفلسطينية التي حولت غزة لنموذج من النظام الإسلامي الفاشل والمتناقض.
فالفشل في تحقيق تقدم اقتصادي لغزة أو في إعادة الوئام الفلسطيني؛ أما التناقض فيرتبط بالاستفادة من مفهوم الديمقراطية والانتخابات الحرة وتحويلها إلى عكسها بالتمسك بالسلطة مهما كانت النتائج والعواقب ورفض التخلي عنها بادعاءات لا تمت للديمقراطية بصلة، وهذا خلق سابقتين هما سابقة الوصول للسلطة والتمسك بها مهما كانت السلطة واهية، وسابقة إظهار النموذج الإسلامي في عدم الإيمان بالمبدأ الديمقراطي وتأكيد المقولة صوت واحد وانتخابات حرة لمرة واحدة وبقاء في السلطة إلى الأبد إذا أمكن.
الثالث: عجز عن تحرير التراب الوطني؛ فالجولان احتلت منذ حرب 1967 وظلت كذلك، بل هناك روايات عديدة حول كيفية سقوطها، رغم موقعها الاستراتيجي وصعوبة السيطرة عليها، وهذه قصة ليس مجالها هنا لكن الأهم هو أن الحدود السورية الإسرائيلية يسودها سلاماً تاماً باتفاق سري غير مكتوب رسمياً، ولكنه أكثر احتراماً من الطرفين؛ فلا طلقة واحدة لتحرير الجولان على مدى أكثر من أربعين عاماً، ولم تستفز سوريا لتظهر شجاعتها عند مرور الطائرات الإسرائيلية أكثر من مرة على قصر حاكم دمشق أو عند تدمير إسرائيل لمنشأة سورية نووية في مهدها.
إن السلام السوري الإسرائيلي سلام تام تحت ذريعة السعي لبناء توازن استراتيجي سوري مع إسرائيل ليتسنى تحرير الأرض، وهذا هدف صعب المنال ليس فقط لأن رافع هذا الشعار لا يعرف القوى الدولية والإقليمية واستراتيجياتها ولكنه يعرف ذلك تماماً ويسير على هداها، ولا يمثل تحرير الجولان أهمية لديه سوى في الحصول على لقب المناضل والصامد والرافض والمتحدي لقوى العدوان الإسرائيلي والأمريكي، وهذا في حد ذاته لقب عظيم؛ أما مضمونه فليس ثمة ضرورة له.
أما الجيش السوري البطل فقد تحول إلى حمل وديع في مواجهة إسرائيل وإلى أسد هصور في مواجهة الشعب السوري الذي ظل لأكثر من 6 شهور في مطالبته بالديمقراطية وهو يرقص ويغني، وعندما وصل لمرحلة اليأس ولم تتم أية استجابة حقيقية له من حكامه بدأ يرد على العنف والقمع الذي يتعرض له يومياً أخذاً بالمقولة المشهورة «هدم المعبد على رؤوس الجميع»، سواء القاتل أو المنتظر للقتل كلاهما حرص على هدم معبد الحرية والسيادة الوطنية وحكم الشعب الوراثي في دولة ذات نظام جمهوري واستعان كلاهما بالقوى الإقليمية والدولية التي من مصلحتها تأجيج نار الفتنة والطائفية وتدمير سوريا شعباً ونظاماً وبنية أساسية من أجل عيون إسرائيل الحليف الاستراتيجي للقوى الدولية والإقليمية، وهو حليف علني مع قوى معنية وحليف سري مع قوى أخرى ترفع شعارات النضال ضد قوى الاستبداد والاستكبار.
المشكلة السورية واجهت الاختلاف في مجلس الأمن الدولي وتصارع مصالح الدول الخمس دائمة العضوية، وتعارض استراتيجيتها وأولوياتها، ومن هنا تراجع إحساس هذه الدول وتمسكها بالمبدأ الذي طرحته الأمم المتحدة منذ أكثر من عشر سنوات؛ وهو مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي أصدرت المنظمة الدولية عشرات الوثائق حوله، وتناست تلك الدول المواثيق والاتفاقات الدولية الخاصة بالحماية ضد أعمال القتل للشعب السوري، رغم إدراكها أن ما يحدث هو من الجرائم التي أصبح العقاب عليها مستقراً بموجب القانون الدولي، لكن الدول الكبرى لا يهمها القانون الدولي ولا الشرعية الدولية وإنما يهمها مصالحها الإستراتيجية.
ونتوجه بنداء للشعوب المحبة للسلام أن تتحرك لفرض السلام في سوريا وإنقاذ الشعب السوري من الذين يوجهون نحوه الطائرات والمدافع ويستخدمون الأسلحة الثقيلة بل والمحرمة دولياً ويدمرون تراثه الحضاري والثقافي فضلاً عن قتل البشر، لابد أن تدرك القوى الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن مخاوفها الاستراتيجية على أوضاعها الداخلية، وأن صراعها الاستراتيجي مع بعضها لا ينبغي أن يطمس بصيرتها عن رؤية مأساة شعب له حضارة وله تاريخ، وأن ذلك يتم قتله يومياً بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، خصوصاً في عصر الاتصالات والسموات المفتوحة وعصر يوصف بأنه عصر حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لقد تحرك ضمير العالم عندما وقعت حرب كوريا عام 1950 وتغلب على الفيتو بالدعوة لقرار الاتحاد من أجل السلام، وتحرك ضمير العالم ضد الإبادة في رواندا وبوروندي وضد الإبادة في كوسوفو وفي البوسنة؛ ونتساءل متى ستحرك ضد القتل الذي يكاد يصل إلى حد الإبادة في سوريا وأمامنا على الساحة القانونية الدولية ثلاثة مبادئ رئيسة هي الاتحاد من أجل السلام -الحق والمسؤولية عن الحماية- الاتفاقيات الدولية الخاصة بجرائم الحرب وإبادة الجنس، وهذه مخارج يمكن الالتجاء إليها إذا توافرت إرادة القوى الصغرى ضد استبداد وأنانية القوى دائمة العضوية في مجلس الأمن فهل يتحرك الضمير العالمي!.
الأول: استمرار الحكم المستبد لأكثر من أربعة عقود منذ عام 1970، حيث استمر الحاكم في دولة ذات نظام جمهوري في السلطة حتى وفاته، ثم أعقبه ابنه فتحولت سوريا من دولة جمهورية إلى دولة شبه ملكية، ووضعت بذلك أول سابقة في التاريخ الحديث بأسره وللعالم العربي ودوله الجمهورية بوجه خاص، فتطلع لذلك حسني مبارك في مصر، وبن علي في تونس، وعبد الله صالح في اليمن.
الثاني: إنه مع استمرار حكم الأسد تدهورت أحوال سوريا اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وأصبحت الأولوية للحفاظ على النظام السياسي ومقوماته من قوات أمن أو قوات عسكرية أو استخبارات أو تحالفات دولية وإقليمية منظورة وغير منظورة، فالمنظورة هي التحالف السوري الإيراني وتوابعهم من حزب الله اللبناني المرتبط بالحرس الثوري الإيراني وحركة حماس الفلسطينية التي حولت غزة لنموذج من النظام الإسلامي الفاشل والمتناقض.
فالفشل في تحقيق تقدم اقتصادي لغزة أو في إعادة الوئام الفلسطيني؛ أما التناقض فيرتبط بالاستفادة من مفهوم الديمقراطية والانتخابات الحرة وتحويلها إلى عكسها بالتمسك بالسلطة مهما كانت النتائج والعواقب ورفض التخلي عنها بادعاءات لا تمت للديمقراطية بصلة، وهذا خلق سابقتين هما سابقة الوصول للسلطة والتمسك بها مهما كانت السلطة واهية، وسابقة إظهار النموذج الإسلامي في عدم الإيمان بالمبدأ الديمقراطي وتأكيد المقولة صوت واحد وانتخابات حرة لمرة واحدة وبقاء في السلطة إلى الأبد إذا أمكن.
الثالث: عجز عن تحرير التراب الوطني؛ فالجولان احتلت منذ حرب 1967 وظلت كذلك، بل هناك روايات عديدة حول كيفية سقوطها، رغم موقعها الاستراتيجي وصعوبة السيطرة عليها، وهذه قصة ليس مجالها هنا لكن الأهم هو أن الحدود السورية الإسرائيلية يسودها سلاماً تاماً باتفاق سري غير مكتوب رسمياً، ولكنه أكثر احتراماً من الطرفين؛ فلا طلقة واحدة لتحرير الجولان على مدى أكثر من أربعين عاماً، ولم تستفز سوريا لتظهر شجاعتها عند مرور الطائرات الإسرائيلية أكثر من مرة على قصر حاكم دمشق أو عند تدمير إسرائيل لمنشأة سورية نووية في مهدها.
إن السلام السوري الإسرائيلي سلام تام تحت ذريعة السعي لبناء توازن استراتيجي سوري مع إسرائيل ليتسنى تحرير الأرض، وهذا هدف صعب المنال ليس فقط لأن رافع هذا الشعار لا يعرف القوى الدولية والإقليمية واستراتيجياتها ولكنه يعرف ذلك تماماً ويسير على هداها، ولا يمثل تحرير الجولان أهمية لديه سوى في الحصول على لقب المناضل والصامد والرافض والمتحدي لقوى العدوان الإسرائيلي والأمريكي، وهذا في حد ذاته لقب عظيم؛ أما مضمونه فليس ثمة ضرورة له.
أما الجيش السوري البطل فقد تحول إلى حمل وديع في مواجهة إسرائيل وإلى أسد هصور في مواجهة الشعب السوري الذي ظل لأكثر من 6 شهور في مطالبته بالديمقراطية وهو يرقص ويغني، وعندما وصل لمرحلة اليأس ولم تتم أية استجابة حقيقية له من حكامه بدأ يرد على العنف والقمع الذي يتعرض له يومياً أخذاً بالمقولة المشهورة «هدم المعبد على رؤوس الجميع»، سواء القاتل أو المنتظر للقتل كلاهما حرص على هدم معبد الحرية والسيادة الوطنية وحكم الشعب الوراثي في دولة ذات نظام جمهوري واستعان كلاهما بالقوى الإقليمية والدولية التي من مصلحتها تأجيج نار الفتنة والطائفية وتدمير سوريا شعباً ونظاماً وبنية أساسية من أجل عيون إسرائيل الحليف الاستراتيجي للقوى الدولية والإقليمية، وهو حليف علني مع قوى معنية وحليف سري مع قوى أخرى ترفع شعارات النضال ضد قوى الاستبداد والاستكبار.
المشكلة السورية واجهت الاختلاف في مجلس الأمن الدولي وتصارع مصالح الدول الخمس دائمة العضوية، وتعارض استراتيجيتها وأولوياتها، ومن هنا تراجع إحساس هذه الدول وتمسكها بالمبدأ الذي طرحته الأمم المتحدة منذ أكثر من عشر سنوات؛ وهو مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي أصدرت المنظمة الدولية عشرات الوثائق حوله، وتناست تلك الدول المواثيق والاتفاقات الدولية الخاصة بالحماية ضد أعمال القتل للشعب السوري، رغم إدراكها أن ما يحدث هو من الجرائم التي أصبح العقاب عليها مستقراً بموجب القانون الدولي، لكن الدول الكبرى لا يهمها القانون الدولي ولا الشرعية الدولية وإنما يهمها مصالحها الإستراتيجية.
ونتوجه بنداء للشعوب المحبة للسلام أن تتحرك لفرض السلام في سوريا وإنقاذ الشعب السوري من الذين يوجهون نحوه الطائرات والمدافع ويستخدمون الأسلحة الثقيلة بل والمحرمة دولياً ويدمرون تراثه الحضاري والثقافي فضلاً عن قتل البشر، لابد أن تدرك القوى الدائمة العضوية في مجلس الأمن أن مخاوفها الاستراتيجية على أوضاعها الداخلية، وأن صراعها الاستراتيجي مع بعضها لا ينبغي أن يطمس بصيرتها عن رؤية مأساة شعب له حضارة وله تاريخ، وأن ذلك يتم قتله يومياً بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، خصوصاً في عصر الاتصالات والسموات المفتوحة وعصر يوصف بأنه عصر حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لقد تحرك ضمير العالم عندما وقعت حرب كوريا عام 1950 وتغلب على الفيتو بالدعوة لقرار الاتحاد من أجل السلام، وتحرك ضمير العالم ضد الإبادة في رواندا وبوروندي وضد الإبادة في كوسوفو وفي البوسنة؛ ونتساءل متى ستحرك ضد القتل الذي يكاد يصل إلى حد الإبادة في سوريا وأمامنا على الساحة القانونية الدولية ثلاثة مبادئ رئيسة هي الاتحاد من أجل السلام -الحق والمسؤولية عن الحماية- الاتفاقيات الدولية الخاصة بجرائم الحرب وإبادة الجنس، وهذه مخارج يمكن الالتجاء إليها إذا توافرت إرادة القوى الصغرى ضد استبداد وأنانية القوى دائمة العضوية في مجلس الأمن فهل يتحرك الضمير العالمي!.