الصورة التي سمعها ورآها العالم عن البحرين في جنيف لابد أن تثبت ويبنى عليها، لا نريد أن نؤخذ على حين غرة ونفاجأ أن البعض قد تسلل من الخلف ومحى الصورة و(صفرها)، وصور البحرين وكأنها راوندا أو سوريا زوراً وظلماً وبهتاناً، لنضطر أن نستنفر جهداً وطاقة ومالاً ووقتاً فقط، لنعيد بناء الصورة من جديد وكأننا بدأنا للتو.
توضيح واقع وحقيقة صورة الوضع السياسي والحقوقي في البحرين هي مهمة الشعب البحريني والحكومة البحرينية سوياً، وهذه تحتاج لوضع خطة مشتركة تقوم على الإشراف على تنفيذها هيئة أهلية ورسمية مشتركة تضع تقريراً دورياً يتابع النشاط الإعلامي والدبلوماسي الرسمي والشعبي، وتتأكد من أن (العالم) على اضطلاع بالحقائق وبالتطورات.
نقصد (بالعالم) هو بناء شبكة حلفاء حقوقية وسياسية وإعلامية في العواصم المؤثرة وفي المنظمات الدولية لنتواصل معها باستمرار أهلياً ورسمياً.
الدبلوماسية الرسمية يجب أن تضع أمامها اليوم خارطة جديدة لعواصم العالم وتبني عليها سياستها واستراتيجيتها وتحدد بنا على موقع تلك العواصم وأثرهم في المجالس والمنظمات؛ من ترسل من سفراء، ومن هم الفريق المساعد لهم في القنصليات والسفارات ومن هم فريقهم المساعد هنا في (الباك أوفيس) ليكون لدى هؤلاء دعم لوجستي يوفر لهم احتياجاتهم ويسهل لهم مهامهم.
تلك نقاط ضعف ملحوظة فاجأتنا في الأزمة لا نريد لها أن تترك بلا معالجة.
التواصل مع السفراء والمبعوثين في البحرين يجب أن يكون منطلقاً من ما وصلنا إليه في جنيف ويبنى عليه.
لابد أن تتوافر للسفراء المعتمدين في البحرين المعلومات التي حجبت وكُذب بشأنها مترجمة للغاتهم بها دستورنا وبها التشريعات السياسية والحقوقية ونطلعهم أولاً بأول على أية تطورات تحدث في البحرين.
فلم تنفذ الخيانة إلا من هذه الثغرات وهي التي استغلت حالة (الاسترخاء) وسدت الفراغات بكذبها وتلفيقها.
حين ندعو السفراء لاحتفالات أي من إنجازاتنا التنموية نغفل عن إمكانية توظيف دورهم في نقل الحقائق والوقائع، ونكتفي بقدومهم لتلك المناسبات في أجواء احتفائية، في حين كان بمقدورنا أن نستغل تلك المناسبات لإطلاعهم على نجاحاتنا التنموية التي تكذب ادعاءات الخونة.
هناك الكثير مما يمكن أن نوظفه من أجل إعادة بناء الصورة البحرينية عبر الدبلوماسية الرسمية والتي اكتشفنا حلقات الضعف فيها أثناء الأزمة، حين كان السفراء المعتمدون في البحرين أو في المنطقة يسألوننا عن المعلومات لأن هناك شحاً فيها.
لا نريد اليوم أن نبكي على اللبن المسكوب؛ إنما نريد أن نبني على النجاحات التي حققناها بسبب هذه الأزمة.
ولنتذكر أن النشاط الأهلي لا يقل عن الرسمي فيما يتعلق بالإعلام والمنظمات الدولية، ودونه سيترك فراغ يعبئه أي كذاب أفاق.
لذا فإن دور الجمعيات السياسية والحقوقية والمهنية والاتحادات النوعية دور لا يقل عن وزارة الخارجية ووزارة الإعلام، وليعلم كل منتقد وكل (متحلطم) على الأداء الرسمي بأن عليه أن يشمر عن ذراعه وينزل للميدان إن كانت البحرين غالية عليه.
المجال مفتوح للجميع وبإمكان من (يتحلطم) على أداء أي جمعية سياسية أو حقوقية أن يؤسس هو جمعيته ويتحرك، لا حجة اليوم للمناضلين من منازلهم.
الشعب البحريني كسب جولة إنما من خان الوطن لم يدخل في جحره للسبات والنوم بل دخل يخطط للجولة القادمة.
ولن يستمع الإعلام الأجنبي أو المنظمات الدولية لأي مبعوث أو صوت رسمي، وحدها الأصوات الأهلية هي التي لها اعتبار في هذين القطاعين، وفي هذه لن تستطيع الحكومة أن تنفعك.
لذا فإن الحراك الدولي الشعبي لابد أن يكون -سواء للجماعات أو الأفراد- عبر المؤسسات الأهلية.
تتواصل مع القنوات التلفزيونية أو مع الكتاب في الصحف من خلال عضويتك بتلك المؤسسات المدنية وتتواصل مع المنظمات الدولية عبر عضويتك في المؤسسات المدنية.
وتبني لك شبكة علاقات عامة تفتح لك الأبواب في تلك المحافل وتبقي على اتصال معها.
حينها سيكون بإمكان الدبلوماسية الشعبية بالتوازي مع الدبلوماسية الرسمية قطع دابر الخيانة والتآمر وسد الباب أمام تجار (الحقوق) وأوراق الضغط من أمريكا أو غيرها، وبناء شبكة حلفاء دوليين يعرفون البحرين عن قرب طوال أيام السنة.
ورقة (دعم) الديمقراطية يجب أن تسحب من يد الولايات المتحدة الأمريكية أو أية جهة أجنبية أخرى، وتبقى في يدنا وحدنا ونشهد العالم عليها حتى لا تبقى لأمريكا مسماراً لجحا تهددنا بها وتبتزنا من خلالها وتفرض علينا ما يناسبها.
هذه هي معركة البحرين للأربع سنوات القادمة حتى لا نؤخذ على حين غرة مرة أخرى؛ فإن طُعِّنا من الخلف مرة فذاك قدرنا، أما إن طُعِّنا من الخلف مرة أخرى فذاك غباؤنا.. كل بحريني لابد أن يكون (صاحي) لهم وكل بحريني لابد أن يكون جندياً على ثغورها.