بعد إنكار مستمر؛ اعترفت إيران أخيراً أنها أرسلت عناصر من الحرس الثوري إلى سوريا لمساعدة النظام على مجابهة المعارضة المسلحة، إنها المرة الأولى التي تعلن فيها إيران أنها تساند نظام الأسد ميدانياً والمرة الأولى التي تقر فيها بهذا الأمر، وهو يعني أن الأمور باتت مكشوفة وأنه لم يعد هناك أي مبرر لإخفاء ما ظل يجري طويلاً في الخفاء.
إيران أقرت الأسبوع الماضي على لسان القائد الأعلى للباسدران (الحرس الثوري الإيراني) محمد علي جعفري أنها أرسلت عناصر من الحرس الثوري إلى سورية ولبنان، وأن هذه العناصر من فيلق القدس وأنهم هناك “مستشارون فقط”! وأن “هذا لا يعني أن لنا وجوداً عسكرياً هناك”!، وقال أيضاً إننا نقدم لهذين البلدين “نصائح وآراء تفيدهم من تجربتنا”! ولم يوضح فحوى تلك النصائح والآراء. حسب ما جاء في الخبر الذي كان صادماً كونه احتوى إقراراً بعد سلسلة من الإنكارات والنفي رغم الشواهد الكثيرة.
ليس معلوما ًالسبب وراء هذا الإقرار؛ ربما ثبت لديها أن أمرها انكشف تماماً، ربما وقع بعضهم في الأسر، ربما قتل بعضهم، ربما شعرت أن الأمور تفلت من يد بشار فلم تجد بداً من دعمه على المكشوف. أسباب عديدة تفرضها السياسة وتطورات الميدان هي التي تؤدي إلى كشف ورقة من الأوراق أو الاستمرار في إخفائها.
الأهم من كل هذا أن إيران أقرت بأنها جزء أساس من الذي يدور في سوريا ولبنان، وأن “مستشاريها” يحاربون مع النظام السوري، وأنهم “يزودونهم بخبراتهم ويقدمون لهم النصائح ليستفيدوا من تجربتهم”!
هذا الإقرار يطرح تساؤلات عما إذا كان لإيران “مستشارون” في البحرين يقدمون النصائح والآراء المفيدة لـ “المعارضة”، وتساؤلات عما إذا كان سيأتي قريباً اليوم الذي تقر فيه إيران بدعمها لـ “المعارضة” أو قيادتها لها، فالذي يقر بتدخله في سوريا بعد نفي مستمر، رغم الدلائل الواضحة، قد يقر بتدخله في البحرين التي هي أقرب إليه.. على الأقل لأنه يعتبرها تابعة له وأنه يكرر دائماً أنها “مال مو”!
أمر آخر ينبغي الإشارة إليه أيضاً؛ مستشارو النظام الإيراني موجودون في سوريا لمساعدة النظام السوري على مجابهة المعارضة المسلحة، هل المستشارون الذين يقدمون الرأي والنصيحة المتواجدون في البحرين يفعلون الشيء نفسه؟ عسكريون يعني؟ وهل ما يجري في الساحة من أعمال تخريب هي ترجمة لما تفتق عنه عقل أولئك المستشارين؟
للأسف فإن شواهد كثيرة تؤكد أن إيران عبر مستشاريها الذين لم تقر بعد بوجودهم في البحرين يساعدون “المعارضة” ويساندونها ولعلهم يديرونها وتأتمر بأمرهم، ما يجري في الساحة البحرينية لا يمكن إلا أن يكون مسنوداً من ذوي خبرة ومن دولة لا تتردد عن تقديم “النصائح والآراء”، وإلا من أين أتى البحرينيون الهادئون المعروفون بإيقاعهم البطيء بكل هذا العنف الذي نراه في الشوارع؟
ما ظلت إيران تنكره طويلاً عن وجود طاغٍ لها في سوريا ولبنان أقرت به، فمتى تقر عن وجودها في البحرين وتحريكها لأولئك الذين لا يزالون غير مستوعبين لما تريده إيران منهم ويعتقدون أنها تساندهم لسواد عيونهم؟ من يعتقد أن إيران تريد الخير للبحرين مخطئ، ومن يعتقد بعدم وجود “مستشارين” إيرانيين في البحرين يحرضون ويخططون ولعلهم يشاركون في التنفيذ مخطئ أيضاً.
ليس واضحاً بعد الأسباب التي اضطرت معها إيران للإقرار بوجود “مستشاريها” في سوريا ولبنان، لكنها قد تضطر أيضاً في يوم قريب للإقرار بوجود “مستشارين” لها في البحرين.. “ دون أن يعني هذا أن لها وجوداً عسكرياً.. أو أنها تدير عمليات التخريب الحاصلة”!