نحتاج إلى أمثلة واقعية حتى نتعرف على ظاهرة الدولة بلا مخالب التي استشرت في الدولة البحرينية، وتحديداً بعد الأزمة الأخيرة.
أول هذه الأمثلة عندما يخرج علينا أحد المسؤولين ويؤكد ضرورة محاسبة أصحاب الخطاب السياسي المسيء للدولة، والمثير للفتن الطائفية، والمحرّض على الكراهية والعنف والإرهاب، فإنه مثال حيّ تابعه الرأي العام المحلي باهتمام بالغ، ولكن ماذا كانت النتيجة؟
مازال المواطنون ينتظرون محاسبة أصحاب الخطاب السياسي المسيء للدولة من رجال الدين والسياسيين. فلم نسمع كثيراً عن إيقاف عدد من علماء الدين والخطباء السنة والشيعة بعد الأزمة ممن يحملون خطاباً سياسياً راديكالياً، وعليه تصبح الدولة بلا مخالب.
فلو كان موقف الدولة حازماً وقاطعاً تجاه علماء ورجال الدين المحرضين الذين نتابع خطبهم كل جمعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر مواقعهم الإلكترونية لكان الوضع الأمني والسياسي أفضل بكثير. فمهما قامت الدولة من مبادرات ومحاولات للحد تصاعد الأنشطة الإرهابية، فإنها ستستمر دون جدوى ولوقت طويل زمنياً إذا كان هناك من رجال الدين من يعمل على التحريض وتعبئة الأطفال والناشئة والشباب للقيام بمثل هذه الأعمال. واللافت هنا أن الدولة على علم تام وواضح بالدور الراديكالي الذي يقوم به هؤلاء، ولكنها تقف عاجزة دون أن تتخذ إجراء واحداً لأسباب أحياناً تفسّر بأن التوقيت غير مناسب، وأحياناً أخرى تفسّر بأنها بانتظار التشريعات، وأحايين أخرى كذلك يتم تفسيرها بأن الدولة لم تتحرك لأنها تعمل على تهيئة الأرضية.. إلخ.
هنا يحق لنا التساؤل؛ فوزارة الداخلية أعلنت أن عدد المصابين نتاج أعمال الإرهاب تجاوز الألف شخص من رجال الأمن يتم علاجهم بالداخل والخارج. هؤلاء لوكانت الدولة في حالة حزم وشدة، واتخذت إجراءات ضد رجال الدين المحرضين والراديكاليين، هل كنا نتوقع أن يصل عدد إصابات رجال الأمن إلى هذا الرقم؟ لا أعتقد ذلك نهائياً!
الدولة انشغلت كثيراً بإعداد مواثيق الشرف بين رجال الدين والخطباء، والعرائض المشتركة منهم التي تدين العنف السياسي والإرهاب، أكثر من انشغالها بالمحاسبة الفورية والمباشرة لرجال الدين الذين يحرضون من على منابرهم كل أسبوع. والنتيجة أن الانشغال بمواثيق الشرف يستفاد منها إعلامياً، أما الانشغال بالمحاسبة الحقيقية فإن نتيجتها انخفاض حدة التعبئة والتحريض ومن ثم تراجع معدل العنف السياسي والإرهاب.
هذا مثال واحد من جملة أمثلة سنستعرضها لنصل إلى تصور واضح لتحول الدولة البحرينية إلى دولة بلامخالب، مع أهمية بيان أسباب هذه الظاهرة، واتجاهاتها المستقبلية.