يقول ستيوارت ميل في المبدأ الشرعي للتداخل الاجتماعي: «إن التصرف الوحيد أو الجزء الوحيد من السلوك، والذي يعتبر منه الفرد منقاداً إلى المجتمع هو ذلك الجزء الذي يرتبط بالآخرين، أما الجزء الذي يرتبط به هو ذاته فقط، فإن استقلالية حقه تعتبر مطلقة».
ومن هذا المنطلق، ومن إجمالي البديهيات والمسلمات التي نعرفها، فإن ممارسات ما يُسمى بالمعارضة البحرينية -إن صحّت التسمية- لا تمت للارتباط بالذات بصلة بتاتاً؛ الأمر الذي لا يمنحها الاستقلالية المطلقة التي عبّر عنها (ميل)، وإنما هي من الجزء الذي يعتبر فيه الفرد منقاداً إلى المجتمع لارتباط ذلك الجزء بالآخرين.
ولكن.. يبدو أن النظام القائم المنوط به الإمساك بزمام الأمور وضبط دفة المشهد السياسي والأمني الراهن، لم يدرك هذه الدروس. لقد أصبح النظام بهذه الحسابات بحاجة لمزيد من الدروس التي تمنحها المعارضة، في الحين الذي تخرّج فيه الشعب البحريني من جامعات الحياة ونال شهادته العليا من جرَّاء أزمة البحرين الأخيرة، وقد اكتفى.. فإلى متى؟!!
كان الشعب البحريني على ثقة تامة أن النظام الحكومي كفيل بالتصدي لمواجهة أي خطر محدق بالمملكة، ولكن كل المشاهد الأخيرة نفت تلك التوقعات وحطمت تلك الثقة، وأصبح من الصعب التسليم بحماية أبسط الحقوق الطبيعية للمواطن على أرض البحرين من قبل الحكومة التي عملت لسنوات على تطبيق القانون، ومن ثم توقفت عن تفعيله فجأة ليهاجر القانون في دهاليز النسيان، هجرة لا تحمل أملاً للعودة - ربما. تُرى.. أتملك الدولة أدواتها الكافية لتفعيل القانون حسبما يجب؟ وليخرق القانون في بضع مواقف استثنائية ليُرسي دعائم العدل من جديد ويعيد الأمور لنصابها الطبيعي؟
البحرين تتعرض يومياً لاستنزاف طاقاتها من رجال الأمن بإصابات متفرقة، وتفقد أسبوعياً شهيداً فأكثر، وآخرها شهيد العيد، ألا يتطلب هذا أخذ موقف حاسم إزاء قتلة شهداء البحرين؟ أم أن دم البحريني أصبح رخيصاً حتى لم يعد يستحق الالتفات؟!!
دعونا نقف وقفة تأمل، كلنا بحرينيون؛ من الملك إلى أصغر مواطن على أرض هذه المملكة الطيبة، يجمعنا دم واحد، وأحسبنا جسم واحد، تجمعنا المواطنة لمملكة العطاء. أيقبل نظامنا أن يُمس جسمه الوطني بخدش فيقف متفرجاً؟ طبعاً لا.. فما باله يقف اليوم مكتوف الأيدي وجسم الوطن نازف الجراح من كل عضو فيه لاسيما رجال أمنه وحماته؟!!
ألا يستوجب ذلك التوسع في تطبيق القانون؟ ونشر درجة الضبط والسيطرة لعلاج الموقف المتصاعد يوماً بعد يوم؟ فقد سأم الشعب من الحديــث باســم الوطــن، والوطن غارق في جراحه ولم يعد بمقدوره منــح الشعب الكثير -لاسيما الأمن والأمان!!
- اضبطوا نبضكم..
دولتنا الحكيمة.. هل من مُجيب؟!