استُضعفت المرأة على مدى قرون طويلة من الزمان، وفي مختلف الحضارات الإنسانية، فلم تكن لها حقوق ولا أهلية عند اليونانيين، وقد عوملت كسلعة تباع وتشترى في الأسواق، فيما كان عقد الزواج من المرأة عند الرومان عقد رق، وقبل ذلك تكون في رق أبيها. أما الهنود والنصارى فاعتبروها باباً للشيطان ورمزاً للفتنة والإغراء، فلا شرف ولا فضيلة تعرفها. ولم يختلف الأمر عند الفرس كثيراً؛ إذ كان الرجل يدخل على الرجل في داره فيغلبه على منزله ونسائه وأمواله؛ حتى لم يعد الرجل يعرف مولوده ولا المولود يعرف أباه. حتى جاء الإسلام وأكد على إنسانية المرأة وأهليتها للتكليف والمسؤولية وأهميتها في المجتمعات، استناداً لرواية أحمد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: (إنما النساء شقائق الرجال). وأن للمرأة حقوقاً كثيرة في الحياة شأنها شأن الرجل؛ كحق التعليم والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.
وبإنشاء المجلس الأعلى للمرأة في البحرين عام 2001 مُنحت النساء أحلامهن على أرض الواقع، وفتحت أفق الحلم لديهن إلى ما لا نهاية، بعدما كان حلم المرأة لا يتعدى لقمة تأكلها وبيتاً يأويها وزوجاً يسترها وأبناء ترجو أن يكونوا لها سنداً. وكأنها خلقت بهيمةً لا يشغلها شاغل سوى لقمتها ولذتها للتحول بعد أشهر قلائل من الزواج إلى ماكينة تفريخ طبيعية وحسب. فرغم إنها الأدوار الحقيقية للمرأة والتي شرعها الإسلام، إلاَّ أنه يجب ألا تتم ممارستها بمعزل عن أدوار أخرى في المجتمع، ونيل حقوق من شأنها الارتقاء بمخرجات الأسرة والإنتاج العام؛ كحق التعليم باعتباره اللبنة الأولى في تحديد مستوى وعي وثقافة الأم والزوجة، وما يترتب عليهما في تنشئة الأجيال القادمة.
بعد 11 عاماً من العطاء البحريني المتواصل وتمكين المرأة؛ لتحقيق نهضة شامخة، شيدت بنيانها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، تحتفل البحرين يوم غد الموافق الأول من ديسمبر بيوم المرأة البحرينية الخامس؛ خروجاً من شرنقة امرأة الأمس إلى فضاءات اليوم والغد. فالمرأة في زمن منصرم لم تكن تنقصها القدرة بقدر ما كانت بحاجة لفرصة خوض ميادين لطالما احتكرها الرجال على مدى حقب زمنية ماضية. ولعل الفرصة باتت متاحة وواضحة عبر خمس سنوات متتالية، يركز خلالها المجلس على جوانب محورية في تمكين المرأة البحرينية وإشراكها بجدارة في بناء الدولة ونموها.
تبلورت صورة المرأة البحرينية بأشكال مختلفة في عدد من الميادين، خلال خمسة شعارات منطلقة عن الاحتفال بيوم المرأة البحرينية والدور اللافت لها، يأتي في مقدمتها (80 عاماً من التعليم النظامي والإنجاز) (2008) تأكيداً على أهمية التعليم في الارتقاء بالعنصر النسائي وتمكينه من تبوؤ الأدوار المتميزة في المجتمع بمزيد من الوعي، مروراً بشعار (المرأة والأمن الصحي.. قابلة.. ممرضة.. طبيبة) (2009) اعتزازاً بإسهامات المرأة البحرينية في المجال الصحي وتيسير سبل الحفاظ على الصحة في ظل ثقافة مجتمعية شرقية إسلامية، فضلاً عن (المرأة البحرينية والعمل التطوعي.. 55 عاماً من المشاركة والعطاء) (2010) المناسبة التي سلطت الضوء على الجهود الجبارة التي بذلتها النساء على مدى الأزمان لا سيما في العقود الخمسة الماضية التي تفوقت فيها المرأة وتميزت بأدوارها الريادية في ميدان العمل التطوعي خدمةً للوطن.
ولم يغفل المجلس الأعلى للمرأة عن أهمية العامل الاقتصادي في تمكين المجتمعات والأفراد كذلك، الأمر الداعي للاحتفال تحت شعار (المرأة البحرينية في التنمية الاقتصادية.. شراكة وعطاء) (2011). ولعل من اللافت أن كلمة (عطاء) لم تعد تفارق المرأة؛ لحجم ما تبذله من إنجازات لأجل الارتقاء بكل ما يحيط بها؛ بدءاً بعطائها داخل المنظومة الأسرية وانطلاقاً لمجتمع واسع الآفاق. أما اليوم، فإننا نحتفل بيوم المرأة البحرينية تحت شعار (المرأة والرياضة: إرادة.. إنجاز.. تطلعات) (2012) دعماً للمرأة في المجال الرياضي، ودورها اللامع بإنجازات مبهرة حفل بها التاريخ.
ومازالت مسيرة العطاء النسوي مستمرة إلى ما لا نهاية، بقيادة سيدة العطاء، سيدة البحرين الأولى، التي قادت خطى تمكين المرأة البحرينية في كافة المجالات ومازالت؛ حتى لم يعد هناك فرق بين رجل وامرأة، في ميدان المواطنة وصنع الحياة.