يتيح دستور البحرين المجال واسعاً للعمل السياسي للمواطن البحريني -سواء انشغالاً أو اشتغالاً على رأي الأستاذ محمد مطوع- وبشكل غير مسبوق وغير متاح في دول المنطقة حتى في دولة كالكويت التي تسبقنا في تجربتها الديمقراطية حيث لا تسمح القوانين الكويتية بتشكيل الأحزاب والعمل الحزبي، في حين أن الدستور البحريني وقانون الجمعيات السياسية يتيح للمواطن البحريني تشكيل جمعيته السياسية (حزبه) وإقامة كافة الممارسات المتاحة لأي حزب سياسي في أي دولة ديمقراطية عريقة، بل وتخصص للحزب موازنة تتناسب مع عدد عضويته ومع عدد ممثليه في المجلس النيابي.
هذا التطور الإصلاحي الذي قامت به البحرين كان محل إشادة من الدول التي تطالبنا اليوم بإصلاح جدي!!
هذا التطور كان محل دراسة ومراقبة من دول الجوار وكان بإمكان استثمار هذه الفرصة لتشجيع بقية دول المنطقة للحذو باتجاه ما قامت به البحرين من إصلاحات سياسية.
كما يتيح الدستور البحريني للمواطن الترشح للمجالس النيابية، مرشحاً كان عن حزبه أو مستقلاً، ويعطيه الحق كنائب برد المراسيم الملكية وعدم إقرار الميزانية ومحاسبة الوزراء وطرح الثقة بهم وطرح الثقة برئيس الوزراء (عدم التعاون) ورفض أو قبول البرنامج الحكومي الذي يلزم الحكومة بالاستقالة وبإعادة تشكيلها من جديد وإعادة صياغة برنامجها، هذه هي صلاحيات المواطن البحريني حين يفوز بمقعد نيابي بلا تفرقة أو تمييز لجنس أو مذهب أو لون أو دين، فلا عذر لأي مواطن بأنه لا حول ولا قوة أو أن هناك قيوداً تحول بينه وبين حقه.
هذه درجة من درجات الحريات السياسية غير موجودة في كل دول المنطقة عدا الكويت والبحرين سبقتها في منح المرأة حقها السياسي بل ووصلت نسبتها إلى 25% في السلطة التشريعية وهي نسبة لم تصلها أعرق الدول الديمقراطية في فترة زمنية قياسية لا تزيد على العشر سنوات.
هذا عن الاشتغال واحتراف السياسية، نرى أن المجال مفتوحاً من أوسع أبوابه بلا قيود تحول بين أي مواطن والعمل واحتراف السياسية عدا كونه عسكرياً وتلك قاعدة عامة، ومثلما أتاح الدستور للمواطن احتراف العمل السياسي، أتاح الدستور البحريني كذلك للمواطن حق الانشغال بالسياسة، فله مطلق الحرية بانتقاد الأداء الحكومي وعرض وجهة نظره بحرية تامة حول كل ما يتعلق بشؤون إدارة الدولة، فهناك صحف متنوعة الاتجاهات وهناك نشرات وهناك قوانين تنظم التجمعات وهناك وسائل اتصال متوفرة ورخيصة وواسعة الانتشار تتيح للجميع بلا تفرقة أن ينشغلوا بالسياسة بضوابط لها مثيلاتها في كل الدول الديمقراطية تضبط تلك الحقوق وتحفظ حقوق الآخرين.
فلا عذر لأي مواطن يبرر له التصادم مع الأمن أو مع مصالح العامة تحت غطاء حق التعبير أو حق العمل السياسي بشكل عام، وحين تعرف حقوقك وتعرف ضوابطها فإن المجال مفتوح على مصراعيه للإرادة الشعبية أن تقرر أوجه صرف موارد الدولة وفي برامج الدولة التنموية وأن تراقب وتحاسب وله أن يلجأ للسلطة القضائية إن تضرر ولديه كافة الضمانات ودرجات التقاضي مثلما له سقف عال من الحراك والتعبير.
المواطن البحريني إذاً وفقاً للدستور البحريني يتمتع باختصاصات وصلاحيات وحقوق سياسية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، ومؤخراً أتيحت له فرصتان لتفعيل تلك الاختصاصات من خلال «تقرير ديوان الرقابة المالية» تلك الأداة المتاحة للمواطن البحريني قدمت له ميسرة بفضل الدستور البحريني، وهو تقرير علني أتاح للمواطن فرصة الحراك المشروع لمحاسبة حكومته لا من خلال نوابه فحسب بل من خلال حراكه السياسي المشروع والواسع، أي عبر أي مكان للتجمع وأي وسيلة للتعبير، مرة أخرى وفقاً للضوابط المعتادة.
«الميزانية» هي الأخرى كانت علنية وهي أداة ثانية متاحة للمواطن البحريني كي يمارس حقه في مناقشتها والتدخل في صياغتها، فلا يحول بين المواطن وبين تفعيل هذه الأدوات إذاً غير نفسه.
فإن هو تقاعس أو هو انشغل أو هو اختار ممثلاً غير فالح أو هو مشغول بزيادة صلاحياته عن استغلال وتوظيف ما هو متاح فتلك مسؤوليته ويتحملها وحده.