رغم ضعف حضورهن في الحياة السياسية، فإن الانتصار الأكبر والحاسم للمرأة العربية، وساحة الفصل، تتمثل في ميدان التعليم بكافة مراحله، وتكرس الامتحانات العامة سنوياً على سبيل المثال، خلال السنوات القليلة الماضية، هذه الحقيقة التي تزداد رسوخاً كل عام، بل إن رسوخها يكبر أكثر فأكثر، ليشمل الجامعات أيضاً.
وقبل أن نتوقف عند تنامي هذه الظاهرة لنتأمل في بعض هذه الأرقام في عدد من البلدان العربية؛ في مملكة البحرين، حصدت البنات أكثر من 70% من مقاعد الأوائل ضمن قائمة خرجي الثانوية العامة، وهذه النتيجة ليست وليدة اليوم، بل تم رصدها إحصائياً بشكل سنوي، فقد لوحظ أن عدد المتفوقات من البنات يزيد بشكل كبير عن عدد المتفوقين من البنين، كما كشفت نتائج الثانوية العامة في دولة قطر تفوق الطالبات على الطلاب واحتلالهن معظم المراكز الأُولى بين الأوائل، فقد حصدن 29 مركزاً من مجموع 33 مركزاً من الأوائل في الشهادة الثانوية العامة، وأظهرت نتائج الثانوية العامة بجمهورية مصر العربية تفوقاً ملحوظاً للبنات على البنين، إذ نجد 228 طالبة متفوقة في مقابل 173 من الطلاب البنين المتفوقين، وبحسب أرقام وزارة التربية والتكوين التونسية، تؤكد منحى تفوق البنات على البنين في نسب النجاح وفي معدلات التفوق أيضاً.
وعند العودة إلى السؤال لماذا يتفوقن؟
يحاول البعض العودة في الغالب إلى التفسير الاجتماعي، مثل اتساع مجال هوايات الذكور في المجتمعات العربية والتي تلهيهم عن الدراسة، أما البنات فإن وجودهن في المنزل يعطيهن فرصة أكبر للمذاكرة والاهتمام بالدرس، كما يعود الأمر أيضاً إلى اختلاف الأنماط الاجتماعية والصور التي يقضي بها الشاب والشابة أوقات فراغهما، حيث يسمح للشباب بالخروج والتنزه واستغلال وقته بحرية كاملة وكيفما شاء بينما ذات الأمر غير متاح للفتيات مما يوفر لهن قدراً كبيراً من الوقت.. يستخدمنه استخداماً رئيساً للدراسة. كما يري الخبراء النفسيون أن تفوق البنات في المجال الأكاديمي ناشئ عن رغبتهن الشديدة في تحقيق الذات، فإذا نظرنا إلى عشرات السنين التي مضت نجد أن كثيراً من النساء حرمن من التعليم، وكن ينظرن إلى أنه أمل كبير، إضافة إلى حرمانهن من المشاركة العامة في مجال العمل وبناء المجتمع، مما أدى إلى أن يصبح التعليم مجالاً خصباً لخيالهن وأملاً كبيراً لدخول الحياة العامة وإثبات الذات والنفس كدليل على وجودهن ومشاركتهن في المجتمع.
ولكن المسألة هنا لها علاقة بالتميز في النتائج إلى درجة أن بعض الكليات أصبح اليوم فضاء يكاد تختص به البنات سبب تميز البنات، مما يطرح أسئلة من نوع، هل أن التنافس الخفي بين الذكور والإناث في المجتمع يجعل الإناث يبتكرن طرقاً للتفوق على الذكور، من أهمها انفتاح التعليم والعلم أمام الجميع.. لتصبح النساء متميزات في هذا المجال؟
كما أعتقد أن الفتيات لم يضعفن أمام الضغوط الاجتماعية التي حرمتهن من بعض حقوقهن، كما إن الضغوط الاجتماعية التمييزية ضدهن قد حوّلت إلى شكل إيجابي من أشكال الطاقة ودفعتهن للحركة نحو التفوق والامتياز، ولهذا فإن الطلاب مطالبون بإعادة النظر في أسلوب حياتهم وطرق استخدام أوقات فراغهم وجدولة أحلامهم وطموحاتهم لكي يستطيعوا أن يلتحقوا بركب التقدم ويصبحوا جنباً إلى جنب مع قريناتهم من الفتيات.
إن ظاهرة تفوق الطالبات على الطلاب قد تكون راجعة أيضاً إلى أسلوب التربية المختلف بين الفتيات والفتيان وأسلوب التمييز وإعطاء الولد حقوقاً أكبر من الفتاة، حيث يغلق على الفتاة، مما يجعلها تعطي طاقاتها وإبداعاتها في الدراسة.
همس الأرقام..
أعلن تقرير لمنظمة اليونيسيف “2008” أن فتيات الدول العربية، يتفوقن على الذكور في جميع المراحل الدراسية، وأن المرأة العربية أشد إصراراً على التخلص من الأمية مقارنة بالرجل، وذلك استناداً إلى مقارنات أرقام الأميين وأولئك الذين تخلصوا من أميتهم. وقد أرجع التقرير ما وصفه بالتقدم الكبير في سجل المرأة التعليمي بانهيار الحواجز الاجتماعية التي كانت تحول دون وصول المرأة إلى مقاعد الدراسة في عدد من الدول العربية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90