مازلنا بانتظار الإجابة عن الاسئلة الخاصة بكيفية دخول 11 مليون دولار للبحرين، خصوصاً أن جواب الأمريكي بأنها (رواتب المارينز) تحول إلى نكتة الموسم على مدى يومين في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتمدها كاريكاتير الفنان المحرقي.
وظهرت نكات كثيرة على هذا الجواب الغريب؛ إنما أكثرها إضحاكاً هو إسراع الجريدة (إياها) بتبرئة ساحة الأمريكان، على الأقل انتظرتم يوماً أو يومين، على الأقل تظاهرتم بالتجاهل أو عدم الانتباه، لكن أن تسارعوا بالتبرئة والدفاع بهذا الشكل عن جهة -من المفروض أن لا تربطكم بها علاقة- فهذا الذي ينطبق عليه صحيح المثل القائل “كاد المريب أن يقول خذوني!!”.
عموماً لقد فضحت وثائق وكيليكس العلاقة المشبوهة بين رئيس تحرير الجريدة أو الوفاق، وبين الطرف الأمريكي، دونما حاجة لقصة جديدة أو رابط جديد للاستدلال عليها.
ثم على فكرة صاحب الخيال الواسع، ومقولة أن المبلغ - رواتب المارينز- هو أمريكي، إذاً قبل أن ترجموا صاحب المقولة، تريثوا فإنها تعود (للأسياد)!!
نعم.. نتفق وإياكم، ومع كل من علق على هذا الجواب بأنه أغبى جوابٍ على وجه الأرض، لكن كان الرد الجاهز الذي جاء على لسان الأمريكي ووزارة الداخلية -لسبب ما- اختارت تصديقه!!
لسبب ما اختارت وزارة الداخلية أن لا تسأل عن أشياءٍ إن تبدو لها تسوؤها، رغم أنه الجواب الذي لا يدخل عقل أصغر طفلٍ في العالم، لكن الرأي العام غير معني بأسباب وزارة الداخلية التي جعلتها تتغاضى عن إدخال مبلغ للبلد بهذا الشكل غير القانوني.
من الواضح أن هناك شيءٌ مريب في العملية! هناك حراك غير قانوني، لكن ما دور الحكومة البحرينية؟ وما دور وزارة الداخلية؟ وما دور المصرف المركزي؟ باختصار ما دور السيادة البحرينية؟
هل يعقل أن تصرح وزارة الداخلية بأنها سمحت بدخول 11 مليون دولار لأنها رواتب البحرية الأمريكية؟ هل يعقل أن يبقى المصرف المركزي مغيباً عن دخول مبلغ بهذا الحجم لا يدري عنه شيئاً؟
هل يعقل أن تصدق وزارة الداخلية قصة الرواتب؟! هل حكومتنا تختار أن تدعي الغباء أفضل لها من أن تسأل الأمريكان أو توقف أمريكياً وتستجوبه؟
ثم إن هناك تعتيماً كبيراً على الحادثة من الجانب الأمريكي، والنفي المقتضب وغير الواضح من السفارة لا يعتبر بياناً رسمياً، وما بين تصريح السفارة وتصريح وزارة الداخلية يوجد تضارب كبير والقصة مازالت في أولها.
لذا فإنني أقترح على شبابنا أن يترجم الخبر ويترجم المقالات الخاصة بهذه الحادثة وإرسالها لحسابات الصحف الأمريكية والأوروبية، فهؤلاء هم من سيحفر في الموضوع من جهتهم، وهم من سيظهر المخفي.
ما يعنينا نحن كمواطنين بحرينيين أن نطالب المجلس النيابي الآن بفتح تحقيق في كيفية السماح لدخول مبلغ (كاش) بهذا الشكل حتى لا يمر الموضوع مرور الكرام، خصوصاً يفترض أنه تم تسجيل أرقام العملات التسلسلية (السيريل نمبر) للمبلغ، وقد تم تعميمها على البنوك من أجل متابعة تحركات هذه العملات، ولو حاول أحد إدخال هذه العملة لأحد البنوك أو وجدت أي ورقة منه في أيدي مخالفي القانون، فذلك إعلان حرب على مملكة البحرين بتمويل أجنبي.
وأن من يقبض عليه ولديه أي ورقة منها فإن ذلك دليل مادي على جريمة عظمى وخيانة كبرى يعاقب عليها القانون في أي دولة في العالم.
الخلاصة: قد تكون هذه هي الورقة الأخيرة في المتغيرات التي سرت على العلاقة التاريخية بين المملكة البحرينية والولايات المتحدة الامريكية، والتي تدعونا لإعادة النظر في طبيعة هذه العلاقة ورسمها من جديد، بما فيها بنود الاتفاقية الأمنية، فكلها أمور بحاجة لإعادة صياغة جديدة، ولهذا لابد أن يمر من الآن فصاعداً كل ما يتعلق بتلك العلاقة على المجلس النيابي، فكل ما يمس هذه العلاقة بدءاً من السياسية الخارجية وصولاً الى الاتفاقية الأمنية الى تأجير القاعدة، لا بد أن يكون للشعب البحريني عبر ممثليه رأي فيها ليقرها، أليست أمريكا هي التي تحثنا على الديمقراطية؛ إذاً على الديمقراطية أن تبدأ من هنا.