المقابلة الصحافية التي أجرتها إحدى الصحف الزميلة مع القيادي بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية والنائب السابق عبدالجليل خليل لخصت آراء ومواقف ومطالب الوفاق واحتوت كمية من الصراحة ولم يعبها سوى محاولة الالتفاف على بعض الأسئلة الصريحة، حيث بدا الهروب واضحاً عند محاولة الإجابة عن سؤالين أحدهما عن أخطاء المعارضة والآخر عن الوضع الاقتصادي في البلاد. مع التأكيد على أن المقال هنا لا يبخس جهد الزميلة أو المقابلة نفسها ولا يتناول شخص من تمت مقابلته حيث جاءت إجابته عنهما بعيدة عن مضمار الصراحة الذي اتسمت به الإجابات الأخرى. فعندما سئل عن الأخطاء التي يعتقد أن المعارضة ارتكبتها خلال العام ونصف العام الماضي قال ما ملخصه (ربما كانت هناك بعض الأخطاء في بعض الشعارات التي صدرت في بداية الأحداث، لكن الأكثرية الساحقة، رفعت مطالب سياسية محقة وعادلة والتزمت بالسلمية حتى يومنا هذا.. ولا يمكن مقارنة بعض الأخطاء البسيطة لبعض الأفراد مع الإفراط في التعاطي الأمني..) لكنه لم يذكر تلك الأخطاء «البسيطة». وعندما سئل عن تقييمه للوضع الاقتصادي في البحرين قال (يجب التأكيد أولاً على أن المعارضة يهمها الوضع الاقتصادي كما يهمها الوضع السياسي).. لكن الإجابتين تحتاجان إلى وقفة. أما القول (ربما) فهو يعني أنه ليس بالضرورة أنه يؤمن بوجود أخطاء حتى الأخطاء البسيطة، فكلمة ربما لا تعبر عن اليقين وإنما عن وجود أكثر من احتمال، وهو هروب واضح من الإجابة. أما القول إنه كانت هناك بعض الأخطاء البسيطة في بعض الشعارات فجوابه بأنها لم تكن أخطاء بسيطة لأنها كانت شعارات حاسمة ومحددة، كانت الشعارات هي الشعب يريد إسقاط النظام، وكانت «الموت لآل خليفة»، وكانت المناداة بالتسقيط، وهي لم تتغير حتى اليوم ويتم ترديدها بكرة وأصيلاً عبر مختلف الوسائل المتاحة «بما فيها كاسيكو نبيل رجب الذي يفاخر بأنه يردد بعض تلك الشعارات صباح كل يوم». أبداً لم تكن تلك الأخطاء بسيطة وأبداً لم تتغير، وهذا يستوجب حسم الجمعيات السياسية وعلى رأسها الوفاق الموضوع مع ائتلاف فبراير حيث تمسك الائتلاف بتلك الشعارات وترديدها والتأكيد عليها بالأفعال أيضاً وعدم اتخاذ موقف واضح وحاسم من الجمعيات السياسية إزاءها يعني أنها تشاركها تلك الأخطاء التي تصفها بالبسيطة وأن تلك الأخطاء البسيطة لم تكن في البداية فقط وإنما مازالت مستمرة. وهذا يعني أيضاً أن الأخطاء ليست من قبل بعض الأفراد فقط ولكنها من الغالبية ويعني أنها من الجميع طالما أن الجمعيات السياسية وأولها الوفاق لاتزال دون أن تعلن بوضوح أن طريقها هو الإصلاح وليس الإسقاط. أما القول عن الاقتصاد فجوابه أن الوقائع تؤكد أن الوضع الاقتصادي لا يهم المعارضة إلا إذا كان المقصود أنه يهمها تدميره، وما اعتبار العاصمة هدفاً للتجمعات عبر تنظيمها بأنواعها وتطويق العاصمة بالسيارات إلا بغرض ضرب الاقتصاد، وهو ما ظلوا يعلنونه جهاراً نهاراً ويفرحون عند سماع أي خبر بعزم شركة أو بنك إعادة النظر في واقعها ودراسة الظروف المحيطة بها والتي تؤثر على إنتاجها ومكسبها. تقوية الاقتصاد لا يهم المعارضة وإنما العكس هو الصحيح حيث أعلنوا مرات أنهم يريدون شل الاقتصاد تمهيداً لإسقاط النظام وتمت الدعوات إلى مقاطعة المجمعات التجارية ومقاطعة بعض التجار إلى جانب محاولات إحداث الفوضى والإزعاج في منطقة المال والأعمال. كثير مما قاله رئيس كتلة الوفاق السابق في مجلس النواب في تلك المقابلة جميل وصريح لكن إجابته عن ذينك السؤالــين لم يكـــونا كذلك.