ثلاثة أحداث دفعة واحدة طهران تتهم دولاً غربية بتزويد المنامة بقذائف كيميائية لقمع شعبها مما أدى إلى “زيادة القتلى والجرحى” في صفوف البحرينيين، بالمقابل تكتشف السلطات البحرينية إدخال 11 مليون دولار أمريكي نقداً إلى أراضيها باعتبارها رواتب للمدنيين العاملين مع قوات البحرية الأمريكية في قاعدتها بالجفير، ويتزامن ذلك مع إعلان واشنطن تصنيف مواطن بحريني ضمن قائمتها السوداء للإرهابيين وتوجه له تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة للتخطيط لارتكاب اعتداءات إرهابية بعد أن ثبت لدى وزارة الخارجية الأمريكية قيامه بتدريب عناصر في القاعدة على التقنيات والمخططات الإرهابية. وبموجب هذا التصنيف وبعد بالاتفاق مع وزارة الخزانة ووزارة العدل الأمريكيتين يسمح بحجز كافة أملاكه ومنع أي مواطن أمريكي من القيام بأي معاملات معه. هذا المشهد الواسع بتفاصيله العميق بدلالاته ومؤشراته تم خلال أقل من 5 أيام فقط، وتزامن مع مشهد أكبر يمتد من الكويت التي تطالب فيها بعض القوى السياسية بتطبيق النموذج البحريني في الإصلاح وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مع تهديدات بتصعيد أمني وسياسي غير مسبوق. مروراً بالمنطقة الشرقية التي ساهمت طهران في إذكاء حالة الاضطراب السياسي والأمني المسيطر عليها الآن وتطالب إيران بـ “الاستجابة لمطالب الحرية للشعب”، وصولاً إلى أراضي الإمارات العربية المتحدة التي تتصاعد فيها تحركات غير آمنة من جماعات معروفة أجندتها سلفاً. ماذا يعني كل ذلك؟ في العام 2011 كانت البحرين تتحدث عن الاستهداف الخارجي، وكانت بعض دول مجلس التعاون تتشكك حول تلك النوايا، وتؤكد أنها “مبالغة”، ومع ذلك كانت النظرة البحرينية ترى أن أحداث البحرين ما هي إلا بداية لموجة اضطراب أكثر اتساعاً وامتداداً إلى بلدان المنطقة. ولم نتجاوز سوى 18 شهراً حتى باتت النظرة البحرينية أكثر وضوحاً وموجودة على أرض الواقع، وجميع هذه الأحداث تعصف بالخليج العربي في ظل ضغوطات إيرانية وأمريكية واضحة. من الخاسر والرابح في هذا المشهد؟ طبعاً الخاسر دول مجلس التعاون الخليجي إذا ظل تعاطيها مع مثل هذه الأحداث بطريقة تقليدية تبدأ من توجيه الاتهامات إلى تطبيق القانون والملاحقة القضائية إلى استخدام القوة المحدودة في إطار القانون وتنتهي هنا. هذه الطريقة باتت غير مجدية تماماً، بل صارت مضارها أكثر من منافعها، ولا بد من التفكير ببدائل وحلول أخرى غير تقليدية كما في خيار الاتحاد الخليجي. أما بالنسبة للرابح فهي بلا شك طهران التي باتت تتلاعب بالأمن الإقليمي الخليجي دون رادع من دول الجوار العربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى في مثل هذه الاضطرابات منفعة استراتيجية على المديين المتوسط والبعيد لتحقيق هدف إعادة تشكيل المنطقة ببلدان جديدة لديها القابلية على التأقلم مع مصالح واشنطن الثابتة هنا. في مجمل تفاصيل هذا المشهد السياسي المعقد نتوقع تصعيد على أكثر من مستوى خلال الفترة المقبلة مع تأزم الأوضاع في سوريا باعتبارها ميدان الصراع السياسي في الشرق الأوسط حالياً.