زاوج صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته التي افتتح بها المؤتمر السنوي الحادي عشر لمؤسسة الفكر العربي بين الأسلوب الأدبي والمحتوى العلمي، عندما نوه إلى أن كل ما في هذا الكون إنما هو في حالة مستمرة، واضعاً بمفردات لغة أدبية راقية المشاركين في المؤتمر أمام تحد فكري وسياسي، ناشدهم في جوهره إن كان في وسعهم الإجابة على من يسير أمور العالم اليوم؛ هل هي الشركات الاحتكارية، أم المليشيات المسلحة، أم الحكومات المتعاقبة؟
قال الفيصل متسائلاً الحضور: كل ما على هذه الأرض يتغير.. وإلى غاية لا نعلمها مسير.. وهكذا الحكومات.. فهل تبقى الحكومات؟! أم تحكم المنظمات؟! أم تسيطر المليشيات؟! أم أنها الشركات.. فهل لديكم من إجابات؟! قراءة متأنية لما جاء في كلمة الفيصل المقتضبة تكشف أنها تصب في صلب موضوعة المؤتمر والتي هي: «المواطن والحكومات.. رؤية مستقبلية».
سبقت تلك الجلسة الافتتاحية مجموعة من ورش العمل التدريبية تناولت اثنتان منها «دور الحكومة في تفعيل الإعلام الاجتماعي». تمحورت جلسات الورشة الأولى من تلك الورشتين، والتي كان عنوانها «العمل الحكومي في عصر تقنيات التواصل الاجتماعي.. ما الذي تغيّر؟»، وقام بإدارتها الخبير الاستراتيجي في مجال الحكومة المفتوحة والإعلام الاجتماعيّ لدى دولة الإمارات العربية المتحدة إبراهيم البدوي، حول مجموعة من الأسئلة التي أثارها البدوي نفسه بشأن دور الإعلام الاجتماعي في الارتقاء بأداء المؤسسات، حكومية كانت أم تابعة للقطاع الخاص.
توزعت ردود المشاركين على مجموعة من المحاور في نطاق عنوان الورشة تحولت إلى ما يشبه الحوار المكثف حول مدى استعداد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لاستخدام شبكات الإعلام الاجتماعي، وقدرتها على تبني استراتيجية مؤسسية، تتلاءم والتطورات التي أحدثها ذلك الإعلام، ومن ثم درجة استيعابها له كي يساعدها على تحقيق أهدافها.
ونجح البدوي من خلال تفاعله مع المشاركين في الورشة أن يرسخ في أذهانهم «أنّه حري بهذه المؤسسات أن تستغلّ الفرصة، التي يوفرها هذا الإعلام، كي يصبح ارتباطها بهذه المواقع، متماشياً مع استراتيجياتها المؤسساتية». أهم ما تركزت عليه نقاشات تلك الورشة هو السبل التي تحقيق معادلة التوازن الصحيحة بين التفاعل الإيجابي مع موجة الإعلام الاجتماعي، دون الإفراط في ذلك الاستخدام أو سوء استغلاله.
من بين تساؤلات التحدي الذهني التي أثارها البدوي في تلك الورشة هو نجاح المؤسسات في الموازنة بين استهلاك موظفيها لأوقات العمل في الإبحار على مواقع التواصل الاجتماعي لتسخيرها لخدمة الأداء الوظيفي المتوقع منهم. تبادل الدكتور البدوي الآراء مع الحضور، وطلب من عدد منهم مشاركة الحاضرين بالحديث عن تجاربهم الخاصة، المرتبطة باستخدام هذه المواقع أثناء أوقات الدوام الرسمي. الملفت هنا هو انقسام المشاركين في ورشة العمل هذه بين من رأى «ضرورة حجب مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل»، وآخرين ممن خالفوهم الرأي بقوة مدافعين عن مواقفهم بأن «بأنّ هذه المواقع تسهم في التواصل ما بين المؤسسات وعملائها، ومن ثم فليس هناك ما يبرر حجبها، أو حظر الولج لها على الموظفين».
ورشة العمل الثانية في الموضوع ذاته أدارها مدير الحوّكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية فادي سالم، وحملت عنوان «الإعلام الاجتماعي في العالم العربي: التأثير المجتمعي والدور الحكومي». استهل فادي عرضه بمجموعة متتالية من الشرائح التي استلها من «التقرير الإعلامي الاجتماعي»، وهو تقرير سنوي تنشره كلية دبي للإدارة الحكومية، سلط من خلالها الضوء على «اتجاهات استخدام هذه المواقع في العالم العربي»، واستخلص منها بعض الاستنتاجات الغاية في الأهمية، عندما أشار، على سبيل المثال، إلى أن «النساء، الذين يمثلن حوالي 33% من مستخدمي الفيسبوك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يدلّ على التحديات التي تواجه النساء في المنطقة، علماً بأنّ هذه المواقع توفر، من جهة أخرى، فرصاً مهمة للمرأة، حتى تساهم في بناء المجتمع المدني».
وجرى خلال النقاشات المستفيضة مقارنات مهمة بين وضع اللغة العربية على مواقع الإعلام الاجتماعي، فرغم، كما جاء في إحصائيات البحوث الميدانية التي قامت بها كلية دبي للإدارة الحكومية، من كون أغلب المشتركين فيها يمتلكون حسابات باللغة الإنجليزية، إلاّ أنّ اللغة العربية هي الأسرع نمواً، ما يدلّ على أنّ شرائح مختلفة من المجتمع تستخدم هذه المواقع، وليس المتعلمين فحسب».
من الورش الفرعية انتقل المشاركون إلى الجلسة العامة الافتتاحية، قبل الاستراحة الأولى التي أعقبتها جلستان عامتان، اتسمت الأولى بالتركيز على الجوانب الاقتصادية، في علاقتها بالتغيير الذي يعم المنطقة منذ ما يزيد على العامين، في حين أنصبت مداخلات الجلسة الثانية على الجوانب الإعلامية في ضوء ثورة شبكات التواصل الاجتماعي.
في الجلسة العامة الأولى، المعنونة «التنمية ومستقبل الحكومات»، «دارت النقاشات حول «التحديات التي تواجه حكومات الدول العربية على مستوى هيكلة القطاع العام والخدمة المدنية لتحسين الكفاءة والفاعلية بغية الاستجابة لضرورات الانفتاح والمرونة، في ظل ارتفاع توقعات المواطنين ومتطلباتهم، ودور القطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنمية». وتوقف المحاضرون عند قضية العلاقة التي تحكم موظف القطاع العام بمؤسسات الدولة، ووجدوا أن «تحسين مستوى الأداء الإداري للحكومة يبدأ من الموظف الموجود لخدمة المواطن والإنتاجية على حد سواء». كما أشار المتحدثون إلى أن ضرورة تطوير النظم التعليمية العربية من أجل الانتقال بها من واقعها التلقيني الإستاتيكي، إلى ذلك الإبداعي المتطور.
أما الجلسة العامة الثانية، وكانت بعنوان «المعلومات وشفافية الحكومة»، فقد حاول المتحدثون فيها الإجابة على تساؤلات «تتعلق بتأثير الإعلام الحديث بالرأي العام العربي، ودور الرقيب على أداء القطاع العام في ظل القوانين المعمول بها حاليا في البلاد العربية». كما عالج المحاضرون «إمكانية الجمع بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لتحسين المساءلة الحكومية والشفافية وأداء مؤسسات الدولة». وأشار المحاضرون إلى أن «ما يحدث في الفضاء الإلكتروني، إنما هو انعكاس لما يحصل في الشارع العربي». ونوه المحاضرون إلى أن «هناك حاجة عند الرأي العام إلى المعرفة، وإذا لم يؤمن الإعلام الحكومي هذه الحاجة، فمن الطبيعي أن يلجأ المستخدم إلى وسائل بديلة». وأكد المشاركون أيضاً، بأن «التعتيم لم يعد ممكنا في ظل وجود وسائل الاتصال الجديدة التي أصبحت تشارك وسائل الإعلام التقليدية بالسلطة الإعلامية».
خلاصة القاسم المشترك بين الجلستين، دون الغوص في تفاصيل النقاشات الساخنة والحيوية المهمة التي رددت أصداءها جدران قاعات فندق «حياة» في دبي، كانت الدعوة إلى وقوف القطاعين العام والخاص، على حد سواء، بجدية وشجاعة وإيجابية من التطورات التي ولدتها موجة الإعلام الاجتماعي من أجل تجاوز التحديات التي ولدتها صنعتها الاتصالات والمعلومات، وعلى وجه الخصوص في نطاقها الأكثر حيوية والذي هو الإعلام الاجتماعي.
قال الفيصل متسائلاً الحضور: كل ما على هذه الأرض يتغير.. وإلى غاية لا نعلمها مسير.. وهكذا الحكومات.. فهل تبقى الحكومات؟! أم تحكم المنظمات؟! أم تسيطر المليشيات؟! أم أنها الشركات.. فهل لديكم من إجابات؟! قراءة متأنية لما جاء في كلمة الفيصل المقتضبة تكشف أنها تصب في صلب موضوعة المؤتمر والتي هي: «المواطن والحكومات.. رؤية مستقبلية».
سبقت تلك الجلسة الافتتاحية مجموعة من ورش العمل التدريبية تناولت اثنتان منها «دور الحكومة في تفعيل الإعلام الاجتماعي». تمحورت جلسات الورشة الأولى من تلك الورشتين، والتي كان عنوانها «العمل الحكومي في عصر تقنيات التواصل الاجتماعي.. ما الذي تغيّر؟»، وقام بإدارتها الخبير الاستراتيجي في مجال الحكومة المفتوحة والإعلام الاجتماعيّ لدى دولة الإمارات العربية المتحدة إبراهيم البدوي، حول مجموعة من الأسئلة التي أثارها البدوي نفسه بشأن دور الإعلام الاجتماعي في الارتقاء بأداء المؤسسات، حكومية كانت أم تابعة للقطاع الخاص.
توزعت ردود المشاركين على مجموعة من المحاور في نطاق عنوان الورشة تحولت إلى ما يشبه الحوار المكثف حول مدى استعداد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لاستخدام شبكات الإعلام الاجتماعي، وقدرتها على تبني استراتيجية مؤسسية، تتلاءم والتطورات التي أحدثها ذلك الإعلام، ومن ثم درجة استيعابها له كي يساعدها على تحقيق أهدافها.
ونجح البدوي من خلال تفاعله مع المشاركين في الورشة أن يرسخ في أذهانهم «أنّه حري بهذه المؤسسات أن تستغلّ الفرصة، التي يوفرها هذا الإعلام، كي يصبح ارتباطها بهذه المواقع، متماشياً مع استراتيجياتها المؤسساتية». أهم ما تركزت عليه نقاشات تلك الورشة هو السبل التي تحقيق معادلة التوازن الصحيحة بين التفاعل الإيجابي مع موجة الإعلام الاجتماعي، دون الإفراط في ذلك الاستخدام أو سوء استغلاله.
من بين تساؤلات التحدي الذهني التي أثارها البدوي في تلك الورشة هو نجاح المؤسسات في الموازنة بين استهلاك موظفيها لأوقات العمل في الإبحار على مواقع التواصل الاجتماعي لتسخيرها لخدمة الأداء الوظيفي المتوقع منهم. تبادل الدكتور البدوي الآراء مع الحضور، وطلب من عدد منهم مشاركة الحاضرين بالحديث عن تجاربهم الخاصة، المرتبطة باستخدام هذه المواقع أثناء أوقات الدوام الرسمي. الملفت هنا هو انقسام المشاركين في ورشة العمل هذه بين من رأى «ضرورة حجب مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العمل»، وآخرين ممن خالفوهم الرأي بقوة مدافعين عن مواقفهم بأن «بأنّ هذه المواقع تسهم في التواصل ما بين المؤسسات وعملائها، ومن ثم فليس هناك ما يبرر حجبها، أو حظر الولج لها على الموظفين».
ورشة العمل الثانية في الموضوع ذاته أدارها مدير الحوّكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية فادي سالم، وحملت عنوان «الإعلام الاجتماعي في العالم العربي: التأثير المجتمعي والدور الحكومي». استهل فادي عرضه بمجموعة متتالية من الشرائح التي استلها من «التقرير الإعلامي الاجتماعي»، وهو تقرير سنوي تنشره كلية دبي للإدارة الحكومية، سلط من خلالها الضوء على «اتجاهات استخدام هذه المواقع في العالم العربي»، واستخلص منها بعض الاستنتاجات الغاية في الأهمية، عندما أشار، على سبيل المثال، إلى أن «النساء، الذين يمثلن حوالي 33% من مستخدمي الفيسبوك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يدلّ على التحديات التي تواجه النساء في المنطقة، علماً بأنّ هذه المواقع توفر، من جهة أخرى، فرصاً مهمة للمرأة، حتى تساهم في بناء المجتمع المدني».
وجرى خلال النقاشات المستفيضة مقارنات مهمة بين وضع اللغة العربية على مواقع الإعلام الاجتماعي، فرغم، كما جاء في إحصائيات البحوث الميدانية التي قامت بها كلية دبي للإدارة الحكومية، من كون أغلب المشتركين فيها يمتلكون حسابات باللغة الإنجليزية، إلاّ أنّ اللغة العربية هي الأسرع نمواً، ما يدلّ على أنّ شرائح مختلفة من المجتمع تستخدم هذه المواقع، وليس المتعلمين فحسب».
من الورش الفرعية انتقل المشاركون إلى الجلسة العامة الافتتاحية، قبل الاستراحة الأولى التي أعقبتها جلستان عامتان، اتسمت الأولى بالتركيز على الجوانب الاقتصادية، في علاقتها بالتغيير الذي يعم المنطقة منذ ما يزيد على العامين، في حين أنصبت مداخلات الجلسة الثانية على الجوانب الإعلامية في ضوء ثورة شبكات التواصل الاجتماعي.
في الجلسة العامة الأولى، المعنونة «التنمية ومستقبل الحكومات»، «دارت النقاشات حول «التحديات التي تواجه حكومات الدول العربية على مستوى هيكلة القطاع العام والخدمة المدنية لتحسين الكفاءة والفاعلية بغية الاستجابة لضرورات الانفتاح والمرونة، في ظل ارتفاع توقعات المواطنين ومتطلباتهم، ودور القطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنمية». وتوقف المحاضرون عند قضية العلاقة التي تحكم موظف القطاع العام بمؤسسات الدولة، ووجدوا أن «تحسين مستوى الأداء الإداري للحكومة يبدأ من الموظف الموجود لخدمة المواطن والإنتاجية على حد سواء». كما أشار المتحدثون إلى أن ضرورة تطوير النظم التعليمية العربية من أجل الانتقال بها من واقعها التلقيني الإستاتيكي، إلى ذلك الإبداعي المتطور.
أما الجلسة العامة الثانية، وكانت بعنوان «المعلومات وشفافية الحكومة»، فقد حاول المتحدثون فيها الإجابة على تساؤلات «تتعلق بتأثير الإعلام الحديث بالرأي العام العربي، ودور الرقيب على أداء القطاع العام في ظل القوانين المعمول بها حاليا في البلاد العربية». كما عالج المحاضرون «إمكانية الجمع بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة لتحسين المساءلة الحكومية والشفافية وأداء مؤسسات الدولة». وأشار المحاضرون إلى أن «ما يحدث في الفضاء الإلكتروني، إنما هو انعكاس لما يحصل في الشارع العربي». ونوه المحاضرون إلى أن «هناك حاجة عند الرأي العام إلى المعرفة، وإذا لم يؤمن الإعلام الحكومي هذه الحاجة، فمن الطبيعي أن يلجأ المستخدم إلى وسائل بديلة». وأكد المشاركون أيضاً، بأن «التعتيم لم يعد ممكنا في ظل وجود وسائل الاتصال الجديدة التي أصبحت تشارك وسائل الإعلام التقليدية بالسلطة الإعلامية».
خلاصة القاسم المشترك بين الجلستين، دون الغوص في تفاصيل النقاشات الساخنة والحيوية المهمة التي رددت أصداءها جدران قاعات فندق «حياة» في دبي، كانت الدعوة إلى وقوف القطاعين العام والخاص، على حد سواء، بجدية وشجاعة وإيجابية من التطورات التي ولدتها موجة الإعلام الاجتماعي من أجل تجاوز التحديات التي ولدتها صنعتها الاتصالات والمعلومات، وعلى وجه الخصوص في نطاقها الأكثر حيوية والذي هو الإعلام الاجتماعي.