ورد في الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله: (المواساة للمؤمنين أنواع: مواساة بالمال، ومواساة بالجاه، ومواساة بالبدن والخدمة، ومواساة بالنصيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء والاستغفار لهم، ومواساة بالتوجُّع لهم. وعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة، فكلما ضَعُفَ الإيمان ضعفت المواساة، وكلما قَوِيَ قَوِيَتْ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس مواساة لأصحابه بذلك كلَّه، فلأتباعه من المواساة بحسب اتِّباعهم له).
أراني مضطراً في كل مرة أن أُعيد على مسامعي أولاً ثم مسامع من أُحب ومسامع كل من يعشقها وتنبض عروقه بها، أُعيد تلك الألحان المتناغمة المتآلفة التي لا تخلو من عذوبة المنطق وروعته، وروعة ما يحتويه من معان جيّاشة تؤثر في النفوس وتغسلها من غبار الأيام الموجعة. إنها ألحان الإحساس النفسي بواجبات الأخوة في الله تعالى لجميع المؤمنين، مصداقاً لقوله تعالى: «إنَّما المؤمنون إخوة». أخوة نرتمي من خلالها في أحضان المحبة الدافئة المشتاقة لما أعده المولى تعالى للمتحابين فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ».
إن الإحساس بالمؤمنين كافة ومواساتهم بكافة أنواع المواساة، وبذل الجهد والوقت والإحساس المعنوي من أجلهم، تُعطي المرء أعذب المشاعر، والأحاسيس في طريق سيره نحو الآخرة، وفي طريق إقامة علامات الخير في جميع القلوب لترفرف عليها أعلام المحبة، والأخوة في الله التي تُزين لحظاتنا بكل أمل، وتدفع بأفكارنا بنجاح في كل عمل، وتدرأ الشر عن كل طريق لا يُراد به الخير لأصحابه.
فما أروع تلك النفوس الصادقة الصافية التي حملت هم الأخوة داخل شرايينها، فلا ترضى أن تصمت تارة وتعمل أخرى، أو تطرق الأبواب تارة وتسكن أخرى، أو تتشبث في أستار من تحت تارة وتغيب أخرى، إنها النفوس التي لا تقبل أن تكون متأرجحة في خط سيرها، بل وضعت أقدامها على طريق لا مجال فيه للرجوع نحو السراب الخادع، ثم جزمت وبيقين بأن تكون كمثل الجندي في أرض المعركة يلتزم بقرارات سيده، وفق خطة ميدانية مُحكمة همها الأول والأخير حصد النجاح الساحق في المعركة، نفوس -كما قال ابن القيم- تُواسي بالمال والجاه والبدن والخدمة، والنصيحة والإرشاد، وبالدعاء والاستغفار، فمن يمتلك تلك المواساة الحيَّة يمتلك بلا شك ذلك الإيمان المُتشرب في نفسه، الراسخ في قلبه الذي لا تهزه تصاريف الحياة.
فما أروعك عندما تتصدق بمالك من أجل مواساة أسرة منكوبة، أو فقير سألك حاجته، أو أخ لك قريب إلى قلبك اشتدت به الفاقة والضيق، فتكون سريعاً إلى عونه والوقوف بجانبه، أو إلى مشروع يدر الخير على أصحابه من الفقراء والمحتاجين، أو إلى عامل نظافة ينتظر مساعدتك، فتكون نبضة من ومضات الخير في حياتهم جميعاً.
وما أسعدك عندما تساعد إخوانك وتساهم في أعمال الإغاثة داخل وخارج بلادك لتفرج عنهم كربهم وتزيل العثرات عن حياتهم، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم القائل: «لأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف شهراً في مسجدي هذا، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يقضيها ثبَّت الله قدميه يوم تزول الأقدام».
وما أحلاك عندما تواسي من تحب بنصيحة وإرشاد يحتاجها في طريقه، وتساهم في تغيير مساره الخاطئ واقتلاع أشواك تعترضه على الطريق، قيم تغرسها بنفسك في وقت ما، ثم لا تلتفت إليها.. فتأتي لحظة ما في حياتك يقدم لك فيها أحلى كلمات الإطراء والتقدير لأنك ساهمت يوماً في صنع شخصية فذة متمكنة يحترمها الجميع.
وهل خطر على بالك بأنك تواسي المؤمنين بالدعاء والاستغفار؟ إنها من أجمل صور المواساة عندما ترفع يدك إلى بارئك وتدعوه بأن يغفر ويوفق الأخ «وتذكره باسمه»، والأروع أن تذكره في لحظات السجود، متذكراً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من السجود». ومستشعراً قول المولى العظيم: «والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم». وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة الأخ لأخيه في ظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل».
إنها لحظات رائعة من حياتنا جميعاً، نعيشها من أجل أن نقدم كل الخير لجميع المؤمنين، ونساهم في تغيير معاني المواساة التي غفل عنها أغلب الناس، وبخاصة من جمعتهم صفات الأخوة في الله تعالى، وظلوا يسيرون في الطريق بدون أن يفهموا كيف يقدمون الخير ويواسون الناس، نحتاج أن نكرر هذه المفاهيم ونبسط آثارها في جميع الميادين.
أراني مضطراً في كل مرة أن أُعيد على مسامعي أولاً ثم مسامع من أُحب ومسامع كل من يعشقها وتنبض عروقه بها، أُعيد تلك الألحان المتناغمة المتآلفة التي لا تخلو من عذوبة المنطق وروعته، وروعة ما يحتويه من معان جيّاشة تؤثر في النفوس وتغسلها من غبار الأيام الموجعة. إنها ألحان الإحساس النفسي بواجبات الأخوة في الله تعالى لجميع المؤمنين، مصداقاً لقوله تعالى: «إنَّما المؤمنون إخوة». أخوة نرتمي من خلالها في أحضان المحبة الدافئة المشتاقة لما أعده المولى تعالى للمتحابين فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ».
إن الإحساس بالمؤمنين كافة ومواساتهم بكافة أنواع المواساة، وبذل الجهد والوقت والإحساس المعنوي من أجلهم، تُعطي المرء أعذب المشاعر، والأحاسيس في طريق سيره نحو الآخرة، وفي طريق إقامة علامات الخير في جميع القلوب لترفرف عليها أعلام المحبة، والأخوة في الله التي تُزين لحظاتنا بكل أمل، وتدفع بأفكارنا بنجاح في كل عمل، وتدرأ الشر عن كل طريق لا يُراد به الخير لأصحابه.
فما أروع تلك النفوس الصادقة الصافية التي حملت هم الأخوة داخل شرايينها، فلا ترضى أن تصمت تارة وتعمل أخرى، أو تطرق الأبواب تارة وتسكن أخرى، أو تتشبث في أستار من تحت تارة وتغيب أخرى، إنها النفوس التي لا تقبل أن تكون متأرجحة في خط سيرها، بل وضعت أقدامها على طريق لا مجال فيه للرجوع نحو السراب الخادع، ثم جزمت وبيقين بأن تكون كمثل الجندي في أرض المعركة يلتزم بقرارات سيده، وفق خطة ميدانية مُحكمة همها الأول والأخير حصد النجاح الساحق في المعركة، نفوس -كما قال ابن القيم- تُواسي بالمال والجاه والبدن والخدمة، والنصيحة والإرشاد، وبالدعاء والاستغفار، فمن يمتلك تلك المواساة الحيَّة يمتلك بلا شك ذلك الإيمان المُتشرب في نفسه، الراسخ في قلبه الذي لا تهزه تصاريف الحياة.
فما أروعك عندما تتصدق بمالك من أجل مواساة أسرة منكوبة، أو فقير سألك حاجته، أو أخ لك قريب إلى قلبك اشتدت به الفاقة والضيق، فتكون سريعاً إلى عونه والوقوف بجانبه، أو إلى مشروع يدر الخير على أصحابه من الفقراء والمحتاجين، أو إلى عامل نظافة ينتظر مساعدتك، فتكون نبضة من ومضات الخير في حياتهم جميعاً.
وما أسعدك عندما تساعد إخوانك وتساهم في أعمال الإغاثة داخل وخارج بلادك لتفرج عنهم كربهم وتزيل العثرات عن حياتهم، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم القائل: «لأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف شهراً في مسجدي هذا، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يقضيها ثبَّت الله قدميه يوم تزول الأقدام».
وما أحلاك عندما تواسي من تحب بنصيحة وإرشاد يحتاجها في طريقه، وتساهم في تغيير مساره الخاطئ واقتلاع أشواك تعترضه على الطريق، قيم تغرسها بنفسك في وقت ما، ثم لا تلتفت إليها.. فتأتي لحظة ما في حياتك يقدم لك فيها أحلى كلمات الإطراء والتقدير لأنك ساهمت يوماً في صنع شخصية فذة متمكنة يحترمها الجميع.
وهل خطر على بالك بأنك تواسي المؤمنين بالدعاء والاستغفار؟ إنها من أجمل صور المواساة عندما ترفع يدك إلى بارئك وتدعوه بأن يغفر ويوفق الأخ «وتذكره باسمه»، والأروع أن تذكره في لحظات السجود، متذكراً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من السجود». ومستشعراً قول المولى العظيم: «والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم». وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوة الأخ لأخيه في ظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل».
إنها لحظات رائعة من حياتنا جميعاً، نعيشها من أجل أن نقدم كل الخير لجميع المؤمنين، ونساهم في تغيير معاني المواساة التي غفل عنها أغلب الناس، وبخاصة من جمعتهم صفات الأخوة في الله تعالى، وظلوا يسيرون في الطريق بدون أن يفهموا كيف يقدمون الخير ويواسون الناس، نحتاج أن نكرر هذه المفاهيم ونبسط آثارها في جميع الميادين.