أيام عيد الفطر المبارك عرض نادي مدينة عيسى مسرحية الأطفال “الراعي والخروف” من إخراج الفنان أحمد الصايغ وتأليفي، حضر عروضها الخمسة جمهور كبير من الأطفال وذويهم ملأ الصالة. كنت مع آخرين نتفرس في وجوه الأطفال وهم خارجون من الصالة بغية قياس مدى تمكننا من رسم الفرحة في قلوبهم، حيث كان الهدف الأساس من ذلك العمل، الذي وفر له النادي كل إمكاناته، هو توفير شيء من الفرح نعوض به الأطفال بعد فترة من الامتناع عنه بسبب ما حل على بلادنا من أحداث جعلت الآباء والأمهات يخشون على أطفالهم من الخروج من البيت، الأمر الذي أدخلهم في وضع ما كان يجب أن يصيروا فيه.
عندما قام أعضاء اللجنة الثقافية بنادي مدينة عيسى بزيارة محافظ الوسطى مبارك الفاضل في مكتبه لتقديم الشكر له على رعايته وحضوره الافتتاح شخصياً وتحمله للأطفال الذين كانت الصالة تضج بأصواتهم وهم يتفاعلون مع الممثلين وأحداث المسرحية، فوجئت به يركز في حديثه على مسألة الفرح المفقود، حيث اهتم بالقول إن ما لفت انتباهه هو جو الفرح الذي تمكن العرض المسرحي من جعل الأطفال يعيشونه، وأكد أهمية حاجة الطفل إلى الفرح وأهمية عدم حرمانه منه أياً كانت الأسباب.
هو الفرح الذي حاول البعض اغتياله استجابة لأجندات لم تعد خفية، فأخرجت الجميع، صغاراً وكباراً، من حالة الفرح التي ظلت البحرين متميزة بها إلى حالة لا تسر حتى العدو، فحرموا الجميع منه وحلت الكآبة محله حتى صارت وكأنها الأصل وليس الاستثناء.
أما الحزن فلا ينتج عنه إلا الكآبة، وأما ما يحدث اليوم في الساحة المحلية من أمور غريبة علينا فلا ينتج عنه إلا الحقد والتفرق، وإذا كان بإمكان الكبار تجاوز ما يحدث بعد فترة وجيزة من التوصل إلى تفاهم وحلول مرضية للأطراف كافة؛ فإن هذا لن يحدث للأطفال الذين سيحملون كل ما رأوه وعاشوه إلى مستقبل وزمان ليس بزماننا، وقد يكون أساساً لعلاقة كسيحة فيما بينهم.
هذه واحدة من المخاطر التي أبصم بالعشرة أنها لم تخطر على بال أولئك الذين اختاروا هذا الطريق للتعبير عن مطالبهم وأحلامهم، فالأطفال هم الضحية رقم واحد في ما قاموا به من أعمال وما مارسوه من سلوكيات غريبة على مجتمع البحرين المسالم المتحاب فيما بينه.
للأسف ليس هذا فقط هو ما آل إليه حال أطفال البحرين؛ فهناك أمر أكثر خطورة هو استغلال ذلك البعض للأطفال استغلالاً بشعاً بتحريضهم على قطع الشوارع وحرق إطارات السيارات وإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة وغيرها من أدوات، ربما لم يكونوا على علم بها أو حتى بأسمائها. هذا الاستغلال للأطفال جريمة ينبغي محاسبة من تورط في اقترافها، فإن تتدخل في برمجة عقل طفل مكانه حضن والديه ومدرسته وتدفع به إلى الشارع ليواجه رجال الأمن وليملأ نفسه حقداً على الآخرين ممن يشاركونه المكان والمستقبل فهذه جريمة ينبغي عدم غض الطرف عنها، فليس مقبولاً أبداً دفع الطفل إلى أتون معركة لا يعرف شيئاً عنها ولا تتناسب معه وتفقده الفرح الذي ينبغي أن يعيشه.
هذه رسالة إلى السياسيين لعدم اعتبار الأطفال بيادق يحركونهم في رقعة غريبة عنهم، ورسالة إلى كل من يستطيع أن يبث الفرحة في نفوس الأطفال أن يفعل ذلك. إن إخراج الصغار والكبار من حالة الغم التي صاروا فيها هي اليوم مهمة كل من هو قادر على فعل ذلك وخصوصاً الفنانين الذين ينبغي أن يتغلبوا على واقعهم فيعملوا على مساعدة الناس على الخروج من هذه الحال عبر تقديم الأعمال الفنية المناسبة والتي يمكن من خلالها نثر شيء من الفرح.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}