حينما صوت البحرينيون دعما للمشروع الإصلاحي؛ كان أكثر ما تفاخرنا به هو أن الإصلاحات السياسية التي حملتها رؤية جلالة الملك رفعت عاليا قيمة المواطن وأعطته من الحقوق والحريات ما لم يكن موجودا قبل ذلك، فصار له صوت ينتخب به من يريد وحق في التعبير عن رأيه من خلال الوسائل السلمية من مسيرات وتظاهرات، بات يملك صحافة تعبر عن ألوان الطيف البحريني، دخلت المعارضة جزءًا من العملية السياسية وأصبح لها جمعياتها وصحافتها وممثلوها في البرلمان، والذين ترأسوا لجاناً، ووصلوا إلى منصب نائب أول لرئيس مجلس النواب.
كل تلك إصلاحات أكيدة؛ لكنها لم تصل لغاية ومنتهى طريق العمل السياسي ومتطلبات الدولة المدنية الحديثة بشكلها المنشود، كما يحاول البعض أن يصور ويصف البحرين بواحة الديمقراطية المثالية في المنطقة، غير أنها أيضاً لم تكن شكلية أو هامشية كما يزعم الفريق الآخر، ومن له أجندات والمؤزمون، إذ يصفون كل ما قامت وتقوم به الدولة بأنه من باب الدعاية الإعلامية وإسكات الناس والالتفاف على المطالب وعدم الجدية في الإصلاح وما الى ذلك، لا هذا مصيب ولا ذاك، فلا هذا يخدم الوطن ولا ذاك!!
البحرين تسعى لتأسيس تجربة ديمقراطية حديثة اختارتها طواعية، وما زالت تتلمس خصوصيتها دون أن تحرق المراحل، لكنها لم تتراجع عن نهجها الذي توافقت عليه، وهي كدولة ذات سيادة وشرعية من حقها أن تحافظ على مصالحها السيادية وعلى أمنها وأمن مواطنيها وعلى السلم الأهلي الذي عصف به كثير، وبات الاضطراب السمة العامة للمشهد البحريني، نعم لم تحدث مصادمات أهلية واسعة الى الآن، والحمد لله، ولم تحدث مواجهات كبيرة على أسس طائفية، لكن لا أحد يستطيع الجزم أن حال اللاصدام واللااستقرار قد تستمر إلى ما لا نهاية، لا أحد يضمن أن لا يحدث ذلك فيدخل الوطن برمته مرحلة جديدة غاية في الخطورة، خصوصاً أن مثل هذه المصادمات حدثت منذ بداية الأزمة في مدينة حمد والبسيتين وشارع البديع وجامعة البحرين، ولا يضمن أحد أن لا تتحول إلى مواجهات واسعة توصل البلاد إلى وضع كارثي!!
لا أحاول هنا أن أجعل الصورة سوداوية، لكنني أخاطب العقول وأسألها بوضوح؛ ما هي ضمانات عدم حدوث ذلك؟ مع تكرار المصادمات الصغيرة هنا وهناك، ومع استمرار عمليات التخريب في الشوارع وبشكل يومي وصل معه صبر الناس لمنتهاه، مع وجود تصعيد خطير كزرع القنابل في أماكن عامة ووقوع ضحايا وتفاقم حالة الانفلات الطائفي في قنوات التواصل الاجتماعي التي تصل إلى تبادل السباب والتهديدات والاتهامات، وحالة التوتر في أماكن العمل وما إلى ذلك؟ أتحدى، ولم أستخدم هذه الكلمة في أي مقال سابق، أن يضمن أحد عدم وصول البحرين لهذه النقطة؛ نقطة المواجهات الأهلية الصريحة والواسعة على أساس طائفي.
إن السلم الأهلي الدائم يعني رفض كل إشكال التقاتل أو مجرد الدعوة أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر ثقافة تعتبر التصادم حتميا بسبب جذورية التباين، وتحويل مفهوم الحق بالاختلاف إلى إيديولوجية الاختلاف والتنظير لها ونشرها، سؤال بديهي آخر؛ ألا يحدث ذلك في البحرين؟ ألا يوجد دعوات كراهية وتحريض للعنف أو تبريره؟ ألا يوجد من ينشر ثقافة التصادم؟ ألا يوجد تطاول متبادل وسباب ورفض للآخر؟ ألا يعتبر كل ذلك خطرا على السلم الأهلي؟!
لذلك أقول، رغم أننا نؤكد تمسكنا بمكتسبات الديمقراطية والحريات العامة وكوننا صحافيين نتوق لمزيد من الحريات، لكن قرار منع المسيرات إلى أن يستقر الوضع الأمني قرار صائب وليس بدعة بحرينية كما يصفون. فهذه بريطانيا قبل شهر قد حظرت ولمدة 30 يوماً مبدئياً سلسة من المسيرات كانت ستنظمها رابطة الدفاع الانجليزية اليمينية المتطرفة في شرق لندن بسبب مخاوف من وقوع فوضى، وحينها قال مساعد قائد شرطة حي المال في لندن فرانك آرمسترونغ “هذا ليس قراراً نتخذه باستخفاف، لكنه في اعتقادنا يمثل استجابة مناسبة لمنع مسيرة أو تظاهرة قد تقود إلى إيقاع فوضى خطيرة داخل حي المال في لندن”.
هم أخذوا القرار خوفاً من فوضى تقع في حي، ونحن رحبنا بالقرار خوفا على وطن وعلى السلم الأهلي وبعدما وصل التشنج العام والاحتقان أعلى مراحله، وشهدت البلاد خسائر اقتصادية بلغت ملياري دولار، وتحتاج عملية إعادة إنعاش الاقتصاد إلى 5 مليارات دولار حسب اقتصاديين.
نقف مع كل ما من شأنه تهدئة الأوضاع والتقليل من الاحتقان في نفوس الناس، الذين أيد غالبيتهم القرار بعيداً عن موضوع الحريات والحقوق وما إلى ذلك، فالناس أصبح همهم الأول هو استتباب الأمن وعودة الحياة العامة والسلم والأوضاع إلى ما كانت علية، خصوصا وشهر محرم قد أقبل وقد يقود التشنج لو استمر إلى مالا يحمد عقباه.
كل تلك إصلاحات أكيدة؛ لكنها لم تصل لغاية ومنتهى طريق العمل السياسي ومتطلبات الدولة المدنية الحديثة بشكلها المنشود، كما يحاول البعض أن يصور ويصف البحرين بواحة الديمقراطية المثالية في المنطقة، غير أنها أيضاً لم تكن شكلية أو هامشية كما يزعم الفريق الآخر، ومن له أجندات والمؤزمون، إذ يصفون كل ما قامت وتقوم به الدولة بأنه من باب الدعاية الإعلامية وإسكات الناس والالتفاف على المطالب وعدم الجدية في الإصلاح وما الى ذلك، لا هذا مصيب ولا ذاك، فلا هذا يخدم الوطن ولا ذاك!!
البحرين تسعى لتأسيس تجربة ديمقراطية حديثة اختارتها طواعية، وما زالت تتلمس خصوصيتها دون أن تحرق المراحل، لكنها لم تتراجع عن نهجها الذي توافقت عليه، وهي كدولة ذات سيادة وشرعية من حقها أن تحافظ على مصالحها السيادية وعلى أمنها وأمن مواطنيها وعلى السلم الأهلي الذي عصف به كثير، وبات الاضطراب السمة العامة للمشهد البحريني، نعم لم تحدث مصادمات أهلية واسعة الى الآن، والحمد لله، ولم تحدث مواجهات كبيرة على أسس طائفية، لكن لا أحد يستطيع الجزم أن حال اللاصدام واللااستقرار قد تستمر إلى ما لا نهاية، لا أحد يضمن أن لا يحدث ذلك فيدخل الوطن برمته مرحلة جديدة غاية في الخطورة، خصوصاً أن مثل هذه المصادمات حدثت منذ بداية الأزمة في مدينة حمد والبسيتين وشارع البديع وجامعة البحرين، ولا يضمن أحد أن لا تتحول إلى مواجهات واسعة توصل البلاد إلى وضع كارثي!!
لا أحاول هنا أن أجعل الصورة سوداوية، لكنني أخاطب العقول وأسألها بوضوح؛ ما هي ضمانات عدم حدوث ذلك؟ مع تكرار المصادمات الصغيرة هنا وهناك، ومع استمرار عمليات التخريب في الشوارع وبشكل يومي وصل معه صبر الناس لمنتهاه، مع وجود تصعيد خطير كزرع القنابل في أماكن عامة ووقوع ضحايا وتفاقم حالة الانفلات الطائفي في قنوات التواصل الاجتماعي التي تصل إلى تبادل السباب والتهديدات والاتهامات، وحالة التوتر في أماكن العمل وما إلى ذلك؟ أتحدى، ولم أستخدم هذه الكلمة في أي مقال سابق، أن يضمن أحد عدم وصول البحرين لهذه النقطة؛ نقطة المواجهات الأهلية الصريحة والواسعة على أساس طائفي.
إن السلم الأهلي الدائم يعني رفض كل إشكال التقاتل أو مجرد الدعوة أو التحريض عليه أو تبريره أو نشر ثقافة تعتبر التصادم حتميا بسبب جذورية التباين، وتحويل مفهوم الحق بالاختلاف إلى إيديولوجية الاختلاف والتنظير لها ونشرها، سؤال بديهي آخر؛ ألا يحدث ذلك في البحرين؟ ألا يوجد دعوات كراهية وتحريض للعنف أو تبريره؟ ألا يوجد من ينشر ثقافة التصادم؟ ألا يوجد تطاول متبادل وسباب ورفض للآخر؟ ألا يعتبر كل ذلك خطرا على السلم الأهلي؟!
لذلك أقول، رغم أننا نؤكد تمسكنا بمكتسبات الديمقراطية والحريات العامة وكوننا صحافيين نتوق لمزيد من الحريات، لكن قرار منع المسيرات إلى أن يستقر الوضع الأمني قرار صائب وليس بدعة بحرينية كما يصفون. فهذه بريطانيا قبل شهر قد حظرت ولمدة 30 يوماً مبدئياً سلسة من المسيرات كانت ستنظمها رابطة الدفاع الانجليزية اليمينية المتطرفة في شرق لندن بسبب مخاوف من وقوع فوضى، وحينها قال مساعد قائد شرطة حي المال في لندن فرانك آرمسترونغ “هذا ليس قراراً نتخذه باستخفاف، لكنه في اعتقادنا يمثل استجابة مناسبة لمنع مسيرة أو تظاهرة قد تقود إلى إيقاع فوضى خطيرة داخل حي المال في لندن”.
هم أخذوا القرار خوفاً من فوضى تقع في حي، ونحن رحبنا بالقرار خوفا على وطن وعلى السلم الأهلي وبعدما وصل التشنج العام والاحتقان أعلى مراحله، وشهدت البلاد خسائر اقتصادية بلغت ملياري دولار، وتحتاج عملية إعادة إنعاش الاقتصاد إلى 5 مليارات دولار حسب اقتصاديين.
نقف مع كل ما من شأنه تهدئة الأوضاع والتقليل من الاحتقان في نفوس الناس، الذين أيد غالبيتهم القرار بعيداً عن موضوع الحريات والحقوق وما إلى ذلك، فالناس أصبح همهم الأول هو استتباب الأمن وعودة الحياة العامة والسلم والأوضاع إلى ما كانت علية، خصوصا وشهر محرم قد أقبل وقد يقود التشنج لو استمر إلى مالا يحمد عقباه.