أتذكرون السطر اليتيم الذي تضمن بيان الوفاق المقتضب جداً جداً بعيد الإعلان عن استشهاد أحد رجال الأمن في العكر إثر تفجير قنبلة إرهابية وضعت بهدف «القتل» لا لشيء آخر؟!
أدانوا مقتل الشرطي الشهيد بكلمات معدودة، وبلغة توحي بأنها مفروضة عليهم وأن الكلام غير خارج عن قناعة، في حين وضعوا مقابل السطر اليتيم سطوراً عديدة تتهم النظام بحصار المنطقة وإغلاقها والتضييق على أهلها، وحاولوا تبرير عملية قتل الشرطي بطريقة غير مباشرة.
اليوم الوفاق تؤكد بأن سطر الإدانة «المغموس» بـ»التقية السياسية» ليس إلا كذباً ولا يعبر عن صدق ما في قلبها، والكيفية التي تنظر بها لبقية مكونات المجتمع البحريني بالأخص من يخالفونها الرأي والتوجه.
الوفاق تستصرخ العالم اليوم وتقول بأن «العكر تستغيث» وإن القرية «محاصرة»، وإنها تناشد الجميع بإمدادها بالإمدادات الغذائية وغيرها. تحاول أن تبين للعالم خارج البحرين بأن هناك بلدة سوف تباد، فقط لأن أفرادها تحركوا بـ»سلمية» ونظموا مسيرات واحتجاجات «بريئة»، وأنهم يعاقبون اليوم على حرية التعبير. محاولة «تضييع» أهم عامل في الموضوع وهي حقيقة أن شرطي تم قتله في المنطقة.
كل هذه الفوضى والضوضاء التي تفتعلها الوفاق هدفها أمر واحد لا غير، هدفها تضييع دم الشرطي الشهيد هدراً، والعمل على تعطيل عملية القبض على من قاموا بارتكاب جريمة قتله.
الداخلية وأجهزة الأمن حينما فرضت إجراءات أمنية حول القرية كان بهدف القبض على الجناة وعلى من يشتبه بهم في الضلوع بالعملية التي أسفرت عن قتل الشرطي، وطبعاً هذا الإجراء يضايق الوفاق. هذه الجمعية المؤتمرة بأمر مرشد الولي الفقيه، إذ في الوقت الذي تطالب فيه بتطبيق القانون على من يتجاوز بحق جماهيرها، تحرص أشد الحرص على وضع العراقيل أمام الدولة لتطبيق القانون في الاتجاه الآخر.
ما نفهمه من نداءات الوفاق وبياناتها وتصويرها العكر على أنها «غزة المحاصرة» بأنها لا تريد للدولة أن تقبض على من قتل الشرطي، وأنها لا تريد للدولة أن تقوم بإجراءات تفضي لتطبيق العدالة.
إن كان ما نقوله خطأ، وأن الوفاق بالفعل تنشد العدالة، وأنها جمعية منصفة تتعامل بإنسانية، وأنها ترفع شعاراً صادقاً هو «إخوان سنة وشيعة»، أليس من الأولى أن تكون الوفاق من أوائل الداعين إلى التعاون مع الدولة للوصول إلى قتلة الشرطي؟! أليس حرياً بها أن تصدر بياناً تطالب فيه من قاموا بهذا العمل الإجرامي بتسليم أنفسهم، باعتبار أن الوفاق لا تؤمن بالعنف؟!
أين صوت الأمين العام للوفاق، أليس هو من يدعي ويقول إن الحراك «سلمي»؟! بالتالي إن تحول إلى حراك عنف وإرهاب وقتل، ألا يفترض بأن يكون في صف العدالة والقانون؟!
والله حينما يأتي القانون في صفكم تصفقون وتهتفون وتتشدقون به مثلما فعلتم بأجزاء من تقرير بسيوني، لكنه حينما يكون في مقابلكم تدوسونه ولا تعترفون به وتهيجون إن تم تطبيقه.
أرواح البشر رخيصة جداً لدى الوفاق، دم مريديهم غالٍ ومحرم رغم أنهم هم من يدفعونهم للموت ويلبسونهم الأكفان ويلهمونهم بشعارات «الشهادة»، بينما دماء الآخرين من مخالفيهم محللة، سواء أفضى إهدارها لإصابات جسيمة أو إزهاق للأرواح. هذا بالنسبة للبحرينيين «الآخرين» بحسب مفهوم الوفاق، أما إن كان المصاب أو القتيل من أصول غير بحرينية فالوفاق تنظر لهم كأناس لا يستحقون وصف البشر، وأن موتهم مسألة عادية لا يجب التوقف عندها ويجب التجاوز عن مرتكبي الجريمة.
قدمتم لنا مثالاً واضحاً وصريحاً في حادثة مقتل الشرطي الشهيد دهساً بالسيارات، خرست ألسنتكم ووصلتم لدرجة منحطة متجردة من الإنسانية حينما ووصفتم شهيد الواجب بالدمية، وشككتم في مقتله، وطالبتم بالإفراج الفوري وغير المشروط عن مرتكبي الجريمة.
هذا هو مكيال الوفاق المعوج، هذه هي حقيقتهم العنصرية الطائفية المذهبية.
«العكر» تحت الحصار! هذا هو الشعار. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تضمن بها الوفاق ألا يهيج عليها أهالي العكر باعتبار أنها السبب في إقلاق حياتهم، وأن شعاراتها السبب في تحويل أبنائهم وشبابهم لإرهابيين ومخربين.
الوفاق هي سبب ما حصل، هي التي تتحمل وزر قتلة الشرطي، بالتالي هي تحاول اليوم أن تشوه الحقيقة، وتسعى إلى إفشال مساعي أجهزة الأمن للتوصل إلى قتلة الشرطي الشهيد.
أمينكم العام استنشق مسيل الدموع فأقام القيامة واتهم الدولة بمحاولة اغتياله، بينما هو وجمعيته اليوم يرون أن شرطياً قتل بسبب هذا الإرهاب والانفلات الأمني، فخرست ألسنتهم عن ذلك، لكنها خرجت بسرعة البرق بعدها لتنطق حماية للقاتل على حساب المقتول.