ليس هنالك جو أفضل من هذا الجو المتعفن والمشوش في واقعنا العربي والإسلامي لمن يريد العبث بوعي الناس ومصائرهم ومقدرات بلدانهم، فهذا الجو المتكهرب على الصعيد العام فرصة لمن يملك بضاعة فاسدة، يريد أن يروج لها في أجواء الاحتقانات السياسية في هذا العالم المشحون بالثورات والمتغيرات.لا يملك دعاة الكراهية في المناخات الهادئة والطبيعية أي رصيد مجتمعي في أن يدعوا الناس للتباغض والتناحر والتطرف الديني، لأن أجواء الانفتاح بين المسلمين تعطل كل فرص الشحن السلبي للنفوس، ويفوِّت هذا الجو النقي كل المحاولات البائسة التي يدعو إليها دعاة الفتنة والشر، لهذا فإنهم يغتنمون أجواء القلق والارتباك التي تعيشها مجتمعاتنا العربية في ظل تقلبات الربيع العربي ليقوموا وقبل أن تعود الأجواء إلى طبيعتها، في تمزيق أكبر قدر ممكن من تلاحم المجتمعات العربية والإسلامية، والعبث بوعي الناس، واجترار التاريخ بكل تفاصيله من أجل تكسير تلاحم وتراص صفوف هذه المجتمعات المتماسكة بعد عقود من التشرذم والضياع.في ظل هذه الأجواء العربية المكهربة والمشحونة بلظى السياسة القذرة يخرج من تحت الرمال ومن داخل الكهوف ومن الصفوف الخلفية والمتخلفة للمجتمع، كل أنواع النكرات من الساقطين والمغيبين والهوامش ومن الفاشلين من أجل أن يروجوا لبضاعة مُزْجَاةٍ، وأن يدعوا لأفكار شرسة ومتطرفة بعيدة كل البعد عن وعي الأمة وتسامح قيمها، كما إنها في الغالب ما تكون خارج إطار الحاضر المنفتح على الآخر بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، كل ذلك وأكثر في سبيل الدعوة للتناحر واللجوء إلى مراحل عصر الانحطاط والتخلف العربي.هناك أسماء لشخوص نسمع بها الآن، لم نكن نعرفها من قبل، وسياسيون وعلماء دين وكثير من المثقفين، لا نعرف أسماءهم أيضاً ، ناهيك عن عطاءاتهم، إلا في هذه المرحلة القلقة من تاريخنا المعاصر، فيثبتون التهمة على أنفسهم أنهم من أولئك الذين يخرجون وقت الأزمات والكوارث، كما تخرج وتستقوي كل الميكروبات داخل جسم الإنسان حين يضعف وقت المرض، وهم كذلك يفعلون. نحن كمجتمع، في الوقت الذي نحذر فيه كل الطفيليين من العبث بواقع المجتمع، وتمزيق كل جميل فيه، نحذر الناس كذلك، من الانسياق الرخيص والسهل خلف دعاة الفتنة والشر، حتى ولو كانت حيلهم الشيطانية تزينها كل أشكال الكلام الجميل، والفتاوى الدينية والجهادية ضد بعضنا البعض، سواء صدرت من هذا الطرف أو ذاك، فواقعنا الراهن لا يحتمل أعباء إضافية من الضغط باتجاه تشتيت وعينا ومقدراتنا هنا وهناك.ربما نفهم لماذا يقوم دعاة الشر في عالمنا العربي والإسلامي، بكل عمل يندرج تحت عنوان التطرف الأعمى والأهوج، لكن ما هو ليس مفهوم أو مقبول، أن تنساق خلف رايات وبيارق أولئك المجانين، مجموعة لا بأس بها من شبابنا الجامعي والمتعلم، حتى دون إمعان نظر، فهل نحن في زمن غياب الوعي؟ أم أننا مجموعة من البشر يَحُنُون إلى تاريخ عصور انحطاطهم؟ هذا ما نحتاج الإجابة عليه، حتى نستطيع الإجابة على السؤال الأهم، وهو كيف نتخلص من الزوائد الطفيلية من مجتمعنا، من أجل أن ننهض كما تنهض سائر الأمم؟!!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90