وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني من المحرق، ومن أحد أبنائها الكبار. رجل متقاعد لديه أولاد لا يعملون. كتب رسالته التي تحتوي على موضوعين اثنين بطريقة عفوية دون مقدمات أو بهرجات.
في هذا المقال سأطرح أحد الموضوعين، ومن ثم نناقشه مناقشة موضوعية ونترك الموضوع الآخر لمقام آخر.
يقول ابن المحرق في رسالته البسيطة التي خرجت من القلب وبالحرف الواحد (.. هناك من المتقاعدين الذين يتقاضون رواتب شبه عالية وهم من شريحة كبار السن، فيخرجون للتقاعد، ومن ثم يتم توظيفهم من جديد، ليس في الشركات الخاصة بل في بعض الوزارات الحكومية، وأنا أرى أن الأهم أولى من المهم. في الجهة الأخرى يوجد في الوطن شباب يافع ينظر إلى المستقبل من خلال حلم الحصول على وظيفة، بينما هو قابع في المنزل، عالة على والديه الفقيرين، أو يعيش على نفقة المجتمع. لدي اليوم اثنان من الأبناء، وصل أحدهم إلى سن الثلاثين عاماً تقريباً، وهو من دون وظيفة، أما شقيقه الآخر فهو يصغره ولا يعمل كذلك، بينما أنا متقاعد براتب 220 ديناراً، فهل لكم أن تتصورا كيف تكون الرفاهية والعيش الكريم؟).
هناك الكثير من الجوانب والنقاط التي يمكن لنا مناقشتها في هذه الرسالة التي بعثها والدنا ابن المحرق.
أولا؛ يعطينا وضع هذا الرجل الكبير والمتقاعد، صورة حقيقية لأوضاع المتقاعدين، فهم ومع تقادم العمر، وفي ظل راتب هزيل وغير متحرك، لا يمكن لنا أن نتصور كيف تعيش هذه الفئة من المجتمع، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار الرهيبة، مما يدفعنا للحديث للمرة المليون عن تحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية.
الأمر الآخر هو أهمية معالجة ملف الباحثين عن العمل في البحرين بصورة عاجلة وطارئة، حتى لا يتحول هذا الملف إلى أزمة، كما هو حال ملف الإسكان العظيم، حيث تفاقمت أعداد الطلبات الإسكانية، فتحوَّلت من أرقام عادية إلى أرقام مخيفة، فصرنا اليوم نتحدث عن أزمة وليس عن مشكلة.
الأمر الأخير وهو الأهم، لماذا تستدعي بعض مؤسسات الدولة متقاعديها المديرين من أصحاب الرواتب الكبيرة فتعيدهم من جديد إلى مكاتبهم، كخبراء ومستشارين، وبرواتب مضاعفة، وبهذا يحصل هؤلاء المدللون من المتقاعدين على أروع الامتيازات، فهم يحصلون إضافة إلى راتبهم التقاعدي راتباً آخر يكون أكبر بكثير حتى من راتبهم قبل التقاعد، وبهذا التحايل على القانون، فهم وبطريقة غير مباشرة يمنعون أو يعرقلون توظيف العاطلين عن العمل بطريقة سلسة، إضافة إلى أنهم يستنزفون خزائن الدولة على (ولا شي إلا من رحمه ربي)!!.
هذه الأمور الثلاثة، كلها مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن تفكيكها أبداً، فابن المحرق ضرب على الوتر الحساس، فوضع نفسه كنموذج للمتقاعد (المنتهي)، أما أبناؤه فهم نماذج للشباب الذين يفتشون في كل زاوية عن عمل شريف.
لدينا اليوم نموذجان من المتقاعدين، نموذج يبحث عن تحسين وضعه المعيشي ولو تطلب منه الأمر أن يقوم بالحفر في الصخر، وهنالك نموذج من المتقاعدين المدللين من الطبقة المخملية، الذين ربما لم يكملوا الثانوية العامة، لكنهم أُرجعوا لوزارات الدولة من جديد بعد أن انتهت مددهم الافتراضية والعمرية، فيعودون كخبراء ومستشارين، وربما هذه هي الحيلة الشرعية والقانونية الوحيدة التي تتذرع بها بعض مؤسسات الدولة لعمل غير أخلاقي.
للرسالة بقية وللحديث بقية وللشجون بقية أيضاً، والله يعين المتقاعدين الذين يجلسون وقت المغرب كما لمحتهم أكثر من مرة على أبواب منازلهم في الرفاع والمحرق والبديع والمنامة، يحسبون همومهم وهموم عيالهم.
.. وللحديث صلة
في هذا المقال سأطرح أحد الموضوعين، ومن ثم نناقشه مناقشة موضوعية ونترك الموضوع الآخر لمقام آخر.
يقول ابن المحرق في رسالته البسيطة التي خرجت من القلب وبالحرف الواحد (.. هناك من المتقاعدين الذين يتقاضون رواتب شبه عالية وهم من شريحة كبار السن، فيخرجون للتقاعد، ومن ثم يتم توظيفهم من جديد، ليس في الشركات الخاصة بل في بعض الوزارات الحكومية، وأنا أرى أن الأهم أولى من المهم. في الجهة الأخرى يوجد في الوطن شباب يافع ينظر إلى المستقبل من خلال حلم الحصول على وظيفة، بينما هو قابع في المنزل، عالة على والديه الفقيرين، أو يعيش على نفقة المجتمع. لدي اليوم اثنان من الأبناء، وصل أحدهم إلى سن الثلاثين عاماً تقريباً، وهو من دون وظيفة، أما شقيقه الآخر فهو يصغره ولا يعمل كذلك، بينما أنا متقاعد براتب 220 ديناراً، فهل لكم أن تتصورا كيف تكون الرفاهية والعيش الكريم؟).
هناك الكثير من الجوانب والنقاط التي يمكن لنا مناقشتها في هذه الرسالة التي بعثها والدنا ابن المحرق.
أولا؛ يعطينا وضع هذا الرجل الكبير والمتقاعد، صورة حقيقية لأوضاع المتقاعدين، فهم ومع تقادم العمر، وفي ظل راتب هزيل وغير متحرك، لا يمكن لنا أن نتصور كيف تعيش هذه الفئة من المجتمع، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار الرهيبة، مما يدفعنا للحديث للمرة المليون عن تحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية.
الأمر الآخر هو أهمية معالجة ملف الباحثين عن العمل في البحرين بصورة عاجلة وطارئة، حتى لا يتحول هذا الملف إلى أزمة، كما هو حال ملف الإسكان العظيم، حيث تفاقمت أعداد الطلبات الإسكانية، فتحوَّلت من أرقام عادية إلى أرقام مخيفة، فصرنا اليوم نتحدث عن أزمة وليس عن مشكلة.
الأمر الأخير وهو الأهم، لماذا تستدعي بعض مؤسسات الدولة متقاعديها المديرين من أصحاب الرواتب الكبيرة فتعيدهم من جديد إلى مكاتبهم، كخبراء ومستشارين، وبرواتب مضاعفة، وبهذا يحصل هؤلاء المدللون من المتقاعدين على أروع الامتيازات، فهم يحصلون إضافة إلى راتبهم التقاعدي راتباً آخر يكون أكبر بكثير حتى من راتبهم قبل التقاعد، وبهذا التحايل على القانون، فهم وبطريقة غير مباشرة يمنعون أو يعرقلون توظيف العاطلين عن العمل بطريقة سلسة، إضافة إلى أنهم يستنزفون خزائن الدولة على (ولا شي إلا من رحمه ربي)!!.
هذه الأمور الثلاثة، كلها مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن تفكيكها أبداً، فابن المحرق ضرب على الوتر الحساس، فوضع نفسه كنموذج للمتقاعد (المنتهي)، أما أبناؤه فهم نماذج للشباب الذين يفتشون في كل زاوية عن عمل شريف.
لدينا اليوم نموذجان من المتقاعدين، نموذج يبحث عن تحسين وضعه المعيشي ولو تطلب منه الأمر أن يقوم بالحفر في الصخر، وهنالك نموذج من المتقاعدين المدللين من الطبقة المخملية، الذين ربما لم يكملوا الثانوية العامة، لكنهم أُرجعوا لوزارات الدولة من جديد بعد أن انتهت مددهم الافتراضية والعمرية، فيعودون كخبراء ومستشارين، وربما هذه هي الحيلة الشرعية والقانونية الوحيدة التي تتذرع بها بعض مؤسسات الدولة لعمل غير أخلاقي.
للرسالة بقية وللحديث بقية وللشجون بقية أيضاً، والله يعين المتقاعدين الذين يجلسون وقت المغرب كما لمحتهم أكثر من مرة على أبواب منازلهم في الرفاع والمحرق والبديع والمنامة، يحسبون همومهم وهموم عيالهم.
.. وللحديث صلة