بعد أن تحدثتُ عن مشكلة مواعيد امتحان مزاولة مهنة الطب وعدم ثبات مواعيدها، مما يسبب إرباكاً واضحاً لهذه الشريحة التي نكن لها كل التقدير والاحترام، نتحدث اليوم عن مسألة لا تقل أهمية عن تلك المشكلة؛ ألا وهي مسألة توظيف هؤلاء الأطباء الجدد، ومسألة امتحان التوظيف الذي استحدث العام الماضي.
قبل أعوام قليلة كانت عملية توظيف الأطباء الجدد تتم مباشرة بعد أن يجتازوا امتحان رخصة مزاولة الطب، إلى أن تطور الأمر فصارت عملية التوظيف أكثر تعقيداً، حتى أنها تتجاوز العام الواحد، بمعنى أن الأطباء الجدد يجلسون دون عمل لمدة عام أو أكثر في منازلهم، وكذلك دون حصولهم على رواتب رغم أن كثيراً منهم لديه التزامات مالية وأسرية وقروض.
إن عملية توظيف الأطباء الجدد لا تكون إلا مرة واحدة كل عام، حيث يتم الإعلان عن وجود شواغر لبعض التخصصات فقط، وليس كل التخصصات، إضافة إلى أن أعداد مقاعد الوظائف تكون محددة، وعليه إذا لم ينل الطبيب التخصص الذي يريده يكون لديه خياران؛ إما أن يقبل بالتخصصات المعروضة في حينها كوظائف، والتي لا تتناسب وما يريد، أو أن ينتظر عاماً آخر حتى يتم إعلان التخصص الذي يناسبه، وبهذا تتكدس أعداد العاطلين من الأطباء الجدد، مما سيجعل عملية التوظيف أكثر تعقيداً على صعيد المستقبل.
لماذا لا يكون نظام عملية التوظيف كما هي في مشافي المملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث إن الأطباء الجدد إذا لم يُقبلوا في البرنامج التدريبي للتخصص الذي يرغبون فيه يستطيعون أن يعملوا في ذات التخصص كخدمة خاصة (دون أن يكونوا ضمن البرنامج التدريبي) مع صرف رواتب شهرية لهم، إلى حين موعد تقديم طلبات التوظيف الجديد للعام الجديد، وفي هذه الحالة، فإن فَقَدَ الدخول في برنامج التدريب السنوي فإنه سيكسب خبرة في مجال التخصص الذي يرغب فيه، إضافة لحصوله على راتب كبقية الأطباء.
الأطباء الجدد يتساءلون؛ لماذا لا تُفتح أبواب التقديم لوظائف الطب أمامهم ماداموا في فترة التدريب العملي كأطباء جدد من أجل تخليص كافة الإجراءات في هذه الفترة الزمنية، وذلك استغلالاً للوقت، كما يحدث في المملكة العربية السعودية؟
أما المسألة الأخرى التي يعاني منها الأطباء الجدد، وهي البدعة الجديدة التي استحدثت العام الماضي، فهي عبارة عن إجراء امتحان عام في الطب، كما هو امتحان ترخيص مزاولة المهنة من أجل التوظيف، لكن ليس له علاقة بالتخصص الذي قدَّم إليه الطبيب، ومن ثم تكون المقابلة الشخصية للتخصص في وقت التوظيف.
للتوضيح فقط؛ هناك ثلاثة من التخصصات الطبية المختلفة يستطيع الأطباء الجدد أن يختاروها، لهذا فإن كان لابد للامتحان الثاني أن يكون، فيجب أن يكون في التخصص الذي يتقدم إليه الطبيب فقط، لا أن يكون نسخة من امتحان مزاولة المهنة، لأن هذا الأمر مضيعة للوقت والجهد، لأن امتحــــــــــــــان رخصــــــــــــــة مزاولــــــــــة المهنــــــــــة (Bahrain medical licensure exam) يكفي الطبيب أن يعمل من خلاله، ولهذا يكون الامتحان الآخر ملغى، وهذا هو المعمول به أيضاً في المملكة العربية السعودية.
نتمنى من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية أن تراعي ظروف الأطباء المستجدين بصورة تتناسب ومخرجاتهم التعليمية والعلمية، فهم خلاصة أبناء هذا الوطن، وهم الذين بإمكانهم أن يقدموا الخدمات الإنسانية والوطنية الجليلة من خلال طبيعة عملهم الطبي المميز.
نتمنى من الهيئة أن تكافئهم بأن تقوم بتوظيفهم كأطباء دون أي تأخير في عملية التوظيف أو الدخول في امتحانات لا طائل منها، وأن تصرف لهم رواتب أو مكافآت مالية مجزية في فترة انتظارهم، حالهم كحال الأطباء في كافة دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أننا نعلم علم اليقين أن مستشفيات البحرين مازالت تفتقر إلى أطباء يغطون النقص الموجود فيها، وهذا لن يكون إلا بتوظيف الأطباء الجدد سنة بسنة.
^ رداً على رد الهيئة..
جاء في معرض رد الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية حول تغيير مواعيد الامتحانات المتعلقة بمرحلة ما بعد التدريب (الامتياز)، أنها أخَّرت الامتحان بمناسبة الحج، ونحن نثمن لها اهتمامها بالمناسبات الإسلامية التي نحترمها جميعاً، لكن أن تكون فترة التأخير لأكثر من ثلاثة أسابيع بحجة موسم الحج، فهذا لا يتسق والالتزامات التي تقع على عاتق هؤلاء الأطباء الجدد وأسرهم، حتى قال بعضهم (ألا تعلم الهيئة أننا طلبة ننتظر الامتحانات وليس في واردنا الحج أبداً؟!، أم أنها إجازة للممتحنين ليس إلا؟!).
إن تأخير الامتحانات وعدم إعطاء الأطباء موعداً محدداً لها، على الأقل لحد كتابة هذه الأسطر، ليس مقنعاً أبداً، فبرامج البحرين الرسمية لا تتعطل بمناسبة الحج، بل تتعطل فقط في الإجازات الرسمية التي يجب أن تصدر في حينها بمرسوم من مجلس الوزراء، وهذه الإجازة بدعة أخرى لا علاقة لها بدستور البحرين، فأرجو أن يكون رد الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحة دستورياً وأكثر إقناعاً.. وشكراً.
{{ article.visit_count }}
قبل أعوام قليلة كانت عملية توظيف الأطباء الجدد تتم مباشرة بعد أن يجتازوا امتحان رخصة مزاولة الطب، إلى أن تطور الأمر فصارت عملية التوظيف أكثر تعقيداً، حتى أنها تتجاوز العام الواحد، بمعنى أن الأطباء الجدد يجلسون دون عمل لمدة عام أو أكثر في منازلهم، وكذلك دون حصولهم على رواتب رغم أن كثيراً منهم لديه التزامات مالية وأسرية وقروض.
إن عملية توظيف الأطباء الجدد لا تكون إلا مرة واحدة كل عام، حيث يتم الإعلان عن وجود شواغر لبعض التخصصات فقط، وليس كل التخصصات، إضافة إلى أن أعداد مقاعد الوظائف تكون محددة، وعليه إذا لم ينل الطبيب التخصص الذي يريده يكون لديه خياران؛ إما أن يقبل بالتخصصات المعروضة في حينها كوظائف، والتي لا تتناسب وما يريد، أو أن ينتظر عاماً آخر حتى يتم إعلان التخصص الذي يناسبه، وبهذا تتكدس أعداد العاطلين من الأطباء الجدد، مما سيجعل عملية التوظيف أكثر تعقيداً على صعيد المستقبل.
لماذا لا يكون نظام عملية التوظيف كما هي في مشافي المملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث إن الأطباء الجدد إذا لم يُقبلوا في البرنامج التدريبي للتخصص الذي يرغبون فيه يستطيعون أن يعملوا في ذات التخصص كخدمة خاصة (دون أن يكونوا ضمن البرنامج التدريبي) مع صرف رواتب شهرية لهم، إلى حين موعد تقديم طلبات التوظيف الجديد للعام الجديد، وفي هذه الحالة، فإن فَقَدَ الدخول في برنامج التدريب السنوي فإنه سيكسب خبرة في مجال التخصص الذي يرغب فيه، إضافة لحصوله على راتب كبقية الأطباء.
الأطباء الجدد يتساءلون؛ لماذا لا تُفتح أبواب التقديم لوظائف الطب أمامهم ماداموا في فترة التدريب العملي كأطباء جدد من أجل تخليص كافة الإجراءات في هذه الفترة الزمنية، وذلك استغلالاً للوقت، كما يحدث في المملكة العربية السعودية؟
أما المسألة الأخرى التي يعاني منها الأطباء الجدد، وهي البدعة الجديدة التي استحدثت العام الماضي، فهي عبارة عن إجراء امتحان عام في الطب، كما هو امتحان ترخيص مزاولة المهنة من أجل التوظيف، لكن ليس له علاقة بالتخصص الذي قدَّم إليه الطبيب، ومن ثم تكون المقابلة الشخصية للتخصص في وقت التوظيف.
للتوضيح فقط؛ هناك ثلاثة من التخصصات الطبية المختلفة يستطيع الأطباء الجدد أن يختاروها، لهذا فإن كان لابد للامتحان الثاني أن يكون، فيجب أن يكون في التخصص الذي يتقدم إليه الطبيب فقط، لا أن يكون نسخة من امتحان مزاولة المهنة، لأن هذا الأمر مضيعة للوقت والجهد، لأن امتحــــــــــــــان رخصــــــــــــــة مزاولــــــــــة المهنــــــــــة (Bahrain medical licensure exam) يكفي الطبيب أن يعمل من خلاله، ولهذا يكون الامتحان الآخر ملغى، وهذا هو المعمول به أيضاً في المملكة العربية السعودية.
نتمنى من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية أن تراعي ظروف الأطباء المستجدين بصورة تتناسب ومخرجاتهم التعليمية والعلمية، فهم خلاصة أبناء هذا الوطن، وهم الذين بإمكانهم أن يقدموا الخدمات الإنسانية والوطنية الجليلة من خلال طبيعة عملهم الطبي المميز.
نتمنى من الهيئة أن تكافئهم بأن تقوم بتوظيفهم كأطباء دون أي تأخير في عملية التوظيف أو الدخول في امتحانات لا طائل منها، وأن تصرف لهم رواتب أو مكافآت مالية مجزية في فترة انتظارهم، حالهم كحال الأطباء في كافة دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أننا نعلم علم اليقين أن مستشفيات البحرين مازالت تفتقر إلى أطباء يغطون النقص الموجود فيها، وهذا لن يكون إلا بتوظيف الأطباء الجدد سنة بسنة.
^ رداً على رد الهيئة..
جاء في معرض رد الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية حول تغيير مواعيد الامتحانات المتعلقة بمرحلة ما بعد التدريب (الامتياز)، أنها أخَّرت الامتحان بمناسبة الحج، ونحن نثمن لها اهتمامها بالمناسبات الإسلامية التي نحترمها جميعاً، لكن أن تكون فترة التأخير لأكثر من ثلاثة أسابيع بحجة موسم الحج، فهذا لا يتسق والالتزامات التي تقع على عاتق هؤلاء الأطباء الجدد وأسرهم، حتى قال بعضهم (ألا تعلم الهيئة أننا طلبة ننتظر الامتحانات وليس في واردنا الحج أبداً؟!، أم أنها إجازة للممتحنين ليس إلا؟!).
إن تأخير الامتحانات وعدم إعطاء الأطباء موعداً محدداً لها، على الأقل لحد كتابة هذه الأسطر، ليس مقنعاً أبداً، فبرامج البحرين الرسمية لا تتعطل بمناسبة الحج، بل تتعطل فقط في الإجازات الرسمية التي يجب أن تصدر في حينها بمرسوم من مجلس الوزراء، وهذه الإجازة بدعة أخرى لا علاقة لها بدستور البحرين، فأرجو أن يكون رد الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحة دستورياً وأكثر إقناعاً.. وشكراً.