إحدى المشكلات الملحّة التي تواجه المرء في تصدِّيه للنزعات الطائفية والفئوية المنتشرة حالياً بكثافةٍ غير معهودةٍ بين الشباب تكمن في لجوء البعض إلى تخوين الأشخاص المناوئين لأفكارهم، وللأسف الشديد باتت لغة التخوين هي العلامة الفارقة التي تميِّز الخطاب السياسي لبعض الجماعات المذهبيّة الهوى، وتحدِّد مسلكيّات أفرادها إزاء الجماعات الأخرى.
وقد سألني أحد القرّاء في تعليقه على المقال الفائت: «لماذا تستخدم لغة التخوين لمن كانت له مواقف مغايرة لتوجّهات الجمعيّات الوطنية واليسارية وتقول بأن الأحداث تركت آثاراً سلبيةً في منظومة الوعي الاجتماعي لدى بعض الأفراد المحسوبين عليها؟». والواقع إنني كنت أؤكِّد على الدور الذي أحدثته الأحداث المؤلمة في الوعي الاجتماعي لدى الكثير من الأفراد والجماعات، ولم أقصد تخوين جماعةٍ ما أو إقصاء أخرى، فهذا ليس من شيمنا، لأننا نسعى لتقريب الآراء والأفكار، ونشر مبادئ العقلانية والتفكير الرصين في أوساط الشباب والمراهقين.
وإذا كان هناك اختلاف بين آراء بعض أعضاء الجمعيات المحسوبة على الفكر التقدّمي حول موضوعٍ ما فينبغي مناقشته ضمن الأطر التنظيمية المتاحة داخل الجمعيّة ذاتها بروحٍ ديمقراطيةٍ متسامحةٍ دون تشنّجٍ أو تحيّزاتٍ مسبقةٍ، وبهذه العقلية المرنة ينبغي، في تقديري، معالجة أيِّ اختلاف في المرئيّات بين الشباب أنفسهم، باعتبارهم كتلةً اجتماعيةً غير متجانسة في انتمائها الطبقي والاجتماعي، وقد كان الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في عقود السبعينيات والثمانينيات نموذجاً حياً لصهر مكوِّنات المجتمع البحريني في كيانٍ قويٍ متراصٍ يدافع عن حقوق الطلبة ومصالحهم، ويعينهم على رفع مستوى التحصيل الدراسي، بصرف النظر عن التياّرات السياسية أو الكيانات المذهبية التي كانت الجماعات الطلابية المختلفة تنتمي لها؛ وأحسب أن مهمة الجمعيات الشبابية تتمثّل في العمل الدؤوب على توحيد صفوف الشباب باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ النزعات الفئوية، والكّف عن استخدام مفردات التخوين والإقصاء بحق بعضهم البعض، فوحدة القوى الشبابية هي المسمار الأخير في نعش التوجّهات الطائفية!