في أوطان الاستقرار؛ تتوحد القلوب حُباً والأجساد فرحاً في العيد، وتعيش شعوبها الفرحة مع تبادل التهاني والتبريكات مقرونة بأحلى الأمنيات، لقد تمنى كل مُحب لسوريا وشعبها أن يعيش مع الشعب العربي والشعوب الإسلامية فرحة العيد كباره وصغاره، رجاله ونساؤه، وجميع المُصابين بفراق أهليهم وذويهم في الأحداث الميدانية بموجب هدنة الإبراهيمي.
لكن هذه الهدنة سارت بما لا تشتهي الأزمة السورية السياسية والميدانية، فرغم أن هدنة الإبراهيمي لم تكن حلاً لا جزئياً ولا شاملاً ولا حقيقياً للأزمة السورية، فقد تعثرت مبادرته من بدايتها كما تعثرت مُسبقاً مبادرات عنان، وقبله سقطت الوسائط السياسية الغربية والأممية وقبلها العربية والخليجية. كان عيد الأضحى المبارك فرصة سياسية للسوريين للخروج من كهف الأزمة إلى ساحات الحوار واللقاء على المصلحة الوطنية تحت سقف الوطن السوري بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية.
حاول الإبراهيمي، وهو يدرك أنه يسبح في حوض من الماء لا ماء فيه، حاول أن يُخفف من الألم السوري وفجيعة الشعب السوري المشحونة بالقلق والتوتر والخوف على نفسه وعلى وطنه اليوم وما سيأتي غداً لن يكون أفضل من هذا اليوم في ظل الاقتتال الميداني الشديد والشرس المستمر بين أطراف النزاع، وكغيره من المبعوثين وأصحاب المبادرات لن يتمكن من تجاوز الأزمة ولا حلها. فالعتاد العسكري لم ولن يُفرق بين المُسلم والمسيحي في سوريا، ولا بين مَن يحمل السلاح والجالس في بيته، ولا بين رجل أو شاب أو طفل أو شيخ أو امرأة، فالرصاص أعمى يُصيب مَن يلتحم به سواء كان بشراً أو غير ذلك.
فماذا أعطى الربيع العربي مصر وليبيا واليمن وتونس وماذا تنتظر منه سوريا وباقي الأقطار العربية التي مر بها هذا الربيع؟ فقد نشر هذا الربيع الخوف والكراهية بين الناس، عمل على الفرز السكاني الديني والمذهبي بين أفراد المجتمع، أقر القتل على الهوية، نشط استراتيجية افتعال النزاع وإطالته بين القوى السياسية الجديدة والقديمة، بين القوى الليبرالية والدينية، بين هؤلاء جميعاً والدولة. وأدى الربيع إلى وصول أفراد للسلطة عن طريق المتاجرة بالديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان وبشعارات الحرية والسلمية، وذلك بهدف الانقضاض على السلطة والاستئثار بها. ومهما كانت القوى السياسية التي تحارب الدولة أو تلك التي تحاربها الدولة فإن نتيجة هذه الحرب في سورية لن تخرج عن دائرة ما وصلت إليه حالة الأقطار الأخرى ذات الربيع العربي، ولن يكون هناك منتصر ولا خاسر، فالخاسر هي سوريا وشعبها والمنتصر هو التدمير والأجندات الأجنبية.
في هذا العيد بدلاً من ترديد الصلوات ورفع الدعوات إلى السماء لوقف نزيف الدم السوري وتصاعد العنف أكثر، أصبحت المعادلة أياً من الفريقين يحصد قتلى أكثر من الفريق الآخر، وبدلاً من تقديم العيادي إلى الأطفال يُقدم إليهم الرصاص وشظايا الأسلحة الفتاكة، وبدلاً من شراء الألبسة الجديدة تخاط لهم الأكفان، وبدلاً من توزيع الحلويات على الناس يتم حفر المزيد من القبور للقتلى. فالهدنة لم تكون حلاً حقيقياً لأنها لم ولن تؤدي إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين، ولا تهيئ حواراً جاداً وصادقاً، فالهدنة تعني أن بإمكان الفريقين المتقاتلين العودة مرة ثانية إلى ساحة الميدان والاقتتال. في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا إلى سوريا الوطن، تحتاج إلى قيادة سياسية تقود شعبها لا تُقيده، قيادة تبني سوريا لا تهدمها وتدمرها، قيادة تعمل على بناء الإنسان السوري لا تقتله، قيادة تؤمن بالديمقراطية الشعبية لا بديمقراطية الحزب القائد، الحزب المُهيمن والمُسيطر اقتصادياً وسياسياً وفكرياً وثقافياً على كافة أركان الدولة السورية، قيادة تؤطر للتعددية السياسية بعيداً عن تهميش وإقصاء الآخر، قيادة تعتمد على أبنائها في الدفاع عنها وعن سيادتها لا تستأجر الميليشيات من عربية قريبة وإقليمية غريبة لقتل شعبها، قيادة تحقق لسوريا الأمن والاستقرار الداخلي والعربي والوحدة الوطنية وتدعم المشروع القومي العربي المُمانع المُقاوم البعيد عن الشعارات والفقاقيع الإعلامية.
لقد كان قرار الهدنة دون آليات للتنفيذ وولد ميتاً كجميع المبادرات السابقة، ولا يبدو في الأفق أي حل حقيقي قريب لسوريا، فكلا الفريقين المتقاتلان يُريد الحَسم لنفسه ومهما كانت التضحيات، والشعب السوري هو مَن يدفع يومياً ثمن هذا الحسم الوهمي بين قتيل وجريح ومُشرد منذُ (19) شهراً، وفي ظل هذا الوضع ليس هناك خيار آخر للشعب السوري.
في هذه الأيام المباركة يَقيناً أن السوريين الذين يقبعون في الملاجئ يتذكرون فرحة العيد التي غادرتهم وحلت محلها وقائع الجنائز اليومية وحالات التشرد التي حولت أيامهم الرغيدة إلى أيام عصيبة، والوجوه السورية الجميلة النضرة لم تخلُ من ملامح الحزن والأسى على سوريا وشعبها وعلى مصابها. وفي أيام العيد تتخلى الأنفس الإنسانية عن الأحقاد والعدائية، وفيه تلتئم العوائل والعشائر في وحدة دينية واجتماعية، ويقوم المسلمون وفي جميع البلاد الإسلامية بذبح الهَدْيَّ تقرباً إلى الله في يوم الأضحى المبارك، وفي سوريا في هذا العيد تحولت هدنة الاقتتال إلى تقديم أبناء الشعب السوري كهَدْيَّ بدلاً من الأنعام.
لكن هذه الهدنة سارت بما لا تشتهي الأزمة السورية السياسية والميدانية، فرغم أن هدنة الإبراهيمي لم تكن حلاً لا جزئياً ولا شاملاً ولا حقيقياً للأزمة السورية، فقد تعثرت مبادرته من بدايتها كما تعثرت مُسبقاً مبادرات عنان، وقبله سقطت الوسائط السياسية الغربية والأممية وقبلها العربية والخليجية. كان عيد الأضحى المبارك فرصة سياسية للسوريين للخروج من كهف الأزمة إلى ساحات الحوار واللقاء على المصلحة الوطنية تحت سقف الوطن السوري بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية.
حاول الإبراهيمي، وهو يدرك أنه يسبح في حوض من الماء لا ماء فيه، حاول أن يُخفف من الألم السوري وفجيعة الشعب السوري المشحونة بالقلق والتوتر والخوف على نفسه وعلى وطنه اليوم وما سيأتي غداً لن يكون أفضل من هذا اليوم في ظل الاقتتال الميداني الشديد والشرس المستمر بين أطراف النزاع، وكغيره من المبعوثين وأصحاب المبادرات لن يتمكن من تجاوز الأزمة ولا حلها. فالعتاد العسكري لم ولن يُفرق بين المُسلم والمسيحي في سوريا، ولا بين مَن يحمل السلاح والجالس في بيته، ولا بين رجل أو شاب أو طفل أو شيخ أو امرأة، فالرصاص أعمى يُصيب مَن يلتحم به سواء كان بشراً أو غير ذلك.
فماذا أعطى الربيع العربي مصر وليبيا واليمن وتونس وماذا تنتظر منه سوريا وباقي الأقطار العربية التي مر بها هذا الربيع؟ فقد نشر هذا الربيع الخوف والكراهية بين الناس، عمل على الفرز السكاني الديني والمذهبي بين أفراد المجتمع، أقر القتل على الهوية، نشط استراتيجية افتعال النزاع وإطالته بين القوى السياسية الجديدة والقديمة، بين القوى الليبرالية والدينية، بين هؤلاء جميعاً والدولة. وأدى الربيع إلى وصول أفراد للسلطة عن طريق المتاجرة بالديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان وبشعارات الحرية والسلمية، وذلك بهدف الانقضاض على السلطة والاستئثار بها. ومهما كانت القوى السياسية التي تحارب الدولة أو تلك التي تحاربها الدولة فإن نتيجة هذه الحرب في سورية لن تخرج عن دائرة ما وصلت إليه حالة الأقطار الأخرى ذات الربيع العربي، ولن يكون هناك منتصر ولا خاسر، فالخاسر هي سوريا وشعبها والمنتصر هو التدمير والأجندات الأجنبية.
في هذا العيد بدلاً من ترديد الصلوات ورفع الدعوات إلى السماء لوقف نزيف الدم السوري وتصاعد العنف أكثر، أصبحت المعادلة أياً من الفريقين يحصد قتلى أكثر من الفريق الآخر، وبدلاً من تقديم العيادي إلى الأطفال يُقدم إليهم الرصاص وشظايا الأسلحة الفتاكة، وبدلاً من شراء الألبسة الجديدة تخاط لهم الأكفان، وبدلاً من توزيع الحلويات على الناس يتم حفر المزيد من القبور للقتلى. فالهدنة لم تكون حلاً حقيقياً لأنها لم ولن تؤدي إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين، ولا تهيئ حواراً جاداً وصادقاً، فالهدنة تعني أن بإمكان الفريقين المتقاتلين العودة مرة ثانية إلى ساحة الميدان والاقتتال. في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا إلى سوريا الوطن، تحتاج إلى قيادة سياسية تقود شعبها لا تُقيده، قيادة تبني سوريا لا تهدمها وتدمرها، قيادة تعمل على بناء الإنسان السوري لا تقتله، قيادة تؤمن بالديمقراطية الشعبية لا بديمقراطية الحزب القائد، الحزب المُهيمن والمُسيطر اقتصادياً وسياسياً وفكرياً وثقافياً على كافة أركان الدولة السورية، قيادة تؤطر للتعددية السياسية بعيداً عن تهميش وإقصاء الآخر، قيادة تعتمد على أبنائها في الدفاع عنها وعن سيادتها لا تستأجر الميليشيات من عربية قريبة وإقليمية غريبة لقتل شعبها، قيادة تحقق لسوريا الأمن والاستقرار الداخلي والعربي والوحدة الوطنية وتدعم المشروع القومي العربي المُمانع المُقاوم البعيد عن الشعارات والفقاقيع الإعلامية.
لقد كان قرار الهدنة دون آليات للتنفيذ وولد ميتاً كجميع المبادرات السابقة، ولا يبدو في الأفق أي حل حقيقي قريب لسوريا، فكلا الفريقين المتقاتلان يُريد الحَسم لنفسه ومهما كانت التضحيات، والشعب السوري هو مَن يدفع يومياً ثمن هذا الحسم الوهمي بين قتيل وجريح ومُشرد منذُ (19) شهراً، وفي ظل هذا الوضع ليس هناك خيار آخر للشعب السوري.
في هذه الأيام المباركة يَقيناً أن السوريين الذين يقبعون في الملاجئ يتذكرون فرحة العيد التي غادرتهم وحلت محلها وقائع الجنائز اليومية وحالات التشرد التي حولت أيامهم الرغيدة إلى أيام عصيبة، والوجوه السورية الجميلة النضرة لم تخلُ من ملامح الحزن والأسى على سوريا وشعبها وعلى مصابها. وفي أيام العيد تتخلى الأنفس الإنسانية عن الأحقاد والعدائية، وفيه تلتئم العوائل والعشائر في وحدة دينية واجتماعية، ويقوم المسلمون وفي جميع البلاد الإسلامية بذبح الهَدْيَّ تقرباً إلى الله في يوم الأضحى المبارك، وفي سوريا في هذا العيد تحولت هدنة الاقتتال إلى تقديم أبناء الشعب السوري كهَدْيَّ بدلاً من الأنعام.