لكل استثمار هدف وغاية، والغاية والهدف يختلفان باختلاف الاستثمار، فالتنمية هي نتاج الاستثمار الإيجابي لجميع موارد الدولة من مادية ومالية، والتدمير والهدم هو نتاج استثمار العنف المُمنهج لقوى سياسية تناهض الدولة وتسعى جاهدة لتحقيق أجندتها الخاصة. فأي من الاستثمارين يحتاجها الوطن؟ التنمية أم الهدم؟ وأي منهما يُحقق العوائد التي يحتاجها الوطن؟ وأي منهم يُحقق الخسائر وينفر الاستثمار والمستثمرين من الوطن؟ فبفضل الربيع العربي فقد تعطلت عجلة الإنتاج، تراجعت البورصات وتخللت مواقع الشركات، انخفضت مداخيل السياحة وهربت أموال الاستثمار الوطنية والأجنبية، تجمدت عمليات الاستثمار وتضررت العملات الوطنية، تأثرت الزراعة وازدادت معدلات الفقر والبطالة.
فقد أكد المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية المنعقد في بيروت تحت عنوان «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين» في 23 نوفمبر 2012 أن خسائر ثورات الربيع العربي ستصل إلى «400» مليار دولار، فيما وصلت الخسائر الفعلية التي تم رصدها حتى نهاية عام 2011 إلى «96» مليار دولار. وهذا يعني مدى التأثير السلبي للربيع على النمو الاقتصادي في المنطقة العربية والذي من المتوقع أن ينخفض النمو الإجمالي فيها إلى «3%» لعام 2012 مقابل نمو عام 2011 البالغ «3.3%» و»4.7%» لعام 2010. ومن تلك الآثار تراجع الصادرات النفطية وانخفاض معدلات الاستثمار في الأقطار العربية، ففي عام 2010 بلغ «66» مليار، و»50» مليار في عام 2011، ومن المتوقع أن يصل في هذا العام إلى «53» مليار دولار.
وتؤكد لنا هذه الأرقام أن تحقيق الاستقرار السياسي في أقطارنا العربية له انعكاسات إيجابية على الاستقرار الاقتصادي ويوسع من مساحة مناخ الاستثمار، فالمال وقوانين الاستثمار المحفزة لها دور كبير جداً في عملية استدامة التنمية وتحقيق أهدافها، إلا أن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي هو الأساس الذي لا غِنى عنه في التنمية، فنجاح السياسات الاقتصادية والتقنية والاستثمارية يستلزم وجود بيئة تتصف بالاستقرار السياسي حيث يتحقق به الاستقرار الأمني والسِلم الاجتماعي في البلاد. ومن ناحية أن النمو والتقدم الاقتصادي لأي مجتمع لا يتوافق مع الاضطرابات والقلاقل السياسية بينما يستلزم للاستثمار بيئة سياسية واجتماعية مستقرة.
لذا فالربيع السياسي الذي اجتاح بعض أقطارنا العربية أدى إلى تدهور سياسي واجتماعي الذي أدى إلى الانخفاض في النمو الاقتصادي وإلى تراجع في إيرادات الكثير من الأقطار العربية، وحتى يرتفع هذا النمو فأقطارنا العربية تحتاج إلى الاستقرار السياسي الذي سيساهم في ارتفاع في نموها الاقتصادي وسيرسم مؤشراً متجهاً للنمو الاقتصادي مستقبلاً -ظروف- وبجانب دور الاستقرار السياسي لتحقيق التنمية العربية فقد أشار المؤتمر الذي شاركت فيه «28» دولة و»600» شخصية مصرفية واقتصادية ورئيسة صندوق النقد الدولي «كريستين لاجارد» إلى مجموعة من التوصيات التنموية، والتي منها أن الأقطار العربية تحتاج إلى تطوير التعاون الاقتصادي والتنموي في ما بينها، وإلى إعادة النظر في دور الصناديق والمؤسسات التنموية العربية بتفعيل عملها وتوفير الآليات التمويلية التي تمكن هذه الأقطار من تحقيق المشاريع التنموية القطرية والبينية، وإلى العمل على إنشاء وحدة استراتيجية للتأثير في التشريعات العربية بما يخدم التنمية الاقتصادية، وأن يكون للمصارف العربية دورٌ مهم في تحقيق التغيّرات التي تتم في الأقطار العربية على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وما تحقق من الربيع العربي لن يُحقق لنا اقتصاداً مزدهراً لأن تداعيات أحداث الربيع السلبية أوجعت اقتصادنا الضعيف، فشعارات الربيع أقوال لم تترجم إلى أفعال، فالربيع هذا وَلدَ مجموعة من الشعارات البعيدة عن واقع حياة الإنسان العربي، وخلق مجموعة من الأحزاب لا حاجة للشعب العربي لها. فالشعب العربي يحتاج إلى ربيع يتعلق بحياته الاقتصادية والاجتماعية حاضراً ومستقبلاً.
إن القضية الاقتصادية يجب أن تكون قبل المماحكات السياسية وترف الديمقراطية ومَن ستكون له الغلبة وشكل الحُكم. فاقتصادنا العربي يحتاج إلى ربيع يجتث منه سلسلة الأخطاء وتراكمات الماضي والفساد، ينهي التخطيط الفاشل وآفات البيروقراطية، ربيع يهدم الهوة بين أفراد المجتمع ويعمل على توزيع الثروة بالقسط بين المواطنين، ويحقق التوازن في العمل، ويُصوب مسار إنفاق المال العام، ويحرق الحرمان ويقبر الفقر، ربيع يبني اقتصاداً ذا دعامات قوية، يُركز على البشر قبل الحجر.
{{ article.visit_count }}
فقد أكد المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية المنعقد في بيروت تحت عنوان «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين» في 23 نوفمبر 2012 أن خسائر ثورات الربيع العربي ستصل إلى «400» مليار دولار، فيما وصلت الخسائر الفعلية التي تم رصدها حتى نهاية عام 2011 إلى «96» مليار دولار. وهذا يعني مدى التأثير السلبي للربيع على النمو الاقتصادي في المنطقة العربية والذي من المتوقع أن ينخفض النمو الإجمالي فيها إلى «3%» لعام 2012 مقابل نمو عام 2011 البالغ «3.3%» و»4.7%» لعام 2010. ومن تلك الآثار تراجع الصادرات النفطية وانخفاض معدلات الاستثمار في الأقطار العربية، ففي عام 2010 بلغ «66» مليار، و»50» مليار في عام 2011، ومن المتوقع أن يصل في هذا العام إلى «53» مليار دولار.
وتؤكد لنا هذه الأرقام أن تحقيق الاستقرار السياسي في أقطارنا العربية له انعكاسات إيجابية على الاستقرار الاقتصادي ويوسع من مساحة مناخ الاستثمار، فالمال وقوانين الاستثمار المحفزة لها دور كبير جداً في عملية استدامة التنمية وتحقيق أهدافها، إلا أن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي هو الأساس الذي لا غِنى عنه في التنمية، فنجاح السياسات الاقتصادية والتقنية والاستثمارية يستلزم وجود بيئة تتصف بالاستقرار السياسي حيث يتحقق به الاستقرار الأمني والسِلم الاجتماعي في البلاد. ومن ناحية أن النمو والتقدم الاقتصادي لأي مجتمع لا يتوافق مع الاضطرابات والقلاقل السياسية بينما يستلزم للاستثمار بيئة سياسية واجتماعية مستقرة.
لذا فالربيع السياسي الذي اجتاح بعض أقطارنا العربية أدى إلى تدهور سياسي واجتماعي الذي أدى إلى الانخفاض في النمو الاقتصادي وإلى تراجع في إيرادات الكثير من الأقطار العربية، وحتى يرتفع هذا النمو فأقطارنا العربية تحتاج إلى الاستقرار السياسي الذي سيساهم في ارتفاع في نموها الاقتصادي وسيرسم مؤشراً متجهاً للنمو الاقتصادي مستقبلاً -ظروف- وبجانب دور الاستقرار السياسي لتحقيق التنمية العربية فقد أشار المؤتمر الذي شاركت فيه «28» دولة و»600» شخصية مصرفية واقتصادية ورئيسة صندوق النقد الدولي «كريستين لاجارد» إلى مجموعة من التوصيات التنموية، والتي منها أن الأقطار العربية تحتاج إلى تطوير التعاون الاقتصادي والتنموي في ما بينها، وإلى إعادة النظر في دور الصناديق والمؤسسات التنموية العربية بتفعيل عملها وتوفير الآليات التمويلية التي تمكن هذه الأقطار من تحقيق المشاريع التنموية القطرية والبينية، وإلى العمل على إنشاء وحدة استراتيجية للتأثير في التشريعات العربية بما يخدم التنمية الاقتصادية، وأن يكون للمصارف العربية دورٌ مهم في تحقيق التغيّرات التي تتم في الأقطار العربية على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وما تحقق من الربيع العربي لن يُحقق لنا اقتصاداً مزدهراً لأن تداعيات أحداث الربيع السلبية أوجعت اقتصادنا الضعيف، فشعارات الربيع أقوال لم تترجم إلى أفعال، فالربيع هذا وَلدَ مجموعة من الشعارات البعيدة عن واقع حياة الإنسان العربي، وخلق مجموعة من الأحزاب لا حاجة للشعب العربي لها. فالشعب العربي يحتاج إلى ربيع يتعلق بحياته الاقتصادية والاجتماعية حاضراً ومستقبلاً.
إن القضية الاقتصادية يجب أن تكون قبل المماحكات السياسية وترف الديمقراطية ومَن ستكون له الغلبة وشكل الحُكم. فاقتصادنا العربي يحتاج إلى ربيع يجتث منه سلسلة الأخطاء وتراكمات الماضي والفساد، ينهي التخطيط الفاشل وآفات البيروقراطية، ربيع يهدم الهوة بين أفراد المجتمع ويعمل على توزيع الثروة بالقسط بين المواطنين، ويحقق التوازن في العمل، ويُصوب مسار إنفاق المال العام، ويحرق الحرمان ويقبر الفقر، ربيع يبني اقتصاداً ذا دعامات قوية، يُركز على البشر قبل الحجر.