حقيقة لا أدري ماذا يدور في رأس الحكومة حين تقدمت بالميزانية وهي خالية من المشاريع الجديدة والموجه لدعم دخل الشريحة الدنيا، وخالية من موازنة مخصصة لتنشيط السوق.
و حقيقة لا أدري ما الذي يدور في رأس نوابنا، و لا أعرف أين يذهبون حين يتغيبون عن الجلسات وعن اللجان الخاصة بمناقشة الميزانية أو تقرير ديوان الرقابة المالية، و لكن أعرف أن مصير أهم وأضخم فرصة لتحسين دخل المواطن البحريني موجودة الآن بين أيدي هؤلاء!!
وللتذكير فقط.. حين تداعت الدول الخليجية لدعم البحرين بعد الأزمة الأخيرة كان الهدف هو الفرد البحريني، فالدول الخليجية قالت للبحرين سأزيح عن كاهل ميزانيتكم ثقل المشاريع البنيوية من أجل أن تتركز وتوجه ميزانيتكم لدعم دخل المواطن البحريني، فلا يعود العذر بضيق الميزانية مقبولاً.
وحين تمت مناقشة كيفية توزيع القسط الأول من الدعم والمقدم من الشقيقتين المملكة العربية السعودية والكويت تم رفع ثقل كبير من الميزانية مخصص لمشاريع الإسكان وطرق دائرية كبيرة ومحطات كهرباء وصرف صحي ومراكز صحية جميعها كانت موجودة من قبل الدعم الخليجي على خارطة المشاريع وجزء كبير من ميزانية 2013 و 2014 كان موجهاً لها، فوافقت الدولتان مشكورتين على بنائها، فأين ذهب الفائض في الميزانية؟
توقعنا أن يعاد ترتيب ورسم الميزانية من جديد، و ما أزيح عن كاهلها من ميزانية المشاريع أن يعاد ضخه في الميزانية المتكررة، خاصة أن الدعم سيستمر لعشر سنوات، توقعنا أن تعاد هيكلة الميزانية المتكررة بحيث تخلق صناديق الدعم للفئات المطحونة وهم شريحة العاملين في القطاع الخاص والذين تقل رواتبهم عن 200 دينار، وشريحة المتقاعدين، وشريحة الأسر المعوزة، إنما شيء من هذا لم يحدث، بل حدث العكس إذ تفاخرت وزارة التنمية بإعادة 20 مليون دينار للخزينة مرة أخرى لم تعط للأسر المحتاجة. وإضافة إلى ذلك تنوي الوزارة تقليص عدد الأسر المستفيدة من علاوة الغلاء!!
أين الهدف الأساسي من الدعم إذاً؟ أين الفكرة من الأصل؟ أين دعم دخل الفرد، الإنسان، العامل، الجيب، المعاش، الراتب، المعونات؟
صحيح أن البنية التحتية التي سيوجه لها الدعم سيستفيد منها المواطن في سكنه وعلاجه ومياهه وطاقته المستخدمة، ولكن تبقى مشكلة دخله التي حركت الكثير من موجات الغضب، هذه المشكلة التي تؤجل وتترفع موازنتنا عن معالجتها، وتبخل في حلها، خذ على سبيل المثال، إذا كانت دولة كسويسرا وهي سويسرا لديها صندوق لدعم الدخل، فلم لا تتبنى البحرين هذه الآلية التي ستساعد الشباب للتوجه للعمل في القطاع الخاص وتقلل من الاعتماد على الوظائف الحكومية، وما يحتاجه الصندوق مبلغ لا يصل إلى ثلاثين مليون وهذا مبلغ يعاد للخزينة كل سنة دون أن يصرف، بعض منه من المعونات وبعض منه من المشاريع المؤجلة والتي لم تلتزم الوزارات بتنفيذها!! نعرف أن هناك ميزانية مشاريع وميزانية مصاريف متكررة، هذان البندان اللذان صدعتما رأسنا بهما، إنما بالتأكيد توزيع هذه الميزانية خاطئ بدليل شح في الثاني وترحيل سنوي لأربعين في المائة للثاني!
زبدة الكلام هناك (فلوس) لكن توزيعها خطأ، والهدر فيها كثير، والحرص الزائد أو (البخل) الزائد يحرم شريحة كبيرة من البحرينيين من فرص تحسين دخلهم.
على صعيد آخر لا نرى تحركاً جاداً لتنشيط السوق، الحكومة تخلت عنه تماماً، رغم أنه ساحة واسعة واعدة لخلق فرص العمل وزيادة وتحسين دخل البحريني، لا توجد عندنا نظرة بعيدة المدى التي تعتمد على نظرية أن ضخ مليون دينار في السوق من الموازنة لتحريك العجلة سيعود على البلاد بعشرة ملايين، وضخ عشرة ملايين سيعود على البلاد بمائة مليون تلك الرؤية التي اعتمدتها دول كثيرة ومنها دبي، ونجحت فيها إلى أبعد الحدود، (البخل) يمتد حتى على تنشيط القطاع الخاص.
نوابنا، ووزراءنا... البحريني يريد أن يرى أثر «الدعم الخليجي» على جيبه وعلى الشريحة ذات الدخل المتدني بالأخص في القطاعين.. البحريني يريد أن يرى انعكاس الدعم في الميزانية القادمة على جيبه، لذلك إن ضاعت هذه الفرصة فإنكم تخنقون الأمل الذي أنعشه الدعم.. خافوا الله.
نداء أخير للمجالس الشعبية: لا تتركوا النواب دون استجوابهم عن الميزانية فذلك حقكم.