أريد حلاً!!! أول ما سمعت هذه العبارة، خطر على بالي الفيلم السينمائي الذي تم إنتاجه في عام 75 من القرن العشرين، والتي كانت نجمته وبطلته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وكيف يعتبر هذا الفيلم علامة بارزة في مشوارها الفني الكبير.
بيد أن هذه الجملة أو العبارة سمعتها مع كمٍ من الدموع التي كانت تغسل وجه صديقتي قبل يومين من احتفال المملكة بالعرس الخليجي الكروي، الذي شرفه حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه.
وقد كان هذا الحفل الرائع محط اهتمام العناوين الرئيسة للصحف المحلية والخليجية، وأشاد به النقاد والرياضيون في القنوات الفضائية الخليجية والعربية التي تتابع الحدث، وللأسف لم أتمكن من حضور حفل الافتتاح بسبب ارتباطي بمجموعة من الالتزامات التي كانت تتزامن مع موعد الافتتاح، لكني سعدت بالأصداء الإيجابية عن حفل الافتتاح، علماً بأن شهادتي مجروحة بأي فعالية تكون باسم المملكة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، فبنظري أي شيء تقدمه مملكة البحرين هو جميل وأكثر من رائع.
وفي الوقت نفسه لا يمكنني أن أتكلم عن الشق الرياضي وتكتيك الفرق والجانب الفني والإداري لها لأنني بعيدة عن الرياضة لدرجة أنني سمعت أن لاعب الكرة الفرنسي الذائع الصيت أنه سيحضر أيضاً حفل الافتتاح والذي يشغل الآن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «بلاتيني» فكنت أنادي اسمه «بينالتي»!! كل ما تم ذكره ليس بالغريب ولكن أكثر ما أثر في نفسي، أمر ليس بالغرابة التي ممكن أن يعتقدها الآخرين، ولكنها لا شك معضلة فكرية، ولا بد من إيجاد حل منطقي لها.
كان الجواب على الطلب المباشر الذي وجه من أخت صديقتي عندما سألتها عن بطاقات الدعوة التي هي بحوزة صديقتي، والتي استلمتها لحضور حفل الافتتاح: «صحيح أين وضعت بطاقاتي.. لا أذكر لمن أعطيتهم؟؟!!»، وأومأت لي برأسها بأنها لا تذكر شيئاً عن مكان البطاقات، وعندما سألتها: «لماذا لا تريدين أن يعلم أحد أن البطاقات لاتزال معك وأنك تنوين حضور الحفل...؟؟!!».
كان جوابها ممزوجاً بالدموع، وقالت إن «مشكلتي لا تكمن من اليوم، فأنا فتاة أحب الرياضة بشكل غير طبيعي خاصة كرة القدم إلا أن أهلي دائماً يمنعونني من ممارسة هذه الرياضة أو متابعتها وينسبونها للذكور فقط، من يوم كنت في المرحلة الابتدائية وعندما تنبهت والدتي أنني أحب هذه اللعبة أوصت معلمتي أن لا تشركني بفريق المدرسة لكرة القدم، وكنت كلما بلغت مرحلة عمرية أشعر بها أنني مسؤولة عن نفسي وعن ذاتي وقراراتي كان الجواب الجماعي من الأهل «ممنوع»، من دون أي تبرير أو تعليل، حتى إنني أشاهد الدوري الأوروبي في الخفاء. وأما عن بطاقاتي التي تسألني عنها أختي، فهي تريد أن تعطيهم إلى شقيق صديقتها. ولمجموعة من الاعتبارات التي لا أفهم لها أساساً ومع كل هذا العمر الذي أنا فيه والنضج الفكري إلا أنني لا أستطيع أن أحضر حفل الافتتاح الذي سيقام بعد يومين في المملكة، في المقابل أنا وضعت البطاقات تحت وسادتي أنظر إليهم على أمل حضوري حفل الافتتاح والمباراة إلا أنني في الوقت نفسه لم أتمكن من إعطائهم لأحد لأن الحرقة تتملكني».
سمعتها وأنا برأسي مجموعة من الاقتراحات التي ممكن أن تسعد رفيقتي وبعد التفكير قليلاً رأيت أن أي مقترح سأقدمه لها ممكن أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. فكثيراً ما يحصل أنه عندما نتعاطف مع بعضنا البعض تكون نتيجة تفكيرنا انفعالية، وفيها القليل والكثير من التهور. فرددت عليها بصوت يتخلله الغضب: «عذراً يا عزيزتي بس ما عندي لك حل!!».
وما كان ليخطر على بالي، يوم الافتتاح الساعة السادسة مساءً وأنا منهمكة بأشغالي، بأن صديقتي العزيزة سوف ترسل على جوالي صورتها وهي جالسة في الحفل وابتسامة عريضة على وجهها وإشارة النصر على يدها، وبيت من قصيدة الشاعر الكبير أحمد شوقي: «وكنت إذا سألت القلب يوماً.. تولى الدمع عن قلبي الجوابا» فعرفت بأنها دخلت معركة عنيفة مع أهلها إلا أن الموضوع ظهر أبسط من ذلك بكثير، فقد سألها أخوها الكبير الذي يتمتع بكثير من المحبة والوعي، وهو ينوي الذهاب إلى حفل الافتتاح إن كانت تود مرافقته وترجمت جوابها له بأنها ستكون جاهزة بأقل من 10 دقائق «وهذه خاصية لا نعهدها عند حواء». فرحت كثيراً بما استلمته منها ورددت عليها قائلة بشطر آخر من قصيدة أحمد شوقي لا شك بأن «وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً» إلا أنه أساس المطلب هو التمني. وتمنياتي لك أن تكون قد استمتعت بالحفل الجميل الذي ما انفكت الناس ليومنا هذا تتكلم عنه.