لدي إيمان تام أن ما حدث ويحدث في البحرين منذ عامين ليس تحركاً محلياً فحسب، نشرت الكثير عن هذا، ولا أريد أن يتوقف أهل البحرين عند المشهد البحريني الصغير ضمن الصورة الكبيرة التي نحن جزء منها.
من الطبيعي جداً أن يحترق قلب المواطن على بلده، ويصبح تفكيره منصباً على المربع الذي هو فيه ويصبح شغله الشاغل، لا أحد يلوم أي مواطن على ذلك، إنه الوطن ولا شيء أغلى من الوطن، ويحق لكل منا أن يعبر بطريقته عن حبه لوطنه في إطار القانون والنظام، لكن المشهد أكبر بكثير مما حدث ويحدث.
في العام 1991 خرج الرئيس الأمريكي جورج بوش؛ وفي تاريخ 11 سبتمبر تحديداً (البعض يرى أن للتاريخ معنى والبعض لا يربطه بشيء) ليعلن في خطاب شهير بداية النظام العالمي الجديد، ويبدو أنه بعد عشر سنوات انطلق النظام العالمي الجديد بعد ضرب برجي التجارة في نيويورك (هناك من ربط التاريخ أيضاً بتاريخ الخطاب الأول لجورج بوش الأب)، وهنا أيضاً يطرح سؤال؛ هل أمريكا نفسها هي من سمحت أو سكتت عن اكتشاف أن القاعدة ستضرب البرجين، هل هي من دبرت أم وجدت أنها علمت بالحادث وتركت الأمور تمضي، حتى تبدأ فعلاً في مشروعها من بعد ما ضرب الإرهاب حربها الصليبية الجديدة، التفاسير والتحليلات كثيرة في ذلك.
ما يعنينا هو ما يجري اليوم في المنطقة، فقد قسم السودان أمام أعين العرب ولم ينطق أحد، لا أهل السودان الكبير ولا العرب ولا الجامعة العربية المسكينة، بل إن العرب وبإيعاز أمريكي سارعوا للاعتراف (بسودان الجنوب).
انتهى تقسيم السودان، واليوم مشروع تقسيم العراق واضح للجميع، أو أن البعض يقول إن التقسيم أصبح واقعاً، الأكراد لهم إقليمهم وجيشهم (والجميع يرى المشهد المتوتر الساعة بين الأكراد وحكومة المالكي والجنوب كذلك) لكن السؤال بعد كل ذلك ما هو القادم، هل مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي نشرت خرائطه سيحدث في الخليج؟
مشروع خارطة الخليج (تقسيم الخليج) البعض أطلق عليه التحالف الصفوي الأمريكي، وهذا التحالف ليس بعيداً عن الجميع، فكيف تحتل أمريكا جاري إيران عن اليمين وعن الشمال وإيران لا تمس؟
ومن الذي أعطى الأمريكان الضوء الأخضر ودعمها في أفغانستان والعراق؟
إنه التحالف الأمريكي الصفوي في المنطقة، وما تحدث عنه ذات يوم المعمم الكويتي الذي سحبت جنسيته المدعو (ياسر الخبيث) عن مشروع البحرين الكبرى إنما هو مشروع أمريكي، هو ذاته في خارطة أمريكا التي رسمتها للشرق الأوسط الجديد، والبحرين الكبرى تبدأ من الكويت شمالاً إلى عمان جنوباً، البعض يقول إن قطر خارج هذا التقسيم ولا نعلم إن كان هذا صحيحاً أم لا.
نشرت سابقاً عن دور ومخطط (برنارد لويس) بتقسيم العالم الإسلامي والشرق الأوسط الجديد، والعملية تتدحرج من ليبيا إلى اليمن والبقية، فأين ستتوقف كرة الثلج؟
بعيداً عن كل ما ذكر، قد يكون ما تطرقنا إليه صحيحاً، وقد يكون بعضه صحيحاً وقد يرى البعض ألا صحة لما ذكر.
هذا حق لأي إنسان، لكن وسط كل هذه المتغيرات والتحالفات الأمريكية الصفوية، ما هو دور حكومات المنطقة؟ ما هو موقف مجلس التعاون؟ هل ينتظر أهل الخليج أن يأتي دورهم في وسط المشروع الأمريكي؟
هل حكومات الخليج تطمئن لتطمينات الأمريكان؟
هل أنتم تثقون بالوعود الأمريكية؟
لماذا حتى الساعة نقف نتفرج كما الشاة التي تنتظر سلخها؟
هل ما يفعله السفير الأمريكي في البحرين وتحالفه مع الانقلابيين هو ضمن المشروع ذاته؟
من الواضح أن هناك مشروعاً كبيراً في المنطقة، وأن السنوات العشر القادمة أو الخمس القادمة، هي سنوات ستحمل متغيرات كثيرة، فمن هو الرابح ومن الخاسر في هذه المتغيرات؟
لماذا تتردد الحكومات الخليجية في الاتحاد، ولماذا تصر أطراف وسط كل هذه العواصف على أمور تافهة إما خيار الوجود أو عدمه؟
إن من يفكر في السلطان الشخصي لدولته، فإن ذلك قد يجعل طرفاً ما يخسر كل شيء، لذلك ينبغي أن نندمج وأن نترك الأمور الصغيرة فالخيار والتحدي تحدي وجود، والتعويل على الأمريكان تعويل خاسر اليوم أو غداً، يبيعونكم في طرفة عين وينقلبون عليكم.
دول الساحل الخليجي جميعاً يجب أن تندمج تحت مركزية الدولة الكبيرة وهي السعودية، الدولة الصغيرة قد تذوب مع تسونامي تسمعون هديره من بعيد. نحن على أبواب 2013، حتى الساعة ليست لدينا في الخليج صناعة عسكرية متقدمة، وهذا أمر لا ينبغي أن يكون في هذا التوقيت رغم كل هذه الطفرة والأموال، فالإيرانيون يعرفون خطورة المساس بالسعودية وهم أجبن بكثير من التفكير بالمساس بها، إلا أنه لا ينبغي أن نشتري سلاحنا من أطراف تخطط لمؤامراتها علينا، غداً سيتوقفون عن البيع، ماذا تملكون حينها من سلاح.
قمة البحرين يجب أن تؤسس لصناعة عسكرية عالية المستوى، الوقت مر سريعاً، ونحن نتشاجر في دورة كأس الخليج هذه الدولة تنسحب، العلاقات تتوتر وهكذا، والآخر يستفيد ويبني قدراته، انهار الاتحاد السوفيتي فاستفادت إيران من العلماء، وجلبنا نحن اللحم الأبيض، هذه هي المفارقات المؤلمة لنا جميعاً.
التحالف الصفوي الأمريكي، الخارطة الجديدة، هل تراها الشعوب فقط، ألا يراها الحكام؟
لماذا نسير وكأننا في جنة الخلد كل شيء تمام ولا نفكر في الغد؟
إن من ينام عن واقعه، ويترك أقداره تسير كما تشاء الريح، لا يلوم إلا نفسه ساعة لا ينفع صوت، ولا تنفع نجدة، ولا تنفع استغاثة وقت الكارثة.
حتى جبهاتنا الداخلية مزقناها، وجنسنا خناجر الخاصرة في منتصف القرن، وها هي الخناجر تكبر وتصبح سيوفاً وتريد إسقاط الحكم، من كنتم تخشون أنهم سينقلبون يوماً ما - كان خروجهم في ذلك الوقت ضد الاستعمار الإنجليزي- هم الذين وقفوا وقفة رجال.
والذين كنتم تظنون أنهم تعديل لكفة الميزان، بوشاية من العلوي والمستشار، خرجوا يريدون إسقاط النظام في 2011، الجرح كبير والألم أكبر، ولا نقول إلا كما قال إخوتنا في سوريا، (مالنا غيرك يا الله)..!
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}