مع الأسف هناك الكثير الكثير من أبناء الوطن العربي المسلوب من العقل والإرادة، من المحيط إلى الخليج، يمارسون دور العراب الأمريكي في المنطقة العربية، فهم يمارسون الأدوار الذي تشتهيها الإرادة الأمريكية، والتي لا تستطيع أن تقوم بها في أوطاننا بطريقة مباشرة، وبذلك فهم يساعدون الأمريكان على المرور لأراضينا وحتى غرف نومنا، كما إنهم يساهمون في أمركة الشرق الأوسط بحجة الديمقراطية والتغيير. كيف يكون ذلك؟ سيأتي الحديث.
نحن وكل العرب يريدون التغيير، لكن ليس وفق القياس والمنهج والفكر الأمريكي، فواشنطن ترغب أن يكون كل شيء عندنا مفصلاً وفق إرادتها، لهذا فهي لا تفكر في حريتنا ولا في ديمقراطيتنا ولا حتى في أوطاننا. ربما يكون الأمر الوحيد الذي توليه كل الأهمية هو سرقة نفطنا والحفاظ على مصالحها الخاصة.
استطاعت واشنطن أن تجند الشباب العربي والجمعيات وغالبية مؤسسات المجتمع المدني في وطننا العربي لتنفيذ أجندتها بصورة يغلب عليها الدهاء السياسي والخبث الأمريكي، حتى استطاعت أن تحرق أوطاننا وتختطف شبابنا، فتأخذهم إلى حيث الموت وعمليات الإرهاب في كل أرض عربية.
لا نعلم كيف نقبض على الديمقراطية في عمليات القتل والترويع وتفخيخ الأجساد وإلقاء القنابل وزرع المتفجرات وتخريب الأوطان وتعطيل المصالح وإفساد المال العام؟ كيف لأمريكا أن تقنعنا بالتغيير، وهي التي تدفع بملياراتها لشراء الضمائر والأجساد العربية في سبيل أن يظل العالم العربي متخلفاً بامتياز؟.
نحن وبالفم المليان لا نريد التغيير وفق السياسة الأمريكية المتصلبة والدموية، بل نريدها وفق مقاييس الحق والحب والسلام والعدل والحرية الحقيقية التي ينشدها كل حر في هذا العالم. إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية جادة في مشروعها نحو التغيير في وطننا العربي فعليها أن تعطينا النموذج الذي تعمل به، لا النظام الذي يجلب المزيد من الويلات والهلكات للعرب، فما تطبقه أمريكا في أمريكا من عدالة ومساواة وديمقراطية لمواطنيها هناك ليس له علاقة على الإطلاق بعمليات التغيير الذي تدعو إليها عبر الشرق الأوسط الجديد.
شباب عربي نراه يسقط كل يوم وبأبشع السقطات في وحل الامتحان الأمريكي العربي، وها هي أجساد شبابنا تتبعثر وتثقب وتمزق شر تمزيق لأجل الشرق الأوسط الجديد، وها هي أمريكا تسرق شبابنا من ديارهم فتصدرهم لدول عربية أخرى لتنفيذ عمليات إرهابية ومسلحة يملؤها العنف وتكتسيها الغلاظة، ليكونوا بعد كل هذا الهذيان الأحمر كبش فداء للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة.
سئمنا التبرير والتعليل وسوق الحجج الواهية من بعض شبابنا حين يتحدثون عن مهمة التغيير، فالتغيير شيء وما يقوم به بعضهم في سبيل خدمة المشروع الأمريكي شيء آخر، فالوضع العربي العام لا يحتمل أن نشاهد المزيد من قوافل الموتى وهي تنساق خلف نداء الفناء الأمريكي بحجة الحرية والتغيير، فإن أول عتبة لارتقاء سلم الديمقراطية والحرية والعدالة العربية هو أن نتحرر كلنا من كل أشكال الرق الأمريكي والصهيوني، ورفض كل أشكال المساومة على الأوطان وكرامة الإنسان، وبعدها فلنتحدث عن التغيير وعن كل مشروع (مشروع).