تحاشياً لإغراق القارئ الكريم في بحر قائمة أسماء من شاركوا في مؤتمر Meet ICT 2012 من أفراد ومؤسسات، سوف أكتفي قدر الإمكان بالحديث عن الحالات والظواهر والتشخيصات دون الإشارة المباشرة لأي من تلك الأسماء. فبعد الانتهاء من أعمال المؤتمر المذكور ينتاب من شارك في جلساته وفيما هو يهم بمغادرة ردهات مركز المعارض، حيث عقدت تلك الجلسات، شعور بالنشوة التي غالباً ما تتركها مغادرة إحدى الرياض التي تكون قد نشرت في أنفه روائح ورودها الطيبة من الأعمال التي قدمت فيه ورسخت في أذهانه معلومات غنية بما حملته عروض محدثيه، ويحمل في جعبته تجارب غنية روى قصصها من عايشوها ونقلوها إليه، وفي نواياه تنفيذ مشاريع وخطط جريئة يريد تحريرها من أسر حيز التفكير الضيق التي يخنقها في ذهنه إلى نطاق فضاءات العمل الرحبة. هذه هي حال من يغادر ساحة روض Meet ICT 2012 الناضر بما احتواه باقة من الأعمال الفكرية والحلول الناجحة في قطاع تقنيات الاتصالات والمعلومات التي لا يملك من عايشها على مدى الأيام الثلاثة الممتدة بين 10-12 ديسمبر 2012، إلا أن يحمل معه منها الانطباع الإيجابي الطيب الذي لا يزول والذكرى الحسنة التي لا تمحى.
جمع مؤتمر Meet ICT 2012، وعلى مدى تلك الأيام الثلاثة كوكبة من رواد مجال تقنيات الاتصالات والمعلومات وأسواقها من الأفراد والشركات والمؤسسات، ممن يمكن تصنيف مشاركاتهم ومداخلاتهم وعروضهم في فئات مختلفة. فكان بينهم الأكاديمي المصر على التقيد بمقاييس البحث العلمي الرصين، ويحرص على عدم «الانحراف» عن بوصلتها قيد أنملة، يعقبه في الحديث مدير إحدى الشركات وهو يعرض تفاصيل مثيرة عن آخر المنتجات، وفي أحيان أخرى آخر الخدمات المتاحة اليوم في الأسواق العالمية والمحلية. وبين هذا وذاك يبرز مدير تقنيات المعلومات والاتصالات كي يسهب دون أن يثير الملل أو الامتعاض في نقل تجربته الغنية في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، مشخصاً الإنجازات دون إخفاء الأخطاء ولا تمويه الصعاب. أما على مستوى الموضوعات، فرغم سيطرة قضية «الحوسبة السحابية» وهي المحور الذي وقع الاختيار كي يكون مادة هذا العام، فقد تشعبت المعالجات كي تناقش موضوعات حيوية مثل المخاطر التي تولدها «الحوسبة السحابية»، ومن ثم مقاييس الأمان المطلوب التقيد بها وجدران النيران التي يتطلب الأمر تشييدها لتوفير بيئة صحية لتلك الحوسبة، والأمان لإجراء عملياتها، والمواد والمعلومات التي تحتضنها تلك البيئة. وعلى نحو موازٍ لكل ذلك تم التوقف عند الخدمات الحيوية المرافقة للحوسبة السحابية وفي المقدمة منها شبكات التواصل الاجتماعي، التي كان لها هي والتعليم الإلكتروني بعد الحوسبة السحابية حصة من أوقات Meet ICT 2012.
وفي سياق الحديث عن مقومات نجاح مؤتمر Meet ICT 2012، لا يمكننا القفز على أحد العناصر التي وفرت لها فرص النجاح، وهو تضافر جهود مجموعة من المؤسسات والإدارات البحرينية التي وضعت إمكاناتها بتصرف اللجنة المنظمة، وفي المقدمة منها هيئة إصلاح سوق العمل «تمكين» وهيئة الحكومة الإلكترونية ومجلس التنمية الاقتصادية، إلى جانب «بيستا» وجمعية البحرين للإنترنت، والتي قادت جميعها إلى بناء فريق متجانس حقق النجاح الذي نتحدث عنه.
في اختصار شديد يمكن للمشارك أن يخرج من مؤتمر Meet ICT 2012، يجاذبه شعوران متكاملان، الأول فرحة بذلك النجاح، خصوصاً وأن المؤتمر أقيم في البحرين، وهي لاتزال في مرحلة التعافي من الأزمة التي عصفت بها على مدى يتجاوز العامين، الأمر الذي يثبت إصرار القطاعين الخاص والعام في البحرين على المساهمة في إعادة بناء ما هدم، والخروج من نفق الأزمة مهما كان سواد ظلمته. أما الثاني، فهو التحديات التي يضعها ذلك النجاح أمام اللجنة المنظمة إن هي أرادت مواصلة ذلك الطريق.
أولى تلك التحديات هي، مدى قدرة اللجنة التنظيمية على القيام بالنقلة النوعية التي تحول بموجبها مؤتمر Meet ICT 2012 من مجرد فعالية سنوية إلى لبنة قوية في صرح صناعة المعارض البحرينية، وهي نقلة مهمة نظراً لما أصبحت تمثله مثل تلك الصناعة من أهمية في أي اقتصاد، كما هو الحال في الاقتصاد البحريني، يرتكز أساساً على اقتصاد الخدمات. والمقصود هنا بمثل هذه الصناعة تلك التي تفوق كثيراً مجرد زيادة دورية مستمرة في عدد المشاركين من متحدثين أو عارضين، إلى إشراك الصناعات الأخرى من شركات اتصالات، ومصممي أجنحة، وفنادق.... إلخ في توفير خدماتهم ومنتجاتهم كي يصبحوا عاملاً حيوياً إيجابياً يساهم في تلك النقلة، وركيزة أساسية فيها.
ثاني تلك التحديات، هي القدرة على الانتقال من مجرد فعالية سنوية بحرينية إلى دائرة أوسع هي العربية، وربما الشرق أوسطية، كي تنضم إليها دول مثل تركيا وإيران. وليس المقصود بتلك النقلة مجرد المتحدثين أو الشركات، وهو ما تحقق إلى حد بعيد هذا العام، وإنما في العارضين والخدمات والمنتجات، بحيث يتحول مؤتمر Meet ICT 2012 إلى منصة سنوية يتنافس على المشاركة فيها كل من لديه منتج أو خدمة يرغب للترويج لها في أسواق الشرق الأوسط التي تصنف في عداد الفئة الناشئة القابلة للنمو والتوسع، والمتعطشة لكل ما هو جديد.
ثالث تلك التحديات، هو النجاح في ربطه بحركة البحث والتطوير في البحرين، وربما في منطقة الخليج العربي، والتي رغم أنها لاتزال، مقارنة بدول أخرى، في مراحلها الجنينية، لكنها هي الأخرى واعدة، وتحمل في أحشائها مقومات النمو والتطور، متى ما وجدت المجال أمامها مفتوحاً لعرض إنجازاتها، وفي حالة معينة لاختبارها، وتلمس نواقصها، من خلال الحديث عنها في محافل شبيهة بمؤتمر Meet ICT 2012. هنا ينبغي التحذير من السقوط فريسة لسلوك التباهي، من خلال التقيد بالمقاييس المتعارف عليها دولياً في هذا الميدان. رابع تلك التحديات، وهو نتيجة حتمية يفرزها التحدي الثالث، وهو القدرة على استقطاب العقول الشابة الواعدة، من رواد الأعمال أو طلبة الجامعات، والراغبة في خوض تجربة معينة، أو اختبار فكرة تبدو في مظهرها الخارجي أنها غير واقعية، ولا تحمل مقومات التحول إلى منتج قابل للترويج، أو خدمة هناك حاجة ملموسة لها. هذا يقود بطبيعة الحال إلى وضع الخطوات على الطريق الصحيحة نحو التأسيس لما يعرف في المجتمعات المتقدمة بالرأسمال المغامر. هنا يتحول مؤتمر Meet ICT 2012 إلى مثلث منتج يكون أضلاعه الثلاثة: الرواد من الشباب، والجامعات الحاضنة لأفكارهم، والرأسمال المغامر الباحث عما هو جديد وغير مألوف.
Meet ICT 2012 علامة بارزة على طريق صناعة المعارض في قطاع تقنيات الاتصالات والمعلومات قادرة على النمو والتطور، لكنها لا تستغني عن الدعم والاحتضان.
{{ article.visit_count }}
جمع مؤتمر Meet ICT 2012، وعلى مدى تلك الأيام الثلاثة كوكبة من رواد مجال تقنيات الاتصالات والمعلومات وأسواقها من الأفراد والشركات والمؤسسات، ممن يمكن تصنيف مشاركاتهم ومداخلاتهم وعروضهم في فئات مختلفة. فكان بينهم الأكاديمي المصر على التقيد بمقاييس البحث العلمي الرصين، ويحرص على عدم «الانحراف» عن بوصلتها قيد أنملة، يعقبه في الحديث مدير إحدى الشركات وهو يعرض تفاصيل مثيرة عن آخر المنتجات، وفي أحيان أخرى آخر الخدمات المتاحة اليوم في الأسواق العالمية والمحلية. وبين هذا وذاك يبرز مدير تقنيات المعلومات والاتصالات كي يسهب دون أن يثير الملل أو الامتعاض في نقل تجربته الغنية في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، مشخصاً الإنجازات دون إخفاء الأخطاء ولا تمويه الصعاب. أما على مستوى الموضوعات، فرغم سيطرة قضية «الحوسبة السحابية» وهي المحور الذي وقع الاختيار كي يكون مادة هذا العام، فقد تشعبت المعالجات كي تناقش موضوعات حيوية مثل المخاطر التي تولدها «الحوسبة السحابية»، ومن ثم مقاييس الأمان المطلوب التقيد بها وجدران النيران التي يتطلب الأمر تشييدها لتوفير بيئة صحية لتلك الحوسبة، والأمان لإجراء عملياتها، والمواد والمعلومات التي تحتضنها تلك البيئة. وعلى نحو موازٍ لكل ذلك تم التوقف عند الخدمات الحيوية المرافقة للحوسبة السحابية وفي المقدمة منها شبكات التواصل الاجتماعي، التي كان لها هي والتعليم الإلكتروني بعد الحوسبة السحابية حصة من أوقات Meet ICT 2012.
وفي سياق الحديث عن مقومات نجاح مؤتمر Meet ICT 2012، لا يمكننا القفز على أحد العناصر التي وفرت لها فرص النجاح، وهو تضافر جهود مجموعة من المؤسسات والإدارات البحرينية التي وضعت إمكاناتها بتصرف اللجنة المنظمة، وفي المقدمة منها هيئة إصلاح سوق العمل «تمكين» وهيئة الحكومة الإلكترونية ومجلس التنمية الاقتصادية، إلى جانب «بيستا» وجمعية البحرين للإنترنت، والتي قادت جميعها إلى بناء فريق متجانس حقق النجاح الذي نتحدث عنه.
في اختصار شديد يمكن للمشارك أن يخرج من مؤتمر Meet ICT 2012، يجاذبه شعوران متكاملان، الأول فرحة بذلك النجاح، خصوصاً وأن المؤتمر أقيم في البحرين، وهي لاتزال في مرحلة التعافي من الأزمة التي عصفت بها على مدى يتجاوز العامين، الأمر الذي يثبت إصرار القطاعين الخاص والعام في البحرين على المساهمة في إعادة بناء ما هدم، والخروج من نفق الأزمة مهما كان سواد ظلمته. أما الثاني، فهو التحديات التي يضعها ذلك النجاح أمام اللجنة المنظمة إن هي أرادت مواصلة ذلك الطريق.
أولى تلك التحديات هي، مدى قدرة اللجنة التنظيمية على القيام بالنقلة النوعية التي تحول بموجبها مؤتمر Meet ICT 2012 من مجرد فعالية سنوية إلى لبنة قوية في صرح صناعة المعارض البحرينية، وهي نقلة مهمة نظراً لما أصبحت تمثله مثل تلك الصناعة من أهمية في أي اقتصاد، كما هو الحال في الاقتصاد البحريني، يرتكز أساساً على اقتصاد الخدمات. والمقصود هنا بمثل هذه الصناعة تلك التي تفوق كثيراً مجرد زيادة دورية مستمرة في عدد المشاركين من متحدثين أو عارضين، إلى إشراك الصناعات الأخرى من شركات اتصالات، ومصممي أجنحة، وفنادق.... إلخ في توفير خدماتهم ومنتجاتهم كي يصبحوا عاملاً حيوياً إيجابياً يساهم في تلك النقلة، وركيزة أساسية فيها.
ثاني تلك التحديات، هي القدرة على الانتقال من مجرد فعالية سنوية بحرينية إلى دائرة أوسع هي العربية، وربما الشرق أوسطية، كي تنضم إليها دول مثل تركيا وإيران. وليس المقصود بتلك النقلة مجرد المتحدثين أو الشركات، وهو ما تحقق إلى حد بعيد هذا العام، وإنما في العارضين والخدمات والمنتجات، بحيث يتحول مؤتمر Meet ICT 2012 إلى منصة سنوية يتنافس على المشاركة فيها كل من لديه منتج أو خدمة يرغب للترويج لها في أسواق الشرق الأوسط التي تصنف في عداد الفئة الناشئة القابلة للنمو والتوسع، والمتعطشة لكل ما هو جديد.
ثالث تلك التحديات، هو النجاح في ربطه بحركة البحث والتطوير في البحرين، وربما في منطقة الخليج العربي، والتي رغم أنها لاتزال، مقارنة بدول أخرى، في مراحلها الجنينية، لكنها هي الأخرى واعدة، وتحمل في أحشائها مقومات النمو والتطور، متى ما وجدت المجال أمامها مفتوحاً لعرض إنجازاتها، وفي حالة معينة لاختبارها، وتلمس نواقصها، من خلال الحديث عنها في محافل شبيهة بمؤتمر Meet ICT 2012. هنا ينبغي التحذير من السقوط فريسة لسلوك التباهي، من خلال التقيد بالمقاييس المتعارف عليها دولياً في هذا الميدان. رابع تلك التحديات، وهو نتيجة حتمية يفرزها التحدي الثالث، وهو القدرة على استقطاب العقول الشابة الواعدة، من رواد الأعمال أو طلبة الجامعات، والراغبة في خوض تجربة معينة، أو اختبار فكرة تبدو في مظهرها الخارجي أنها غير واقعية، ولا تحمل مقومات التحول إلى منتج قابل للترويج، أو خدمة هناك حاجة ملموسة لها. هذا يقود بطبيعة الحال إلى وضع الخطوات على الطريق الصحيحة نحو التأسيس لما يعرف في المجتمعات المتقدمة بالرأسمال المغامر. هنا يتحول مؤتمر Meet ICT 2012 إلى مثلث منتج يكون أضلاعه الثلاثة: الرواد من الشباب، والجامعات الحاضنة لأفكارهم، والرأسمال المغامر الباحث عما هو جديد وغير مألوف.
Meet ICT 2012 علامة بارزة على طريق صناعة المعارض في قطاع تقنيات الاتصالات والمعلومات قادرة على النمو والتطور، لكنها لا تستغني عن الدعم والاحتضان.