ربما تكون الكتابة في هذا الجانب متخلفة زمنياً نوعاً ما، لكنها مازالت حاضرة وبقوة، لأن الشتاء لم ينته بعد، ومن المؤكد أن المطر لن يتوقف رغم بخله الشديد، والحمد لله أنه كان بخيلاً حين هطل لأنه لو كان كريماً لغرقنا.بعد أكثر من 40 عاماً على نشأة البحرين الحديثة يكون من المعيب ونحن من انزلق في أحضان القرن الـ 21 أن نتحدث عن مآسي ما بعد سقوط المطر، وكيف، وإلى الآن لم تتمكن كافة الجهات المعنية بهذا الضيف الجميل (المطر) أن تتعامل معه بطريقة جيدة، ولأنها كذلك، أصبح الناس في البحرين يكرهون المطر، رغم هطوله النادر والجميل، لأن ما يخلفه من أضرار مادية ونفسية لها الأثر الأكبر في خلق هذا النفور تجاهه.يسقط المطر وتظل شوارعنا ومدارسنا وكل طرقاتنا ومدننا وقرانا في البحرين، إضافة للبشر هنا، يعيشون حالة من الطوارئ غير المعلنة، بينما مازالت الجهات المعنية ترسل شاحنات (شفط مياه الأمطار) بطريقة بدائية إلى الشوارع والمدارس والوزارات لشفط ما خلفته الأمطار!!.كان يجب بعد أكثر من 40 عاماً على قيام البحرين الحديثة أن يكون هذا الحديث لاغياً ولا معنى له، وكان يجب أن نتحدث عن أمور أكثر أهمية، كما كان يجب أن تكون قضية فيضان مياه الأمطار عبر شبكات الصرف الصحي أو شبكات صرف مياه الأمطار مسألة محسومة ونالت الكثير من الحلول المتطورة والمتقدمة كبقية دول العالم.الأمطار في البحرين، ورغم ندرتها كما ذكرنا، فإنها كشفت الخلل البارز في عدم معالجة هذه المشكلة الأزلية بالطريقة التي تنتهي فيها إلى الأبد وتختفي آثارها، لأن المطر الذي تساقط هذا الشتاء بصورة متفرقة، إضافة للصور التي شاهدها الجميع لطلبة المدارس وهم يخوضون اللجج المطرية للوصول إلى فصولهم الدراسية بصورة مقززة، ترك أمامنا عشرات من علامات الاستفهام حول ماذا كان يفعل الوزراء؟ وماذا كان يخطط المسؤولون في تلك المؤسسات الرسمية المعنية بمعالجة صرف مياه الأمطار طيلة 40 عاماً من العمل والمسؤولية؟!!إن بقاء الأمطار في شوارع البحرين عالقة ولمدة أكثر من شهر في بعض المناطق، تعطينا ألف علامة تعجب؛ كيف وإلى الآن لم تكتمل شبكة الصرف الصحي وصرف مياه الأمطار في البحرين؟.هل هو الفساد الإداري والمالي؟ أم إنه التقصير المكشوف من قبل الجهات المختصة بذلك؟ أم إن المطر (هو الغلطان) لأنه سقط في أرض ليست مهيئة أصلاً لسقوط المطر؟.بعد غرق المدارس وبعد غرق السيارات بسبب مياه الأمطار المباركة، يجب فتح ملف تحقيق في هذا الاتجاه، كما يجب على النواب تشكيل لجان تحقيق فورية وثورية لمحاسبة كل من يثبت ضلوعه في هذا التقصير، لأن أمامنا اليوم الكثير من القضايا المهمة التي هي أهم بكثير من قضية المطر، يجب علينا معالجتها، لكن لا يمكن معالجة هذه الملفات، ونحن لم نستطع إلى حد الآن شفط مياه الأمطار من الشوارع، فهل وصل المسج؟ أم إنها الفضيحة المتستر عليها؟.