تتوهم جميعة الوفاق ومن على كفالتها أنها مازالت قادرة على إيهام العالم وتضليله بمجرد استخدام الكلام، وبمجرد أن يخرج عناصرها للحديث على الفضائيات، أو بمجرد أن يركز إعلامهم على ما يريدون قوله، تتوهم بأن العالم سيسلم فوراً بما تقول.
الوفاق نجحت نسبياً في عملية التضليل هذه في بدايات الأزمة، نظراً للكم الهائل من التضخيم والفبركة التي قامت بنشرها عبر عديد من وسائل الإعلام، في ظل عدم مواكبة بنفس الحجم من قبل الإعلام الوطني الذي لم يمتلك امتدادات خارجية له بناها على امتداد سنوات طويلة تحسباً لهذا اليوم.
كثير من التضليلات والأكاذيب روجت لها الوفاق وسعت كي يصدقها العالم الغربي، أولها قضية الأغلبية والأقلية، وهي التي تتكسر مصداقيتها فوراً حينما تسأل أي شخص من الخارج يقول بما تقوله الوفاق، إذ متى أقيم في البحرين تعداد قائم على الطائفة، وما هي المراجع الموثقة التي تبنى عليها هذه المعلومة؟!
التاريخ ليس مجرد كلام يقوله أحدهم، ثم يعمد لنشره هنا وهناك، ثم يأتي غيره وصاحب نفس الأجندة والهدف ليقوم بالاستناد إليه مجدداً. هذه الحركة مكشوفة تماماً، ويعرفها حتى طلبة الجامعات الذين يبنون أبحاثهم ودراساتهم العليا على صحة المعلومات والبحث عن مواردها الأصلية وتقييم مدى مصداقيتها وشرعيتها.
اليوم بسهولة يمكننا «اختراع» المصادر، والادعاء بأنها مصادر موثوقة استقينا منها المعلومات الداحضة. بسهولة يمكن لمجموعة أشخاص تأسيس مركز أبحاث ويعمدون لنشر أوراق هنا وهناك ويبعثرونها، ثم يتركونها لفترة، ومن ثم يتم البناء على هذه المعلومات والقول بأن المركز الفلاني ذكرها أو الباحث الفلاني تعرض لها.
عملية الخداع بالنسبة للوفاق وأتباعها أصبحت مهنة وممارسة واضحة، الكذب في حراكها السياسي هو الأساس، والالتفاف على الحقائق والهروب من الوقائع على الأرض بات واضحاً وجلياً حتى للغرب الذي اكتشف بأنه تعرض لعملية تضليل من جانب واحد، تم فيها تغييب حقائق مهمة تدين الطرف الذي يتحدث معهم.
هل رأيتم أو سمعتم الوفاق يوماً تعترف بارتكابها «خطأ واحداً»؟! هل رأيتموها تعترف بقيامها بفعل «تندم» عليه؟! هل رأيتموها تدين عمليات استهداف الأبرياء ورجال الشرطة؟!
الوفاق صورت نفسها على أنها معارضة «معصومة» و»منزهة» لا يصدر عنها الخطأ، بل الأخطاء كلها صادرة من الأطراف التي لا تتفق معها، ولا تسايرها في أجندتها.
مؤخراً أصدرت الوفاق ومن يدور في فلكها وثيقة تحاول أن تخلق هالة إعلامية ضخمة حولها تسميها وثيقة «اللاعنف»، فقط الهدف منها إيهام المجتمع الدولي بأنها رافضة للعنف، وعليه فإن الغرب ينظر للمبادرة على أنها خطوة إيجابية يجب التعاطي معها، باعتبار أن الوفاق تثبت هنا حسن النوايا.
لكن مجرد التمعن في هذه الوثيقة، تذكرنا بما سبقتها وما أسمي بـ»وثيقة المنامة»، وكيف أنه تم تفصيلها على مقياس الوفاق وأتباعها فقط. والهدف من ذلك أيضاً سرقة انتباه المجتمع الغربي و»توسل» أطراف فيه كي تصدر عنها ردود فعل «مرحبة».
وثيقتهم الزائفة تحت مسمى «اللاعنف» فيها أكبر سقطة للوفاق، وتبرز منها أكبر كذبة. إذ كيف تريد أن تكون الوفاق «عرابة» محاربة العنف وهي التي تحرض وتدفع باتجاهه؟! كيف تريد أن تقنع العقلاء ممن يتمعنون في الأشياء ولا يأخذونها على عواهنها بأنها تدين العنف، في حين هي لا تدين إرهاب المولوتوف واستهداف الشرطة ولا تدين التحريض العلني الصريح مثل دعوة مرجعها الديني «اسحقوهم»؟!
كل دعوات الوفاق بشأن العنف مغموسة بـ»التقية السياسية» وتركز في توصيفها للعنف على تحميل المسؤولية للطرف المقابل لها بشكل أكبر، متناسية بأن ما يحصل من جانب الدولة هو «رد فعل» لـ»فعل» هو الإرهاب وهي من ساهم فيه. متناسية بأن المنطق يفرض أن تتحرك أجهزة الأمن للحفاظ على أمن البلد وأهله لا أن تقف وتتفرج.
كلام الوفاق، تصريحات أعضائها، أوراقها ووثائقها، لا يمكن للعاقل أو أقلها المحايد أن يصدقها أو تنطلي عليه، لأنها تكشف وبكل وضوح عن خطاب مزدوج، وتعاطٍ قائم على أجندة معينة، تثبت بأنه مجرد كلام يقال دون إيمان به أو تطبيق له.
الوفاق «تقتل القتيل وتمشي في جنازته»، بدلاً من أن تدين ممارسي الإرهاب، توجه الاتهام للطرف الذي يتصدى للإرهاب سعياً للحفاظ على البلد، وتوثق موقفها العنصري الطائفي البغيض في وثيقة تظن من خلالها أنها ستخولها ممارسة التضليل والضحك على العالم بأسره.
وثيقة «اللاعنف» يفترض بها إدانة العنف، لكنها لا تتطرق لمصدر العنف من محرضين وداعين له وحامين لمرتكبيه ولا تدينهم بحرف واحد، وثيقة تدعو لـ»اللاعنف» لكنها لا تصنف المولوتوف كوسيلة للعنف وتدعو لمحاربته والتصدي لمن يستخدمه. والله شر البلية ما يضحك