حين حضرت أوبريت القدس (أرض الأنبياء) في العاصمة المنامة، كنت أشعر هذا الشعور الفاخر؛ بأن كل الفنانين العرب الذين ساهموا في هذا الأوبريت استطاعوا إحضار القدس إلى المنامة أو من نقلنا إليها، فالمشاهد والأغنيات والاستعراضات التي قاموا بها وقدموها لنا لم تكن سوى تحضير الأنفس وشحذها للرحيل نحو بيت المقدس.
لم يكن هذا شعوري الشخصي؛ بل رأيت هذا الوعي في كل وجوه الحاضرين، وفي ابتساماتهم وفي دموعهم وفي لغة أجسامهم، وفي التصفيق الحار الذي يلي كل فقرة من فقرات الحفل.
من أكد لي هذا الشعور الساكن في أحشائي هو السفير الفلسطيني لدى البحرين، السيد طه محمد عبدالقادر، حين سألته عن انطباعاته الشخصية حول الأوبريت وما تخلله من استعراضات فلسطينية محضة، فقال لي وهو ماسكاً كتفي بحرارة: (شعرنا أن مدينة القدس انتقلت للحظات إلى المنامة).
أطفال مقدسيون وصبايا مثلوا فرقة (أوف) جاؤوا إلى البحرين ليتحدثوا إلينا بلغة الجسد ولغة الموسيقى عن حق العودة وعن عروبة فلسطين الأزلية، كما أكدوا من خلال الدبكة الفلسطينية الأصيلة ومن خلال الابتسامات البريئة التي لم تغادرهم، أن القدس هي عاصمة السلام وأرض الأنبياء ومهبط الرسالات. حركاتهم الملتهبة والمأسورة بقدس القداسات تشي بالحديث عن الحنين والحب والغربة والعذابات والشهداء والجراح والظلام والصمود، وقبل كل ذلك الأمل.
صفقوا وغنوا ورقصوا وضحكوا وبكوا وتفاعلوا وتفاءلوا، كل ذلك من أجل تأكيد حق العودة، فكانت القدس وحيفا ويافا وغزة وحتى من هم في مخيم اليرموك، ومن هم في كل شبر فلسطيني ينشد معهم أنشودة المطر، فكان كل من سميح قاسم وناجي العلي ومحمود درويش وفدوى طوقان وإدوارد سعيد وكل شعراء فلسطين ومفكريها وأدبائها موجودين على أرض المسرح، وفي كل فقرة من فقرات العرض الخلاب.
رامي اليوسف، أبدع في مجمل الأوبريت، لأن نقل القدس إلى المنامة يحتاج إلى جسد منهك وروح مثخنة بالعذابات والأمل، كما يحتاج للغة عذبة وبسيطة ومؤثرة، وهذا الذي فعله اليوسف حين قرر نقلنا ونحن في المنامة إلى القدس في (ساعة زمن) كانت عصية على الفهم، لكننا لم نكن نريد لها أن تنقضي.
حين عجزت السياسة عن بث الروح العربية والمقدسية في نفوسنا المهلهلة جاء الفن من بعيد ليحيي الأمل من أعماقنا، ويذكرنا بالقدس التي في الحقيقة لم تغب لحظة من قلوبنا ومشاعرنا وجوارحنا. استطاع الفنانون العرب ومعهم الأطفال الذين غنوا القدس بطريقة فلكلورية رهيبة، أن يقدموا للحضور جزءاً من الرسالة المقدسة، واستطاعوا أن يقولوا ما عجز الساسة أن يقولوه لنا طيلة عقود من الزمن.
ما أحوجنا إلى هذا الفن الملتزم بقضاياه وبعروبة أوطاننا، فالقدس ما برحت تبكي تناجينا وتنخانا، لأن الصمت العربي المذل، أعطى الفرصة الذهبية للصهاينة للتحرك من أجل تهويد القدس، وإحياء خرافة هيكل سليمان، لكن كل هذه الأوهام المنحرفة للمغتصبين، سوف تزول من الوجود، مع إشعال أول فتيل من الدموع والشموع المقدسية، وسواء كانت تحت ظلال المسجد الأقصى أو حتى في المنامة، وشكراً لكل من أحيا القدس من دواخلنا في تلكم الليلة العظيمة الرائعة.
لم يكن هذا شعوري الشخصي؛ بل رأيت هذا الوعي في كل وجوه الحاضرين، وفي ابتساماتهم وفي دموعهم وفي لغة أجسامهم، وفي التصفيق الحار الذي يلي كل فقرة من فقرات الحفل.
من أكد لي هذا الشعور الساكن في أحشائي هو السفير الفلسطيني لدى البحرين، السيد طه محمد عبدالقادر، حين سألته عن انطباعاته الشخصية حول الأوبريت وما تخلله من استعراضات فلسطينية محضة، فقال لي وهو ماسكاً كتفي بحرارة: (شعرنا أن مدينة القدس انتقلت للحظات إلى المنامة).
أطفال مقدسيون وصبايا مثلوا فرقة (أوف) جاؤوا إلى البحرين ليتحدثوا إلينا بلغة الجسد ولغة الموسيقى عن حق العودة وعن عروبة فلسطين الأزلية، كما أكدوا من خلال الدبكة الفلسطينية الأصيلة ومن خلال الابتسامات البريئة التي لم تغادرهم، أن القدس هي عاصمة السلام وأرض الأنبياء ومهبط الرسالات. حركاتهم الملتهبة والمأسورة بقدس القداسات تشي بالحديث عن الحنين والحب والغربة والعذابات والشهداء والجراح والظلام والصمود، وقبل كل ذلك الأمل.
صفقوا وغنوا ورقصوا وضحكوا وبكوا وتفاعلوا وتفاءلوا، كل ذلك من أجل تأكيد حق العودة، فكانت القدس وحيفا ويافا وغزة وحتى من هم في مخيم اليرموك، ومن هم في كل شبر فلسطيني ينشد معهم أنشودة المطر، فكان كل من سميح قاسم وناجي العلي ومحمود درويش وفدوى طوقان وإدوارد سعيد وكل شعراء فلسطين ومفكريها وأدبائها موجودين على أرض المسرح، وفي كل فقرة من فقرات العرض الخلاب.
رامي اليوسف، أبدع في مجمل الأوبريت، لأن نقل القدس إلى المنامة يحتاج إلى جسد منهك وروح مثخنة بالعذابات والأمل، كما يحتاج للغة عذبة وبسيطة ومؤثرة، وهذا الذي فعله اليوسف حين قرر نقلنا ونحن في المنامة إلى القدس في (ساعة زمن) كانت عصية على الفهم، لكننا لم نكن نريد لها أن تنقضي.
حين عجزت السياسة عن بث الروح العربية والمقدسية في نفوسنا المهلهلة جاء الفن من بعيد ليحيي الأمل من أعماقنا، ويذكرنا بالقدس التي في الحقيقة لم تغب لحظة من قلوبنا ومشاعرنا وجوارحنا. استطاع الفنانون العرب ومعهم الأطفال الذين غنوا القدس بطريقة فلكلورية رهيبة، أن يقدموا للحضور جزءاً من الرسالة المقدسة، واستطاعوا أن يقولوا ما عجز الساسة أن يقولوه لنا طيلة عقود من الزمن.
ما أحوجنا إلى هذا الفن الملتزم بقضاياه وبعروبة أوطاننا، فالقدس ما برحت تبكي تناجينا وتنخانا، لأن الصمت العربي المذل، أعطى الفرصة الذهبية للصهاينة للتحرك من أجل تهويد القدس، وإحياء خرافة هيكل سليمان، لكن كل هذه الأوهام المنحرفة للمغتصبين، سوف تزول من الوجود، مع إشعال أول فتيل من الدموع والشموع المقدسية، وسواء كانت تحت ظلال المسجد الأقصى أو حتى في المنامة، وشكراً لكل من أحيا القدس من دواخلنا في تلكم الليلة العظيمة الرائعة.