ربما نتذكر ونحن نعيش هذه المرحلة من تاريخ البحرين، وبما تحتويه من إرهاصات ومن تشنجات سياسية وطائفية، بالرواية العالمية (الحب في زمن الكوليرا) للروائي العظيم (غابرييل غاريسيا ماركيز) وكذلك بروايته العالمية (مئة عام من العزلة). ليس مثلهما تحديداً، حتى لا نشطّ أو نبالغ في الوصف، ولكن الشيء بالشيء يذكر، وبه يمكن لنا أن نتذكَّر.
فالبحرين الضاربة في عمق التاريخ، والمتجذرة في صلب الحضارة، تواجه مجموعة من التحديات، عليها أن تتجاوزها بأمان كي لا تسقط سقطة الحصان المميتة.
عموما، ليس هو هذا مقصدنا، بل أن التغيّرات السياسية التي شهدتها البحرين مؤخراً، جعلت طعم الحب والفرح كطعم الكوليرا، ولم يعد للنخيلات المتفرقة في هذه الجزيرة زهوها المعهود، ولم تعد السواحل التي يقصدها الناس، هي ذاتها السواحل التي كانت مرفأ الأجداد بعد مجيئهم من رحلة الغوص المميتة، فلا المنازل ولا الشوارع ولا الابتسامة ولا كل ما يشي بالحب هنا، ظل كما هو، فنحن وفي هذا السياق إما نعيش عزلة أو نواجه وباء الكوليرا.
نحاول أن نسترق الوقت في خلسة من جنون السياسة إلى حيث العزلة عنها وعن المجتمع، نأخذ أطفالنا إلى أسوار الحدائق وما تبقى لنا من سواحل، مُسْتَجْدِين الضحكات ومحاولة نسيان الحزن، لكن شبح مرض الكوليرا يلاحقنا وربما يلاحق صغارنا.
نحاول كلما كانت هنالك فرصة للمحاولة، في أن ننجو ليس بأنفسنا وأرواحنا التي هرمت وحسب، بل بصغارنا المتعطشين للحب والتسامح والمودة والسلام، هذه القيم التي سحقتها سنوات الجدب من فم هذه الأجيال، ويا ليتهم أذنبوا!!.
هذا ليس هذيان، بل هو واقع في شكل هذيان، فلا لقمة طابت ولا ضحكة اكتملت، ولا طفل أتمَّ بأُنسه ملابس العيد، فنحن اليوم نعيش كي نكمل ما تبقى من العمر، بعيدون كل البعد عن قذارة السياسة، فلا نريد أن نُشَوِّه أو نُنَجِّس أرواح صغارنا بلوثاتها ولوثات الطائفية.
أتعجب من بعض من يقوم بتربية أبنائه على الكراهية والطائفية، ويقطع كل خطوط العودة، وهل ينقص أطفالنا من أن يكون كذلك، في ظل هذه الأجواء الملبَّدة بالعنف الرمزي والجسدي والمعنوي والإنساني؟ أم أنه الجنون الذي لا يريد للحب أن ينتشر بطريقة أسهل من انتشار الكوليرا؟
سنظل نأخذ أطفالنا إن سنحت لنا الفرص لذلك، إلى حيث فضاء البحر والنخيل، وسنسرد عليهم قصص الحب والتعايش والتآخي والتسامح والمودة والفرح والحزن وكل القيم الإنسانية العظيمة التي شربناها منذ وعينا على هذه الحياة، تلك التي نهلنا منها عند مأذنة الفاضل وبين أزقة المحرق العتيقة، وعند الحدود الفاصلة بين القرى والمدن المختلطة، وبين العيون الطبيعية. كل هذا سنفعله، من أجل أن نعالج الكوليرا الروحية من عمق النفس قبل إزالتها من خلايا الجسد.
لو أدرك الأجداد العظماء، ما نحن عليه اليوم من لوثات الروح، لفضلوا الرحيل من عالمنا هذا، ولو كان رحيلهم قاسياً، سواء كان عن طريق الكوليرا أو الطاعون أو الجدري، أو كل مرض جسماني، لا يكلف الروح إلا الرحيل الناعم إلى بارئها. أما نحن فإما أن نقوم بغسل أدران النفس من خطايا الطائفية، أو أن نسأل الله موتاً بين البحر والنخيل أو حتى الكوليرا.
فالبحرين الضاربة في عمق التاريخ، والمتجذرة في صلب الحضارة، تواجه مجموعة من التحديات، عليها أن تتجاوزها بأمان كي لا تسقط سقطة الحصان المميتة.
عموما، ليس هو هذا مقصدنا، بل أن التغيّرات السياسية التي شهدتها البحرين مؤخراً، جعلت طعم الحب والفرح كطعم الكوليرا، ولم يعد للنخيلات المتفرقة في هذه الجزيرة زهوها المعهود، ولم تعد السواحل التي يقصدها الناس، هي ذاتها السواحل التي كانت مرفأ الأجداد بعد مجيئهم من رحلة الغوص المميتة، فلا المنازل ولا الشوارع ولا الابتسامة ولا كل ما يشي بالحب هنا، ظل كما هو، فنحن وفي هذا السياق إما نعيش عزلة أو نواجه وباء الكوليرا.
نحاول أن نسترق الوقت في خلسة من جنون السياسة إلى حيث العزلة عنها وعن المجتمع، نأخذ أطفالنا إلى أسوار الحدائق وما تبقى لنا من سواحل، مُسْتَجْدِين الضحكات ومحاولة نسيان الحزن، لكن شبح مرض الكوليرا يلاحقنا وربما يلاحق صغارنا.
نحاول كلما كانت هنالك فرصة للمحاولة، في أن ننجو ليس بأنفسنا وأرواحنا التي هرمت وحسب، بل بصغارنا المتعطشين للحب والتسامح والمودة والسلام، هذه القيم التي سحقتها سنوات الجدب من فم هذه الأجيال، ويا ليتهم أذنبوا!!.
هذا ليس هذيان، بل هو واقع في شكل هذيان، فلا لقمة طابت ولا ضحكة اكتملت، ولا طفل أتمَّ بأُنسه ملابس العيد، فنحن اليوم نعيش كي نكمل ما تبقى من العمر، بعيدون كل البعد عن قذارة السياسة، فلا نريد أن نُشَوِّه أو نُنَجِّس أرواح صغارنا بلوثاتها ولوثات الطائفية.
أتعجب من بعض من يقوم بتربية أبنائه على الكراهية والطائفية، ويقطع كل خطوط العودة، وهل ينقص أطفالنا من أن يكون كذلك، في ظل هذه الأجواء الملبَّدة بالعنف الرمزي والجسدي والمعنوي والإنساني؟ أم أنه الجنون الذي لا يريد للحب أن ينتشر بطريقة أسهل من انتشار الكوليرا؟
سنظل نأخذ أطفالنا إن سنحت لنا الفرص لذلك، إلى حيث فضاء البحر والنخيل، وسنسرد عليهم قصص الحب والتعايش والتآخي والتسامح والمودة والفرح والحزن وكل القيم الإنسانية العظيمة التي شربناها منذ وعينا على هذه الحياة، تلك التي نهلنا منها عند مأذنة الفاضل وبين أزقة المحرق العتيقة، وعند الحدود الفاصلة بين القرى والمدن المختلطة، وبين العيون الطبيعية. كل هذا سنفعله، من أجل أن نعالج الكوليرا الروحية من عمق النفس قبل إزالتها من خلايا الجسد.
لو أدرك الأجداد العظماء، ما نحن عليه اليوم من لوثات الروح، لفضلوا الرحيل من عالمنا هذا، ولو كان رحيلهم قاسياً، سواء كان عن طريق الكوليرا أو الطاعون أو الجدري، أو كل مرض جسماني، لا يكلف الروح إلا الرحيل الناعم إلى بارئها. أما نحن فإما أن نقوم بغسل أدران النفس من خطايا الطائفية، أو أن نسأل الله موتاً بين البحر والنخيل أو حتى الكوليرا.